مجلس وزاري برئاسة الملك يصادق على الخطوط العريضة لمالية 2025 ويعين في مناصب سامية (بلاغ)    أمانة المصباح: "اغتيال السنوار لن توقف مسيرة النضال والجهاد على طريق تحرير فلسطين"    بالإجماع.. انتخاب نصر الله الكرطيط رئيسا جديدا لنادي اتحاد طنجة وهذه تشكيلة المكتب المديري    تكريم الشوبي والزياني يزين حفل افتتاح المهرجان الوطني للفيلم بطنجة    سفيرة الاتحاد الأوربي بالمغرب تنشر خلاصات المجلس الأوربي: تجديد التأكيد على ضرورة الحفاظ على العلاقات الوثيقة ومواصلة تعزيزها في كافة مجالات الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي        مكناس.. ترويج "الماحيا" يقود شخصا للاعتقال    كان متوجهاً لإلقاء خطبة الجمعة.. إمام يتعرض لحادثة سير خطيرة بالدريوش (صور)    الأمين العام الأممي يُطْلِع مجلس الأمن على دينامية فتح قنصليات عامة في الصحراء المغربية    دورة جماعة بوعرك تنتهي ب"لا شيء"    شباب السوالم يقلب الطاولة على الرجاء    جلسة عمومية مشتركة لمجلسي البرلمان لتقديم مشروع قانون المالية    عاجل.. الملك محمد السادس يعين شكيب بنموسى مندوبا ساميا للتخطيط خلفا للحليمي    ارتفاع واردات إسبانيا من الفواكه القادمة من المغرب بنسبة 80 بالمائة    الملك ترأس الجمعة مجلسا وزاريا تداول حول التوجهات العامة لمشروع قانون المالية وصادق على تعيينات في مناصب عليا    اللجنة الرابعة للجمعية العامة الأممية تعتمد قرارا جديدا بخصوص الصحراء المغربية يجدد الدعم للعملية السياسية    فرقة ثفسوين من الحسيمة تتوج بالجائزة الوطنية للثقافة الامازيغية    قرعة متوازنة للجيش في "كان السيدات"    المغرب يسجل حالة وفاة ب"كوفيد- 19"    ثلاثة أشخاص من الناظور ينجحون في الوصول إلى مليلية سباحة    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    ياسين كني وبوشعيب الساوري يتوجان بجائزة كتارا للرواية    بوريطة يؤكد على "سواحل بحرية للمملكة تشمل 3500 كيلومترا" خلال مباحثات مع الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية    المنتخب الوطني النسوي يخوض مباراتين وديتين أمام تنزانيا والسنغال    نمو حركة النقل الجوي بمطار الحسيمة بنحو 19 في المائة مع متم غشت الماضي    الدولي المغربي إلياس بن الصغير ضمن قائمة ال 25 مرشحا لجائزة "الفتى الذهبي 2024"    مصدر يوضح حقيقة حذف زياش صوره مع المنتخب المغربي    عقوبات صارمة تنتظرأرباب المطاعم والفنادق بالناظور بسبب لحوم الدجاج    المنتخب المغربي يتقدم مركزا في التصنيف العالمي للفيفا        حماس تخرج بأول رد لها عقب اغتيال القيادي يحيى السنوار    حركة حماس تنعي رئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    في تقرير حديث للأرصاد.. 2023 الأكثر حرارة بالمغرب خلال 80 سنة الماضية    شفشاون تحتضن فعاليات مهرجان الضحك في نسخته الرابعة    تامسنا: عرض مسرحية "دوخة" للتحسيس بمرض السرطان    ⁨انفوجرافيك | تدهور مستوى المعيشة للأسر المغربية خلال الفصل الثالث من 2024⁩    التوترات الجيوسياسية تدفع الذهب لأعلى مستوياته على الإطلاق    كائنٌ مجازي في رُكْن التّعازي! (من رواية لم تبدأ ولم تكتمل)    السنة الثقافية 2024 .. مبادرة "قطر تقرأ" تقرب الأطفال من ثقافات البلدين    لواء سابق بالجيش الاسرائيلي: "قطيع من الحمقى يقود دولتنا نحو خطر يهدد وجودها"    سعر الذهب يتجاوز 2700 دولار للأونصة    مجلس المستشارين يعلن أسماء أعضاء مكتبه ورؤساء اللجان الدائمة    مطالب للحكومة بالارتقاء بحقوق النساء والوفاء بالتزاماتها    نسبة الفقر تقارب مائة في المائة في قطاع غزة بعد عام على بدء الحرب    بعد طوفان الأقصى أي أفق لمقترح "حل الدولتين" ؟    علماء يطورون تقنية جديدة لتجنب الجلطات الدموية وتصلب الشرايين    أمريكا: مقتل السنوار فرصة لنهاية الحرب    عبد الرحيم التوراني يكتب من بيروت: في الحروب يقف الموت على الأبواب    المديني: المثقفون العرب في فرنسا يتخوفون من إبداء التضامن مع قطاع غزة    الدولي المغربي رضا بلحيان محط اهتمام مجموعة من الأندية الأوروبية    تسجيل أزيد من 42 ألف إصابة بجدري القردة بإفريقيا منذ مطلع 2024    دراسة تظهر وجود علاقة بين فصيلة الدم وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا الإسلاميون مرعوبون من تدريس وترسيم الأمازيغية بالحرف اللاتيني؟
نشر في العمق المغربي يوم 04 - 10 - 2018

يستطيع المواطن المغربي المتعلم الناطق بالدارجة فقط أن يقرأ بمنتهى السهولة وبشكل فوري وبدون أي تعليم إضافي أية وثيقة أو رسالة أو فاتورة أو لوحة طرقية أو لوحة إشهارية مكتوبة بالأمازيغية بالحرف اللاتيني. وحتى لو لم يفهم العبارة الأمازيغية أو النصوص الأمازيغية فسيستطيع على الأقل قراءتها بشكل متوسط أو لا بأس به بل وأن يتذكر بعض كلماتها مثلما أستطيع أنا مثلا أن أتذكر كلمة نرويجية مكتوبة بالحرف اللاتيني رغم أنني لم أفهم معناها. وإذا توفرت ترجمة مرافقة بالعربية مثلا فسيعرف بالضبط معنى العبارة الأمازيغية بالمكتوبة بالحرف اللاتيني مما يجعله يتعلم الأمازيغية فورا مثلما يتعلم كثير من المغاربة الكلمات الفرنسية التي يقرأونها على الوثائق واللوحات الفرنسية-العربية في شوارع وإدارات المغرب.
أما المواطنون المغاربة المتعلمون الناطقون بالأمازيغية فاستفادتهم من الأمازيغية المكتوبة بالحرف اللاتيني فستكون أعظم بكثير لأنهم سيتمكنون فوريا من فهم الأمازيغية المكتوبة بفضل معرفتهم بالحرف اللاتيني الذي تعلموه في المدرسة. وهكذا تمر الأمازيغية إلى وظيفة لغة عملية حقيقية تلعب دورها الاجتماعي كاملا مثل التركية في تركيا والبولونية في بولونيا والماليزية في ماليزيا.
إذن فإن أي مواطن مغربي متعلم قليلا ناطق بالدارجة أو ناطق بالأمازيغية يجد نفسه أمام العبارات الأمازيغية التالية على لوحات طرقية في مدينته فهو سيستطيع قراءتها وحفظها وفهمها فورا:
قِفْ BEDD
ممنوع الوقوف ABEDDI YEGDEL
التدخين ممنوع TIKMI TEGDEL
منطقة ممنوعة AGDAL
الميدان ASAYES
الدخول ADAF
الخروج UFUƔ
البلدية TAƔIWANT
الجماعة الحضرية TAGRAWT TAƔEṚMANT
الحيّ الإداري TUDDURT TADEBLANT
الحيّ الصناعي TUDDURT TAMGURIYANT
الحيّ التجاري TUDDURT TANEZZUYANT
المَدْرسة AƔERBAZ
الابتدائية TAMENZUT
الإعدادية TASEMMUTGANT
الثانوية TASINANT
الجامعة TASDAWIT
المحكمة TASENBAḌT
مركز المدينة AMMAS EN YIƔṚEM
الباركينغ ASBEDDI
السوق AGADAZ
المستشفى ASGANFU
الحديقة AFARAG
المطعم ASACCU
الصيدلية TASASFERT
الشارع AƔLAD
الزنقة TASUKT
البولڤار AZEGLAL
الساحة ASARAG
الملعب ANNAR
الشاطئ ASLIM
البحر ILEL
النهر ASIF
الفندق AZAGEZ
النزل / المبيت ASENSU
المحطة TAMEƔSURT
المطار ANAFAG
الميناء ASAGEN
الإقليم TAMNAḌT
الثكنة (القشلة) TIQCELT
القلعة TIMIDELT
الطريق السريعة ABRID UFSIS
الطريق الوطنية ABRID AMURAN
القنطرة TASEGḌEMT
حديقة الحيوانات AFARAG IMUDAREN
وبهذا تصبح الأمازيغية بالحرف اللاتيني قادرة على الانتشار في كل مناطق المغرب وأن تكون مقروءة لدى كل المغاربة حتى غير الناطقين بها. أما حرف ثيفيناغ فإنه يجعل ذلك متعذرا ومؤجلا إلى أجل غير مسمى.
الإسلاميون يضعون الإسلام فوق الأمازيغية وفوق المغرب وفوق ثامازغا وفوق كل شيء آخر. ولذلك فحين تسمع الإسلاميين يقولون كذا وكذا حول الأمازيغية فاعلم أن هدفهم الأعلى هو خدمة الإسلام وخدمة مشروع الدولة الإسلامية وأن حديثهم عن الأمازيغية مجرد مطية لخدمة الإسلام ومشروع التعريب ومشروع الدولة الإسلامية.
والمعلوم أن الإسلاميين يفضلون مليار مليار مليار مرة أن تكتب الأمازيغية بحرف ثيفيناغ على أن تكتب بالحرف اللاتيني (بعد أن فقدوا الأمل في كتابة الأمازيغية رسميا بالحرف العربي). وذلك لأن الإسلاميين يعلمون علم اليقين أن الأمازيغية ستتقوى وتنجح وتنتشر بسرعة كلغة مدرسية وإدارية وتجارية بالحرف اللاتيني مما سيجعلها منافسة للعربية الفصحى التي لا يتحدثها أحد في المغرب كلغة شعبية أمّ. ونجاح اللغة الأمازيغية بالحرف اللاتيني سيقوض مشروعهم الإسلامي المعتمد على العربية الفصحى كحجر أساس.
الإسلاميون واعون تمام الوعي بقوة الحرف اللاتيني مغربيا وعالميا وواعون بمنفعته للأمازيغية لذلك يحرصون حرصا عظيما على أن يتم حرمان الأمازيغية من هذا الحرف اللاتيني الخطير لكي لا ينطلق المارد الأمازيغي من قمقمه.
إذن، حرف ثيفيناغ يمنح التعريبيين والإسلاميين مزيدا من الوقت ومزيدا من الأكسيجين لإتمام عملية التعريب لأن ثيفيناغ ضعيف بل شبه معدوم الانتشار في المغرب وسيبطئ نشر الأمازيغية في المغرب عقودا من الزمن، وسيجعل ترسيم الأمازيغية شكليا وفارغ المضمون ومنزوع الأثر الاجتماعي والسياسي.
أما الحرف اللاتيني المنتشر والمعروف في كل مكان بالمغرب فإنه يجعل الأمازيغية المكتوبة به تباغت الإسلاميين والتعريبيين في كل مكان، وتصبح الأمازيغية بالحرف اللاتيني سهلة القراءة حتى على المغاربة الناطقين بالدارجة فقط.
السيد حسن بويخف إسلامي ينتمي إلى حركة التوحيد والإصلاح الإسلامية المرتبطة بحزب العدالة والتنمية الإسلامي. وقد كتب السيد حسن بويخف مقالا عنوانه: “معركة تفويت” الاختصاص القانوني في اعتماد حرف كتابة الأمازيغية. ويمكن اعتبار هذا المقال للسيد حسن بويخف أحد النماذج لكيفية تفكير الإسلاميين حول مسألة اللغة الأمازيغية والحرف اللاتيني وحرف ثيفيناغ في هذه الفترة المتسمة بحرب الإسلاميين ضد لغتين: الأمازيغية والدارجة.
ويشتكي السيد حسن بويخف في مقاله المذكور من عدم ذكر حرف كتابة اللغة الأمازيغية في ما يسمى “القانون التنظيمي 26.16″، ويتخوف من إمكانية تفويت قضية الحرف إلى “المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية”. ويطالب السيد حسن بويخف بالتنصيص في القانون التنظيمي على حرف ثيفيناغ حرفا رسميا لتدريس وترسيم الأمازيغية لإغلاق الطريق على هذا التفويت الذي يخاف منه.
ويبدو أن رضى وقبول كثير من الإسلاميينبحرف ثيفيناغ نابع من رغبتهم في إغلاق الطريق على أي تحول مستقبلي للأمازيغية نحو الحرف اللاتيني.
فتدريس اللغة الأمازيغية بحرف ثيفيناغ فشل فشلا ذريعا. وكتابة الأمازيغية بحرف ثيفيناغ على الواجهات تحولت إلى أضحوكة ومسخرة بسبب كثرة الأغلاط وعدم قدرة المغاربة على قراءة ما هو مكتوب بحرف ثيفيناغ. فتحولت الأمازيغية إلى مجرد طلاء ديكوري ثيفيناغي لا يقرأه أحد ولا منفعة وظيفية له ولا يصلح إلا للزينة والزركشة.
ما معنى أن نكتب لغة على الجدران والوثائق بحرف لا يستطيع أحد أن يقرأه؟!
وبالتالي فهذا الفشل التيفيناغي قد يدفع الدولة أو النشطاء أوالمنظمات المدنية الأمازيغية إلى إعادة تقييم مسألة الحرف جذريا. وقد تبرز حركات ومبادرات جديدة لم تكن في الحسبان لدعم تدريس وترسيم الأمازيغية بالحرف اللاتيني مثلما برزت حركة اللغة الدارجة بشكل مفاجئ لم يكن في الحسبان.
المهم، إذا تمت العودة إلى مسألة حرف الأمازيغية لإعادة تقييمها فمن شبه المؤكد أن التحول سيكون نحو الحرف اللاتيني. لهذا يخشى الإسلاميون التغيير ويريدون تجميد الأوضاعوإبقاء الحالة على ما هي عليه لتجنب أية مفاجآت لا تسرهم.
والإسلاميون يعرفون أن قضية الحرف إذا فتحت من جديد أمام الرأي العام فستؤدي إلى تبني الحرف اللاتينيلأنلا أحد من أنصار وكتاب ونشطاء الأمازيغية يقبلبتدريس الأمازيغية بالحرف العربي.
لهذا يريد الإسلاميون مثل السيد حسن بويخف قتل الموضوعوإغلاق ملف الحرف نهائيا بسرعة وعجالة بنص قانوني سلطوي لإغلاق الباب نهائيا على إمكانية تدريس وترسيم الأمازيغية بالحرف اللاتيني.
الهاجس الذي يحكم الإسلاميين هو منع تدريس وترسيم اللغة الأمازيغية بالحرف اللاتيني. فالأمازيغية المكتوبة بالحرف اللاتيني تجلب لهم كابوس تركيا العلمانية التي تكتب لغتها بالحرف اللاتيني. هدف الإسلاميين هو إبقاء الأمازيغية معاقة ضعيفة مفرملة مشلولة بحرف ثيفيناغ لتضييع أكبر قدر ممكن من وقت الأمازيغية في ظل سياسة تعريبية مفرنِسة مستمرة 24/24 ساعة.
إذن فإن أكبر كابوس يرعب الإسلاميين هو أن يتم تدريس وترسيم اللغة الأمازيغية بالحرف اللاتيني.
فبعد أن أصبحت اللغة الأمازيغية واقعا سياسيا مريرا لا مفر منه للإسلاميين الذين حاربوا الأمازيغية طويلا بشراسة لا تعادلها إلا شراسة التعريبيين اليساريين البعثيين، قرر الإسلاميون منذ سنوات تنفيذ الخطة A أو الخطة رقم 1 وهي الضغط لتدريس الأمازيغية بالحرف العربي من أجل جعل الأمازيغية تحت مراقبة العربية وتحت سلطة الإسلام ولتسهيل عملية تعريب وأسلمة اللغة الأمازيغية نفسها بإكثار الكلمات العربية الإسلامية فيها كما هو الحال في اللغتين الفارسية والأردية (الباكستانية). وهدد الإسلاميون بالنزول إلى الشوارع إذا كتبت الأمازيغية بالحرف اللاتيني، فخضع الإيركام لتهديدات الإسلاميين وضغوطهم، وتراجع الإيركام في يناير 2003 عن الحرف اللاتيني (الذي نصح به تقريبا كل الأكاديميين المغاربة المتخصصين في الأمازيغية) وهرب الإيركام إلى خيار ثيفيناغ بعيدا عن أي معيار علمي أو أكاديمي.
ورغم نجاح الإسلاميين نجاحا باهرا في حصار الإيركام وإرغامه على حرمان الأمازيغية من الحرف اللاتيني فقد فشل الإسلاميون في فرض الحرف العربي على الأمازيغية. والآن سينتقل الإسلاميون إلى الخطة B أو الخطة رقم 2 وهي دعم حرف ثيفيناغ ومنع الأمازيغية من الانتقال إلى الحرف اللاتيني.
وربما استشعر الإسلاميون في المجتمع أو على وسائل التواصل الإنترنيتي قابلية أو ميلا لدى المغاربة لكتابة اللغتين الأمازيغية والدارجة بالحرف اللاتيني فجعلوا هدفهم هو منع الأمازيغية بأي ثمن من استعمال الحرف اللاتيني وحصرها في صندوق ثيفيناغ لكي لا يمتد “فيروس الحرف اللاتيني” إلى اللغة الدارجة. والإسلاميون يعلمون جيدا ضعف انتشار ثيفيناغ وأن الأمازيغية ستحتاج مدة طويلة جدا (عقودا أو نصف قرن أو أكثر) لكي تنتشر في المجتمع بحرف ثيفيناغ، لذلك فالإسلاميون مطمئنون إلى أن الأمازيغية المكتوبة بحرف ثيفيناغ لن تنجح ولن تشكل أي خطر أو منافسة أو مزاحمة للعربية الفصحى.
ومن منافع هذه الخطة B أو الخطة رقم 2 هي أنها ستجعل الإسلاميين يظهرون بمظهر المتسامحين المساندين لحرف ثيفيناغ وللأمازيغية أمام السذج وحسني النية من أنصار الأمازيغية ومحبي ثيفيناغ الذين لا يستوعبون القضية ولا يعرفون من الأمازيغية إلا الراية والرموز التيفيناغية التي لا يستطيعون قراءتها.
أما هدف الإسلاميين الاستراتيجي الحقيقي من مساندتهم حرف ثيفيناغ فهو حرمان الأمازيغية من الحرف اللاتيني العالمي الخطير لكي لا تخرج الأمازيغية عن السيطرة وتتحول إلى لغة قوية متقدمة علمية تجارية سريعة الانتشار خارج نطاق العروبة والإسلام.
مَثَل الإسلاميين هنا كَمَثَلِ شخص يريدك أن تسكن في كوخ أو برّاكة “حفاظا على تقاليد الأجداد” ويمدح لك أجدادك ويعدد لك فضائل الزهد في الدنيا وفضائل العيش في الأكواخ والبرّاكات. أما هدفه الحقيقي فهو منعك من مزاحمته في العمارة العصرية المريحة التي يسكن فيها هو أو يريد أن يسكن فيها مع أولاده.
فيقول لك: نعم يا أخي! إن للسكن في الأكواخ فضائل حميدة وهو من تقاليد أجدادنا العريقة! فاسكنْ يا أخي في هذا الكوخ العريق الأصيل وسأساندك وأناصرك! أما أنا فسأضطر إلى السكن في العمارة العصرية المريحة بسبب “ظروف قاهرة”، مُكْرَهاً أخوك لا بطل. وسأتصدى بكل حزم لأي شخص يغريك بالانتقال إلى العمارة العصرية المريحة لأن مكانك الأبدي يا أخي هو الكوخ، سيرا على تقاليد أجدادنا الميامين!
الإسلاميون يحرصون حرصا عظيما على تدريس الفرنسية والإنجليزية والألمانية والإسبانية لأولادهم بالحرف اللاتيني الأوروبي النصراني الملحد المتصهين، ولا تضايقهم اللغة الفرنسية المكتوبة بالحرف اللاتيني والمسيطرة على المغرب من أقصاه إلى أقصاه في كل إداراته ومدارسه، ولكن الإسلاميين لا يريدون للأمازيغية أن تستفيد من هذا الحرف اللاتيني ويريدون لها أن تبقى مع حرف ثيفيناغ أو مع الحرف العربي، أي يريدون للأمازيغية أن تبقى في الكوخ، بينما هم في العمارات.
وأنا أقول للسيد حسن بويخف وللإسلاميين ولكل من يهمه الأمر:
– الفصل 5 من الدستور المغربي ظالم يظلم اللغة الأمازيغية ويعتبرها لغة رسمية ثانوية تحتانية أقل شأنا من العربية. لهذا يجب تعديله كأولوية قصوى.
– الإسلاميون والتعريبيون هم المسؤولون والمتسببون عمدا في الترسيم الناقص المشوه الأعوج المقزم للغة الأمازيغية في الفصل 5 من الدستور المغربي. الإسلاميون والتعريبيون برهنوا عبر تاريخهم عن عداء ثابت للغة الأمازيغية وللهوية الأمازيغية ولم يفوّتوا يوما فرصة لثقب عجلات الأمازيغية.
– الإسلاميون والتعريبيون اليساريون هم الذين ضغطوا على الإيركام وهددوا بالنزول إلى الشوارع إذا تم تدريس الأمازيغية بالحرف اللاتيني، ولهذا أذعن لهم الإيركام فاختار حرف ثيفيناغ في تصويت سياسي صرف في يناير 2003.
– الفصل 5 من الدستور المغربي يقيد ترسيم اللغة الأمازيغية بشيء عجيب اخترعته الدولة اسمه “القانون التنظيمي” يقيد الأمازيغية ولا يقيد العربية والفرنسية. ولم يطالب المدافعون عن الأمازيغية يوما ب”قانون تنظيمي”. ولم يسمع المغاربة قبل 2011 بشيء اسمه “قانون تنظيمي”.
– الفصل 5 من الدستور المغربي يؤجل ترسيم اللغة الأمازيغية ب”مراحل ترسيم” غامضة تركها للسياسيين والمتحزبين ليقرروا فيها ما يشاءون وفق أجنداتهم الشخصية والحزبية والدينية والمذهبية والريعية.
– الفصل 5 من الدستور المغربي يقزم ترسيم اللغة الأمازيغية لأنه يحصر ترسيمها في ما يسميه “المجالات ذات الأولوية” بدل “كل المجالات”.
– “القانون التنظيمي” كارثة على الأمازيغية وأداة سياسية خبيثة ماكرة هدفها تقييد وتأجيل وتقزيم اللغة الأمازيغية وتضييع وقتها بتقنية “المراحل” و”الإجراءات” و”اللجان” وبقية الكلام الفارغ.
– لو كانت الدولة ترغب حقا في المساواة بين الأمازيغية والعربية لوضعت “قانونا للأمازيغية والعربية” لترسيم اللغتين معا بشكل يساوي بينهما ويحدد وظائفهما بالتساوي. فدولة كندا Canada مثلا لديها قانون يسمى “قانون اللغات الرسمية” Official Languages Act.
– الدولة المغربية رسّمت اللغتين الفرنسية والعربية منذ 1912 ومنذ 1956 بدون أي “قانون تنظيمي”.
– الدولة المغربية تعرف منذ 1912 كيف ترسّم اللغات وتنشرها، فلا داعي للتظاهر بأن هذه “الدولة المسكينة” لا تعرف كيف ترسّم اللغات في الإدارات والمدارس وأنها تحتاج إلى “قانون تنظيمي”.
– المطلوب هو إلغاء مسرحية “القانون التنظيمي” وتعديل الفصل 5 من الدستور المغربي إلى صيغة معقولة خالية من الأفخاخ والمراوغات والمخادعات وتساوي بين الأمازيغية والعربية مساواة تامة ولا تقيّد الأمازيغية بأية قيودتشريعية أو بيروقراطية مثل حكاية “القانون التنظيمي”. وأن يكون مضمون الفصل 5 شيئا من قبيل:
“الأمازيغية والعربية هما اللغتان الرسميتان للدولة المغربية ويجب على الدولة استعمالهما بالتساوي في كل المؤسسات والإدارات والمحاكم ويجب تدريسهما بالتساوي في كل المدارس لجميع المغاربة”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.