#تكايس هاشتاغ ينتشر في مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأيام، ضمن حملة ينظمها مدونون صحراويون في المدن الصحراوية وفي مخيمات اللاجئين بتيندوف، وتستهدف التوعية بخطورة في ظل الأرقام المهولة لحوادث السير المسجلة مؤخرا، كما تدعوا الى الالتزام بقانون السير والتريث وتوخي الحذر أثناء قيادة المركبات. الجميل في هذه الحملة أنها لا تعترف بالواقع السياسي الذي يفرضه النزاع الصحراوي، ولا بالقطيعة التي يتسبب فيها النزاع في ما بين الأطراف، حيث بات الجمود السياسي يلقي بظلاله على كافة أوجه العلاقات الاجتماعية والاقتصادية وحتى الثقافية، بسبب تواطؤ أطراف النزاع على تكريس تلك القطيعة وتعميقها وحتى توريط الأوساط المدنية والشعبية فيها، عبر حملات التحريض الإعلامي والسياسي الممنهج التي توظف من خلاله الخطاب العنصري وكراهية الآخر وشيطنته، وحتى اللعب على الوتر العرقي والمناطقي في حق الخصوم السياسيين… أكثر من أربعين سنة من التحريض والتعبئة السياسيين اللذين وُلدت ونَشأت على وقعهما أجيال متلاحقة، لكنها لم تستطع أن تقضي على العلاقات الإنسانية والمجتمعية المتشابكة التي تربط الصحراويين فيما بينهم، أكاد أجزم أن معظم من يشاركون في حملة #تكايس لم يسبق لهم عرفوا أهاليهم بشكل مباشر في الضفة الأخرى من الجدار، كما لم يسبق لهم أن اضطلعوا بشكل مستفيض على الواقع المعاش فيها، لكنها أواصر القربى، وصلة الأرحام، والدماء التي تجري في عروق كل الصحراويين، والتي تفرض الحنين والشوق لقراباتهم رغم بعد المسافات وطول أزمنة الفراق وقلة اللقاءات في ما بينهم. حسنة أخرى تنضاف للثورة المعلوماتية التي نعيش على وقع تأثيرها اليوم، حيث بات الصحراويون من كافة الفئات يوظفون مواقع التواصل الاجتماعي وبرامج الاتصال، للتحايل على القيود والحواجز الأمنية والحدودية التي تفرق بين الأسرة الواحدة في ما بين المدن الصحراوية ومخيمات اللجوء، والتعارف والاضطلاع عن كثب على الواقع في الضفة الأخرى، وحتى تبادل وجهات النظر وفتح النقاشات العمومية حو ل القضايا المصيرية المشتركة، ما سيفيد قطعا في تجاوز الظرفية الاستثنائية التي تمر منها المنطقة والمتسمة بالتصعيد المتبادل والقطيعة على كافة المستويات، عبر طرح البدائل والتصورات الخاصة بكافة الاشكالات التي يعيش على وقعها الشارع الصحراوي. واقع جديد متسم بدرجة عالية من الوعي الفطري لدى الأوساط الشعبية في كلا ضفتي الجدار بضرورة الفصل ما بين ما هو سياسي من جهة وبين ما هو إنساني واجتماعي وثقافي وحتى اقتصادي، فالمناخ العام لدى المدونين ورواد وسائط التواصل الاجتماعي يتجه إلى التحرر من الآراء والخلفيات السياسية لدى مناقشة مختلف القضايا الاجتماعية والإنسانية والثقافية، خاصة في ما يتعلق بالواقع المعيشي للسكان في كلا الطرفين، الأمر الذي سيفضي في حال تعزز هذا المعطى إلى المطالبة بتحقيق منجزات على مستوى كافة مناحي الحياة، بغرض تحقيق رفاهية المواطنين وازدهار مجتمعات ودول المنطقة، بغض النظر عن تطورات ملف النزاع الصحراوي، الذي لا ينبغي أن ينعكس الجمود السياسي المترتب عنه على معاش الناس وحياتهم، مطلب يعززه التذمر والسخط المعبر عنه على نطاق واسع في الأوساط الشعبية، والذي تترجمه الحراكات الاجتماعية التي باتت تتصدر المشهد الاحتجاجي وتسيطر على الشارع، رافعة المطالب المعيشية الاقتصادية بالدرجة الأولى. فهل ستشكل هكذا حراكات اجتماعية وإنسانية من قبيل حملة #تكايس بادرة لرفض الأوساط الشعبية للجمود السياسي الذي يمر منه ملف النزاع الصحراوي، والذي لطالما انعكس في ما مضى على معاش المواطنين البسطاء، حيث تعيش معظم الأسر الصحراوية على وقع التفكك والنزوح والشتات في دول الجوار، عدى عن ما ترتب عن النزاع من انتهاكات إنسانية وتجاوزات طالت مختلف مناحي حياة الإنسان الصحراوي…، أم أن السياسيين سيصمون آذانهم عن المطالب الشعبية الملحة، وسيمضون في طريق التصعيد والتصعيد المتبادل والتنكر للمطالب الاجتماعية والانسانية عبر رهن معاش الناس بحل سياسي طال انتظاره أكثر من اللازم؟