في حوار أجرته جريدة العمق المغربية الالكترونية مع القيادي البارز في حزب العدالة والتنمية محمد يتيم، يستنكر فيه تتبع الناس لحركاته وسكناته، ويعتبر فيما سماه “وضع النقط على الحروف” أن الإسلام أباح الزواج من الكتابية التي هي على عقيدة أخرى واعتبر مؤسسة الزواج مؤسسة دامجة بالطبيعة وتوفر فرص أكبر لتقليص الفوارق على مستوى العقيدة أو الأخلاق أو السلوك، كما ذهب إلى الدعوة إلى مراجعة عدد من التصورات المحكومة بالنزعة الطائفية أو الانتماء الحركي أو السياسي، ويقول بأن الحجاب كان مرتبطا من قبل بالانتماء التنظيمي أو الحركي، كما أنه ليس معيارا للتدين والالتزام الأخلاقي. بداية نقول للسي يتيم أنت شخصية عمومية ولست كأي أحد من العامة، وبالتالي فأنت تحت الأنظار أحببت أم كرهت، ومن حق الناس أن يقوموا اعوجاجك أو اعوجاج غيرك من الذين هم في منصبك أو أقرب، وبالتالي فلا داعي للإنكار على الناس أن يفعلوا ذلك، وقبل أن نقول لك بأن من حقك الرد على الشائعات نقول لك كان عليك أن تحسب حسابك وتحترم ما ربيتمونا عليه وهو الابتعاد عن الشبهات وألا نرعى قرب الحمى حتى لا نوشك أن نقع فيه، وهو أن تقبل بمدلكة أنثى وهذا أول خطإ ما كنت لتقبله لو فعله أي تلميذ من تلامذتك ولو استفتاك أحد ما كنت لتفتي له بذلك، كما ما كنت لتقبل بأن يدلك رجل قدم زوجتك أو ابنتك؟ فكيف تجيز لنفسك ما لا تستطيع أن تجيزه لغيرك؟ إن كل ما قلت في الحوار كان غطاء لتخفي جوابا عن سؤال: كيف تضع يدك في يد امرأة لا تحل لك ولا يجمعك بها أي عقد شرعي، أليس هذا ما ربيتمونا عليه، ألم تربونا على أن الحجاب آية من آيات الله، وأنه مصنوع من الراية الإسلامية في الصراع الحضاري المحتدم، ألم تعيدوا نشر كتب الدكتور أحمد الأبيض حتى يستوعب تلامذتكم أن الزي الإسلامي فلسفة حضارية فكيف حولته بعدما صرت وزيرا إلى شكل ثانوي لا يمثل الأخلاق ولا القيم. غريب أن تتحدث عن الإكراه في الدين، في خضم الحديث عن اختيار شخصي من رجل لامرأة يتأسس على توجيهات نبوية محضة باعتباره مسلما، هي “فاظفر بذات الدين تربت يداك” والحجاب جزء من الدين، (وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) فكيف تستهين بالحجاب في الوقت الذي كنت تدافع عنه يوم كان مقلقا لفرنسا وبلجيكا، وأصبحت تقوم بلي عنق قيمته وتحريف مقاصده لتصنع به غلافا لأخطائك، ففي الوقت الذي تخليت أنت عن اعتبار الحجاب والدفاع عنه لازال الكاتب الفرنسي بيير تيفانيون يدافع عنه أي: الحجاب، كما لازال الكاتب الأمريكي بيتر هوبكينز، الذي انتقد النظرة الغربية السلبية للحجاب الإسلامي وطالب بضرورة تغييرها، يدافع عن الحجاب حيث قال فى مقالة بصحيفة نيوزويك: إن المجتمع يسيء الحكم على مرتديات الحجاب، قائلا: “إن ارتداء الحجاب علامة على الإيمان والأنوثة” وأما عن الأكاديمية الإسبانية خيمة مارتين مونيوت فتقول: إن النساء المسلمات بفضل حجابهن وتعلمهن اكتسبن الاستقلال الفكري، وبفضل هذا الاستقلال الفكري استطعن تفسير دورهن في المجتمع حسب الفهم الحقيقي للإسلام” انظر كيف أصبح الغربيون أوفياء لقيمنا ومبادئنا التي ربيتنا أنت عليها فكيف تتنكر لها على حساب رغبة شخصية في الارتباط بسيدة. كيف لا يكون الحجاب جزءا من المعايير على التدين والالتزام الأخلاقي؟ و.بقولك بعكس ذلك تكون قد حَكَّمْت الواقع على شرع الله، فالالتزام بالحجاب هو التزام بشرع الله ومن وضعته وأخلت به من النساء أخلاقيا فالذنب يرجع عليها وليس على الحجاب. وكيف تدعو إلى مراجعة عدد من التصورات المحكومة بالنزعة الطائفية (ولا طائفية عندنا) أو الانتماء الحركي أو السياسي من موقع السياسي الذي ينحني أمام الإكراهات ويخضع لمنطق المساومة، ولهذا فالأمر متروك للعلماء الذين يمتلكون أدوات الدعوة إلى المراجعة من موقع بعيد عن أن يخضعوا لحسابات الضغط وعوامل التعرية السياسية. وتقول: إن الحجاب كان مرتبطا من قبل بالانتماء التنظيمي أو الحركي، فمتى كان الحجاب مرتبطا بالارتباط التنظيمي والحركي؟ لقد ظللت أسمع بأذني طوال حياتي الإخوة يقولون ” فاظفر بذات الدين” ولم يقولوا يوما “فاظفر ببنت حاتم أو العدل والإحسان تربت يداك”، وهل تعتقد بأن حركتك وحدها من كانت تعرف التدين وتمتثل لأمر الدين، أم تراك تعتقد بأن الحجاب كان حكرا على المنتميات لحاتم فقط؟ الوطن أوسع من هذه الحركة وأرحب والمغاربة المتدينون ليسوا كلهم أعضاء منتمين لهذه الحركات الإسلامية. أنت الذي علمتنا كيف نحترم تعاليم الإسلام ولا نخضعها لأهوائنا وشهواتنا فقلت في كتابك ” الوسطية والاعتدال”: “يجب تقديم الإسلام في حقيقته ونصاعته وثوابته ومحكماته بعيدا عن تأويلات مغرضة تريد أن تجعله مسايرا للأهواء قابلا لكل انحراف متخففا من كل التزام، مقرا بكل تفريط وتسيب تحت دعوى التسامح والاعتدال، بينما الاعتدال والوسطية في الحقيقة استقامة على ما جاء به القرآن وما أقرته السنة الصحيحة ولو جاء على خلاف الأهواء”ص99. إن الحديث عن الحجاب الشرعي بهذا التوصيف سيجعل منه موضوعا ليس ذا جدوى ولا بأس للفتاة أن تتحرر منه لأنه ليس بالضرورة أن تتحجب رغم أنه معلوم من الدين بالضرورة، كما أن السلوك الذي وقعت فيه يُشَرْعِنُ لكل شاب أن يضع يده في يد مخطوبته ويخرج معها ويجالسها كيف يشاء، ويضرب لها المواعيد تلو الأخرى في أفخم أو أرخص الفنادق والمطاعم، على عكس ما علمتنا عندما كنا صغارا وحدثتنا عن اجتناب الخلوة وإلزامية حضور المحرم، أما السفر والموعد في بلدان الأضواء فذلك شيء آخر لم تحدثنا عنه لأنك ما كنت تظن يوما أنك ستصير وزيرا وذا نفوذ ومن الممكن أن تضرب مواعيد في بلدان أخرى. فقط أريد أن أعرف من حزب العدالة والتنمية، يا ترى لو أن أحد المناضلين العاديين أو من القياديين الصغار الذين يقودون الحزب إقليميا أو محليا قد وقع في نفس ما وقع فيه الوزير وعضو الأمانة العامة يتيم، هل كان سَيُغَضُّ الطرف عنه ويستمر في القيام بمهامه بشكل عادي كأن شيئا لم يقع؟ أم أن الحكم دائما يطال الضعفاء أما ذوي المنصب والجاه والمرتبة فيتركون، فاعلموا يرحمكم الله أن الله تعالى قال: (لا يجرمنكم شنآن قوم ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كان الذين من قبلكم إذا سرق فيهم الوجيه تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد”.