قبل ايام قليلة كنت قد حضرت وليمة من الولائم ، وقبلها كان بعض الرفقاء يتحدثون عن احد الفقهاء انه سيحضر هذه المناسبة وأنه سيلقي درسا فيها ويمتع الناس من جديد بخطبه القيمة المليئة بالخشوع التي تشد اليها الرحال من كل حدب وصوب. حضرنا وما كان سبب حضوري الا محبة في حب الاستطلاع وان شئنا نضيف حب فوائد الموائد ، بالفعل حضر فقيهنا والقى درسه حول إسباغ الوضوء واتى بكل الاحاديث النبوية في هذه المسألة ترغيبا فيها وحثا عليها ، واذا لاحظت بداية كلامي هذا قلت'' قبل ايام قليلة '' يعني قبل ايام كانت بلادنا تمر بموجة برد شديدة وكان وقت هذه الجلسة بعد العشاء في اوج عطاء البرد والسقيع ، حدثنا الفقيه الذي يضرب به المثل عند البعض عن اسباغ الوضوء في فصل الشتاء ، وكانت الدنيا على جمر في مقتل السفير الروسي والابادة السورية في حلب وخدع ما بعد الانتخابات وإفشال تشكيل الحكومة بالمغرب وفوز ترامب في الانتخابات الامريكية ، ومعانات مغاربة الاطلس وغير ذلك من المستجدات .. فهل كنا المستهدفين بكلامه ام انه ربط اتصال بفئة اخرى في مكان آخر ، فإن كنا نحن فاكيدفقيهنا يعيش فصل الصيف وانه لا يعيش في هذا العالم بل قطع الاتصال به مطلقا ، واكيد انه يعيش في خيمة من الخيام وامامه عشرات الاعراب يخطب فيهم وهمهم الوحيد ان يرددوا خلفه قول صل الله عليه وسلم حينما يذكر النبي على لسانه في كل مرة. اما عن خطب الجمعة فحدث ولا حرج ، خطتهم امرين الا من رحم الله ، الامر الاول خطب تاريخية جافة دون فقه ودون تفقه ، الامر الثاني غيبيات ومستقبليات وعلم الانتظار والنوم والشخير ، وهذان الامرين يشتركان في امر ثالث تزيين الواقع والتسويق للخضوع وقتل العقول والتسوية بين اعمدة المسجد واناسه ، استراتيجية وتصور وافاق يضرب بها المثل في سياسة العبودية وانتاج رق الشهوة والمادة والسكون والانصهار في القطيع ومع القطيع. ان فقهائنا فقهاء انفسهم وفقهاء زمان غير زماننا وفقهاء واقع غير واقعنا ، انهم فقهاء الصحراء وفقهاء السلاطين والاعياد ، وخدام السيطرة والاستبداد والخضوع والجمود ، فلو لم اقاطع هذه الخطب لما تجرأت على قول هذا الكلام انما كانت المقاطعة مفتاح للعقل والانتصار للحق وخروج عن القطيع الذي يقوده هؤلاء ، وفعلا لا تجتمع امة محمد على ضلال ، انما أجمعوها على ضلال .. ويد الله مع الجماعة لا مع القطيع.