سقنا في الحلقتين السابقتين ما يكفي من أدلة السنة القولية والفعلية على وجوب غسل القدمين في الوضوء ما لم يكن عليهما حائل كالخف وغيره بما يبيح المسح بشروطه، ولا بد من التنبيه على لزوم الإسباغ في غسلهما، فقد جاء في صحيح مسلم بسنده عن جابر قال:أخبرني عمر بن الخطاب أن رجلا توضأ فترك موضع ظفر على قدمه فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم فقال ارجع فأحسن وضوءك فرجع ثم صلى وفي هذا المعنى أيضا ما أورده أبو داود في سننه بسنده وصححه الألباني عن بجير هو ابن سعد عن خالد عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي وفي ظهر قدمه لمعة (موضع من الجسد لم يصبه الماء) قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد الوضوء والصلاة وفي معنى الإسباغ وإتمام غسل الرجلين يأتي الوعيد الوارد في إهمال أو إغفال أعقاب القدمين وبواطنهما، جاء في صحيح البخاري بسنده عن محمد بن زياد قال: سمعت أبا هريرة وكان يمر بنا والناس يتوضئون من المطهرة (كل إناء يتوضأ منه) قال أسبغوا (أكملوا) الوضوء فإن أبا القاسم صلى الله عليه وسلم قال: ويل للأعقاب من النار(والعقب مؤخرة القدم) وفي صحيح مسلم بسنده عن عبد الله بن عمرو قال: رجعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة حتى إذا كنا بماء بالطريق، تعجل قوم عند العصر، فتوضآوا وهم عجال، فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسها الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويل للأعقاب من النار أسبغوا الوضوء فخوفنا عليه الصلاة والسلام بذكر النار من مخالفة مراد الله عز و جل، ومعلوم أنه لا يعذب بالنار إلا على ترك الواجب. وفي ذكر بطون الأقدام قال الترمذي في سننه في كتاب الطهارة:وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار وقال عنه بدر الدين العيني في عمدة القارئ شرح صحيح البخاري: إسناده جيد حسن وأخرجه الطحاوي والطبراني أيضا وصححه الحاكم وفي رواية أحمد بسنده عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار يوم القيامة قال ابن عبد البر في التمهيد 24/255 تعليقا على الحديث ومعلوم أن المسح ليس شأنه الاستيعاب، ولا خلاف بين القائلين بالمسح على الرجلين أن ذلك على ظهورهما لا على بطونهما، فتبين بهذا الحديث بطلان قول من قال بمسح القدمين، إذ لا مدخل لمسح بطونهما عندهم وأن ذلك إنما يدرك بالغسل لا بالمسح وقال الترمذي تعليقا على الرواية التي ساقها قبل وفقه هذا الحديث أنه لا يجوز المسح على القدمين إذا لم يكن عليهما خفان أو جوربان ومن باب إسباغ الوضوء والاطمئنان إلى تعميم الرجلين بالماء، يندب تخليل أصابع الرجلين، وبه قال أكثر العلماء، وقيل بوجوبه، روى الترمذي بسنده عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا توضأت فخلل الأصابع قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم أنه يخلل أصابع رجليه في الوضوء وبه يقول أحمد وإسحق قال إسحق يخلل أصابع يديه ورجليه في الوضوء. وفي رواية أخرى عنه قلت: يا رسول الله أخبرني عن الوضوء قال: أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما ومن فعله صلى الله عليه وسلم ما رواه ابن ماجة وغيره بسنده وصححه الألباني لوجود من تابع ابن لهيعة فيه، عن المستورد بن شداد قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فخلل أصابع رجليه بخنصره