في الوقت الذي أوصل رجل الأعمال السعودي محمد العامودي، شركة "لاسامير" بالمغرب إلى أزمة اقتصادية كبيرة، وهو ما اضطرت معه الدولة للتدخل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في مصفاة النفط الوحيدة بالمغرب، كشفت صحيفة مصرية أن شركات العامودي دخلت كشريك رئيسي في مشروع سد النهضة بإثيوبيا الذي لم توافق مصر على بنائه. وكان العامودي قد أوصل شركة "لاسامير" إلى حافة الإفلاس بعدما عجز عن تسديد ديونه للحكومة والأبناك في المغرب، والتي وصلت إلى أكثر من 15 مليار درهم، خاصة مع تشدد الحكومة مع ملفه وتوجه الأبناك لمقاضاة "لاسامير". ضغط العامودي على الحكومة من أجل التملص من التزاماته، إلا أن الأخيرة تعاملت معه بصرامة، ما جعل وسائل إعلام تتحدث عن إمكانية خروجه من رأسمال الشركة المغربية في حالة عدم أدائه لمستحقات الدولة. الكشف عن دخول رجل الأعمال السعودي في مشروع بناء أضخم سد في إفريقيا، وهو سد النهضة بإثيوبيا، شكل مفاجأة كبيرة، إذ كيف استطاع العامودي الاستثمار في مشروع إقليمي ضخم بالقرن الإفريقي، وهو الذي أوصل شركة "النفط" المغربية إلى حافة الإفلاس بعد تخلفه عن تسديد ديونه ؟ العامودي .. من أين لك هذا ! أفادت صحيفة "الشروق" المصرية، نقلا عن مصادر رسمية سودانية، أن شركات رجل الأعمال السعودي دخلت ضمن مشروع بناء السد الإثيوبي كداعم أول من خلال مصنعين للإسمنت، بالشراكة مع شركة "ساليني" الإيطالية، والمصنع الوطني للأسمنت التابع للحكومة الإثيوبية. وأضاف المصدر، أن مصانع العامودي تكلفت بمواد البناء والخدمات اللوجستية للمشروع، حيث تعاقدت مع شركة أخرى لتوفير أسطول من 1000 شاحنة، لنقل آلاف الأطنان من الإسمنت من ميناء جيبوتي والمحاجر إلى موقع سد النهضة. وفي تفاصيل علاقة العامودي بمشروع سد النهضة، أشار موقع "عربي 21" بلندن نقلا عن مصدر حكومي مصري مطلع على الملف، أن إثيوبيا اختارت العامودي باعتباره أكبر المستثمرين في السوق الإثيوبية، ولموقفه الداعم لبناء السد، خاصة أن هذا البلد الإفريقي يعرف نقصا شديدا في سوق الأسمنت مع بداية الإنشاءات في موقع سد النهضة. صراع العامودي مع المغرب .. دخلت شركة "لاسامير" في المغرب في أزمة بعدما تخلف العامودي عن تسديد قروض الشركة للدولة والأبناء، بدعوى عدم امتلاكه للأموال اللازمة لذلك، وهو ما جعل الحكومة تشدد موقفها مع المساهم السعودي. وكانت ثلاث وزارات قد طالبت العامودي بتسديد 10 ملايير درهم كحد أدنى من الضرائب المستحقة لصالح الجمارك، ومليار و200 مليون درهم لصالح البنك الشعبي المركزي، و800 مليون درهم لصالح القرض الفلاحي، إضافة إلى ضخ أموال إضافية في حساب الشركة حتى تستطيع العودة إلى العمل. ورفضت الحكومة خطة العامودي لإنقاذ "لاسامير" بضخ مليار و500 مليون درهم كسيولة في حساباتها، من خلال بيع فرعين للشركة بالمغرب لتحصيل المبلغ، مع دعوته الحكومة إلى تخفيف موقفها إزاء تسديد الضرائب المستحقة لصالح الجمارك والتي تقدر بنحو 14 مليار درهم. وكانت الحكومة قد تدخلت بعد ذلك لوضع حد للأزمة، وتعهدت بضمان حقوق المستخدمين ب"لاسامير" الذين يفوق عددهم 900 عامل، بعدما عجز العامودي عن أداء رواتبهم وغادر نحو لندن دون تقديم أي جواب إلى الحكومة بشأن خطة الإنقاذ، حسب ما أفادته مصادر إعلامية. وتحدثت مصارد اقتصادية عن أن أرباح العمودي في "لاسامير" لا تقل عن 160 مليون دولار، إضافة إلى الممتلكات العقارية للشركة، وهو ما "جعل الحكومة المغربية تقف في وجهه بعدما حاول الضغط عليها من أجل التملص من التزاماته". العامودي بين القاهرة وأديس أبابا أوضح موقع "عربي 21" بلندن، أن عددا من الاتصالات أجريت بالفعل من القاهرة مع وسطاء سعوديين حول إمكانية استغلال الموقع القوي للعامودي في إثيوبيا لصالح دعم مواقف القاهرة بشأن السد. وتدور الخلافات بين القاهرة وأديس أبابا حول سد النهضة، بسبب تخوف مصر من تأثير السد الذي تبنيه إثيوبيا على نهر النيل، على حصتها السنوية من مياه النيل (55.5 مليار متر مكعب)، بينما يؤكد الجانب الإثيوبي أن سد النهضة سيمثل نفعا لها، خاصة في مجال توليد الطاقة، وأنه لن يمثل ضررا على السودان ومصر. وكانت كل من مصر والسودان وإثيوبيان قد وقعوا، في مارس الماضي، على وثيقة إعلان مبادئ سد النهضة في العاصمة السودانية الخرطوم، والتي تعني ضمنيا الموافقة على استكمال إجراءات بناء السد مع إقامة دراسات فنية لحماية الحصص المائية.