نظم منتدى الزهراء للمرأة المغربية يوم 19 يوليوز، ببيت علوم الإنسان بكلية الحقوق بسطات، ورشة دراسية تشاورية خصصت لمدارسة أهم خلاصات وتوصيات الدراسة التي أعدها المنتدى، ضمن أنشطة المشروع، والتي تحمل عنوان " المرأة العاملة بالمغرب بين القانون الوطني ومعايير العمل الدولية"، وذلك في إطار مشروع "نعم لتعزيز حماية القانونية للمرأة في العمل" الذي تموله الوزارة المكلفة بحقوق الإنسان، وبشراكة مع كل من مركز الدراسات القانون الخاص ومركز الوفاق للابداع الأسري بسطات، وخلال الجلسة الافتتاحية لأشغال الورشة تقدم كل من امحمد اقبلي رئيس مركز الدراسات في القانون الخاص ومحمد أبو سعيد نائب رئيسة مركز الوفاق للابداع الأسري بسطات بتناول الكلمة، حيث نوها بمبادرة منتدى الزهراء بالدعوة إلى هذا اللقاء العلمي الذي تتمحور أشغاله على موضوع حيوي وذي راهنية، وهو وضعية المرأة العاملة، كما أشادا بحرص المنتدى على نهج أسلوب الدراسة والبحث في مجال اشتغاله، و كذا فتح جسور التواصل مع الجامعة لأجل التعاون وتطوير مقترحاته في مجال تتبع السياسات العمومية المرتبطة بوضعية المرأة. وتم خلال اللقاء، توقيع شراكة بين كل من رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية ورئيس مركز الدراسات في القانون الخاص اتفقا فيها على التعاون والتنسيق في مجال الدراسة والبحث العلمي في مجالات الاهتمام المشترك. وبالمقابل، استعرض عابد العمراني مختلف أوجه الحماية الجنائية للمرأة الأجيرة التي تضمنتها مدونة الشغل، كما ركز على ضرورة تعزيز الترسانة القانونية لضمان مزيد من الحماية لحقوق الاجراء عامة والأجيرات خاصة، وذلك بجعل عبء الاثبات على المشغل في نزاعات الشغل، وبالتنصيص على عقوبات ردعية سالبة للحرية، باعتبار أن العقوبات المنصوص عليها حاليا في مدونة الشغل هي جلها عقوبات مالية. وفي نفس السياق نبه الاستاذ الجامعي إلى أهمية العمل على تحسيس أطراف العلاقة الشغلية بالحقوق والالتزامات المنصوص عليها قانونا. ومن جهته قدم جمال معتوق عرضا حول الحماية التي يوفرها القانون الوطني للمرأة الحامل مع التركيز على أوجه القصور مقارنة مع الاتفاقيات الدولية وكذا التجارب الفضلى، كما أشار الاستاذ الجامعي إلى الخروقات المسجلة في مجال تطبيق المقتضيات ذات الصلة والمعاناة التي تتعرض إليها المرأة العاملة الحامل سواء قبل الوضع أو بعده. وفي نفس السياق تدخل الاستاذ امحمد أقبلي، لطرح إشكالية الحدود بين الحياة الخاصة والحياة المهنية، وضرورات التوازن المطلوبة وأشار أن مدونة الشغل لم تتطرق لتعريف كل من الحياة الخاصة والمهنية. غير أن دستور 2011 بتنصيصه في الفصل 24 لاول مرة على الحق في الحياة الخاصة، فإنه يفتح المجال للمناداة بضرورة التمييز بين الحياة الخاصة والمهنية وأخذها بعين الاعتبار لأجل حماية الأجراء بصفة عامة والمرأة الأجيرة خاصة. وفي هذا الصدد طالب الأستاذ الجامعي بضرورة التنصيص على جزاءات جنائية بالنسبة لكل انتهاك للحياة الخاصة أثناء أوبمناسبة أداء العمل، ودعى الى إنهاء استعمال الظروف الخارجة عن العمل في ممارسة الحق في توقيف عقد الشغل، وراهن في هذا الإطار على الدور الذي يمكن ان يلعبه القضاء في تطوير التشريع في هذا المجال أسوة بما حدث مع التشريع الفرنسي وقد قدم رئيس مركز الدراسات في القانون الخاص، في هذا السياق نماذج لأحكام قضائية انصفت اجراء تم توقيفهم بناء على حيثيات مرتبطة بحياتهم الخاصة وليس المهنية. وفي تدخل لازهور هيباوي حول دور جهاز التفتيش في حماية المرأة العاملة، ركزت فيه على الجهود المبذولة في هذا المجال لتتبع إنفاذ القانون وكذا الدور التصالحي المنوط بهذا الجهاز في مجال النزاعات المتعلقة بالشغل، وقد استعرضت مفتشة الشغل بسطات مجموعة من التجاوزات التي تطال النساء كالطرد بسبب الحمل بالرغم من الإدلاء بشهادة طبية والتراخيص بالتشغيل الليلي للنساء، وقد نادت في هذا الإطار بتفعيل قانون الشغل الجنائي بالرفع من الغرامات المالية وتدعيمها بعقوبات حبسية. ومن جهة أخرى شددت ذات المتحدثة على ضرورة منع الشغل الليلي للنساء تعزيزا للحماية الصحية والأخلاقية لهن، كما دعت كذلك إلى عدم التمييز بين حالتي الولادة والإجهاض لأن الهدف الذي يتوخاه المشرع من وراء إجازة الوضع هو الحفاظ على صحة الأم ليس إلا، كما اعتبرت أن جنحة التحرش الجنسي لا يجب أن تبقى كخطإ جسيم في المدونة، بل يجب إعطاؤها الحيز القانوني الكافي عن طريق سن نصوص قانونية تشرح وتفصل هذه الجنحة بكل تجلياتها، كما نادت نفس المتحدثة بخلق غرف للرضاعة بكل المقاولات وليس فقط تلك التي تتوفر على أزيد من 50 أجيرة، وفي الأخير طالبت النيابة العامة بتفعيل المحاضر المحررة من طرف مفتشي الشغل عند إحالتها على المحكمة المختصة. وحول موضوع "حقوق المرأة العاملة في مدونة الشغل ومدى ملائمتها للاتفاقيات الدولية"، استعرضت الأستاذة خديجة أولباشا مختلف الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب في مجال الشغل والتي لها صلة بحماية المرأة العاملة، ولاحظت الأستاذة المحامية بهيئة الرباط، كيف أن المشرع المغربي وإن حاول ملائمة مدونة الشغل مع مقتضيات المواثيق الدولية في مجال ضمان حقوق المرأة العاملة، غير أنه في بعض المقتضيات ظل قاصرا عن تمتيعها بكافة حقوقها حيث أبرزت في هذا الإطار أن المشرع المغربي خالف الاتفاقيات الدولية ذات الصلة حين اشترط لإحداث قاعة للرضاعة في المقاولة، تجاوز عدد محدد من الاجيرات، واعتبرته شرطا تمييزيا، كما خالفها كذلك فيما يتعلق بالعمل الليلي للمرأة حين لم يمنعه. كما انتقدت الفاعلة الحقوقية هزالة العقوبات المفروضة على المؤاجرة في حالة مخالفة مقتضيات مدونة الشغل ودعت إلى الرفع من مقدارها ، وفي نفس السياق شددت على ضرورة وضع عقوبات زجرية صارمة أثناء إثبات التحرش الجنسي بدل إدراجه في مجموعة الأخطاء الجسيمة، كما اعتبرت أن جهود ملائمة القوانين مع المواثيق الدولية، تبقى دون جدوى إذا لم يعرف القانون سبيله للتطبيق كما هو الحال بالنسبة لمجموعة من مقتضيات مدونة الشغل، لذا فقد طالبت بتفعيل دور مفتش الشغل في مراقبة تطبيق مقتضيات القانون حماية للأجراء عامة وللأجيرة بصفة خاصة. وفي اختتام أشغال الورشة الدراسية تم تقديم أهم التوصيات التي أفرزها النقاش، والتي سيعمل المنتدى على اعتمادها لأجل تدقيق الدراسة القانونية التي أنجزها تمهيدا لاستثمارها عبر ملتمسات أو عرائض يعتزم التقدم بها إلى السلطات العمومية، وفي الأخير تم توزيع شواهد تقديرية على الاساتذة والمحامين والطلبة الباحثين الذي شاركو في تأطير الورشة.