في وقت أسر فيه المدير التنفيذي لمصفاة "لاسامير"، جمال باعامر، لمحيطه أنه لا يدري إن كان سيواصل إدارة المصفاة والفروع التابعة ل"كورال ماروك" في المغرب، فضل الملياردير سعودي الجنسية وإثيوبي المولد، الشيخ محمد الحسين العمودي، الدخول إلى المغرب بعيدا عن الأضواء والبهرجة في ساعة متأخرة من ليلة أمس الاثنين/ الثلاثاء قادما من لندن وقبلها من أمريكا، لمباشرة تعهداته التي قطعها للرأي العام والمسؤولين المغاربة برفع رأسمال شركة "لاسامير" أملا في تجاوز مشاكلها المادية. وبينما تجري مناقشات حامية بين أعضاء المجلس الإداري لشركة "لاسامير"، المنعقد حاليا بشمال مدينة المحمدية، من أجل المصادقة على رأسمال الشركة، قالت مصادر قريبة من محيط مسيري شركة مصفاة "لاسامير"، إن جمال باعامر، المدير العام للمصفاة، قضى يوم أمس الاثنين بكامله رفقة الخبير المحاسباتي الشخصي للعمودي، الذي قدم خصيصا من بريطانيا من أجل مراجعة التفاصيل المالية للمجموعة ومعالجة ما يمكن معالجته، وتقديم تقرير مفصل في الموضوع للشيخ محمد حسين العمودي. الاجتماع الذي يترأسه حاليا الرئيس التنفيذي لمجموعة "كورال" السويدية- السعودية إلى جانب الملياردير المغربي محمد حسن بنصالح وجون ميلازو وجمال باعامر وجورج سالم وبسام أبوردين ولارس نيلسون، يأتي بعد رحلة طويلة قضاها العمودي في عدة دول لجلب الأموال الضرورية لتجاوز أزمة "لاسامير"، آخرها الولاياتالمتحدةالأمريكية التي قضى فيها أزيد من أربعة أيام بحثا عن خطوط تمويل جديدة أملا في تجاوز الأزمة المالية الخانقة لمجموعته في المغرب. تصعيد في "لاسامير" وفي وقت يستعد فيه العمال الرسميون بالمصفاة، البالغ عددهم 905 أشخاص، و6000 من عمال المٌناولة الذين يشتغلون داخل مرافق "لاسامير"، والذين لم يتوصلوا بأجورهم منذ شهرين من شركات المناولة المتعاقدة مع جمال باعامر، للدخول في احتجاجات تصعيدية، يرتقب أن يطرح فيه الملياردير السعودي على المجلس الإداري، من أجل المصادقة، نقطة حاسمة تقضي برفع رأسمال الشركة بضخ مبلغ مالي يناهز 500 مليون دولار استطاع تدبيره قبل رحلته إلى أمريكا، وهو مبلغ يقل كثيرا عن حجم الديون المتراكمة على "لاسامير"، والتي تتجاوز 4.5 مليار دولار أمريكي. ولا يخفي الحسين اليمني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز التابعة للكنفدرالية الديمقراطية للشغل، توجسه مما سيسفر عنه اجتماع مجلس إدارة "لاسامير" اليوم الثلاثاء. وقال في تصريح ل"هسبريس" إن الجميع ينتظر ما سيسفر عنه اجتماع المجلس الإداري لمجموعة "لاسامير"، مضيفا "هذا لا يعني أننا سنظل مكتوفي الأيدي، فقد قررنا الدخول في احتجاجات تصعيدية، لحمل كل من الدولة والمستثمر السعودي على تسريع وتيرة إيجاد حل". المسؤولون النقابيون في شركة "لاسامير" يرون أن تدخل الدولة هو أمر واجب، سواء تم التوصل إلى حل أم لا، باعتباره قطاعا حيويا واستراتيجيا يستدعي تنظيمه بشكل صارم في إطار القانون، معتبرين أن حماية وتطوير صناعة التكرير مرتبطان بتدبير جيد للمصفاة من طرف الجهة التي ستشرف على "لاسامير"، بحضور ومراقبة الدولة للقطاع، حماية للاقتصاد الوطني والأجراء. اليمني من جهته، طالب بوجوب الأخذ بعين الاعتبار الجانب الاجتماعي في مفاوضات الملياردير السعودي والحكومة المغربية، ونادى المسؤول النقابي بضرورة حل مشكل عدم توصل أزيد من 6000 من اليد العاملة، التي تشغلها 200 شركة مناولة في "لاسامير"، بأجورها، حيث إنها تواجه تأخرا أو انقطاعا في الأجور منذ شهرين تقريبا، يقول المصدر ذاته. تحويل الديون إلى مساهمات وقال اليمني: "يجب التوصل إلى حل جذري لإنقاذ المصفاة والآليات من التآكل، علما أن هذه الوحدة الصناعية الوحيدة من نوعها في المغرب هي مبنية كلها بأموال المغاربة، ولا يمكن تركها تتآكل وبالتالي ضياع عشرات الملايير من الدراهم"، معتبرا أن الحل الذي ينادي به العمال وممثلوهم النقابيون هو تأميم الشركة، حيث قال: "نحن نطالب بتحويل الديون إلى رأس مال وهو ما سيتيح للدولة الدخول في رأس مال الشركة، ومن خلاله ستتمكن من لعب دورها في المراقبة وتنظيم السوق وتحديد صيغة توافقية بين الموزعين وشركة التكرير". وتأتي هذه التطورات في مواقف الممثلين النقابيين، في وقت تجري الاستعدادات في "لاسامير" على قدم وساق لاستقبال الملياردير السعودي الذي يرتقب أن يحل اليوم بالمغرب، لعقد الاجتماع الموعود بمقر الشركة. وقد شرع محمد الحسين العمودي في مباشرة محاولاته بحثا عن خطوط ائتمانية لتوفير السيولة لشركته المغربية "لاسامير" بقيمة 500 مليون دولار عوض 1.5 مليار دولار على الأقل، لتسديد جزء من ديونه في المغرب. ووجد العمودي نفسه أمام هذه الورطة بعدما عمد جمال باعامر، المدير العام لشركة "لاسامير"، إلى عدم تسديد مستحقات الضريبة على استهلاك المحروقات والضريبة على القيمة المضافة منذ سنة 2010، رغم أنه كان يقوم بتحصيلها بشكل مباشر من الموزعين، لكنه لم يكن يسلمها للجهات المسؤولة، وفق تأكيدات المسؤولين الحكوميين المغاربة، ما أوصل الشركة إلى وضعها الحالي.