غصة مريرة تلك التي شعرت بها وأنا أتابع كغيري جريمة شنعاء مكتملة الأركان كتلك التي ارتكبتها وزارة العجوز بلمختار ، وشاركته فيها وزارة الحصاد، بالمنجل والترازة،عبر كلابه الشمشامة المدجّنة من ولاة وعمال وبشوات وقواد ومن تحتهم.. في حق جيل من الأساتذة الأكفاء ، يشهده لهم بذلك أهل مكة من مؤطرين ومفتشين تربويين اللذين كاد أن يغمى على بعضهم من هول الصدمة، صدمة ترسيب 150 أستاذ صنعوا تحت أعينهم حتى اشتد عضدهم واستوى زرعهم، فاستبشروا خيرا لجسد تعليمنا المهترىء المنخور من كل جانب بأعطاب الزمان والمكان ، فلا مخطط استعجالي أنعشه ، ولا رؤية استراتيجية أفاقته من غيبوبته ، ويكفينا عار ومذلة أننا نتديل الترتيب العالمي ، ونسوق بضاعة فاسدة في سوق نتن . لن أغرق في توصيف الصورة المقيتة لواقع تعليمنا المر ،فقد قيل في ذلك الكثير المثير، ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق ، أقسام مكدسة كعلب السردين المصبر تحت شعار " تزاحموا تراحموا ،خصاص مهول في القرى والمدن، اختلاسات مالية بالجملة وشبهها. نزل علي خبر ترسيب 150 أستاذ من فوج الكرامة ،كقطعة ثلج بارد ، فتناسلت استفهامات عديدة حول أسباب هذه الجريمة التي ارتكبت في حق هؤلاء ، وكأن لسان حالي يسأل الوزير العجوز وأزلامه : وإذا الأستاذ سئل بأي ذنب رسب؟ وأنا أجر أحداث نضال وتضحيات فوج " الكرامة" تحضرني صورة تلك المجزرة التي اقترفتها الدولة بدم بارد أسالت فيها دماء زكية، وهشمت رؤوس عصية على الحگرة والاستبداد، شوه فيها وجه الدولة المخدوش داخليا وخارجيا، ووجدت الحكومة نفسها في مأزق لا مخرج منه إلا الرضوخ لمطالب الأساتذة حيث وعدتهم بتوظيف هذا الفوج بدون استثناء، لكن من يلعب مع الأفعى تلدغه .. فمتى وفت دولة المغرب بعهودها "فلا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له" .فلا نستغرب ولا نتعجب إذا تنصلت وزارة بلمختار لعهودها فذاك دأب وزاراتنا وحكوماتنا.. بلمختار يدق آخر مسمار في نعش المدرسة المغربية بمطرقة التعاقد ، المفتاح السحري الذي اهتدى إليه كهنة بلمختار لتجاوز أزمة الخصاص المهول في هيأة التدريس بمختلف أسلاك التعليم ولو على حساب جودة التعلمات ، فالمهم أن نوفر للمدارس الموارد البشرية ولو لم تخضع لتكوين ولا تأهيل، فمن أراد الجودة يضع يده في جيبه ويقصد المدارس الخاصة. تأخر صدور اللوائح النهائية للناجحين من الأساتذة المتدربين في مباراة التوظيف ، التي وعدتهم وزارة بلمختار أنها شكلية، كان ينبأ أن هناك أمر يدبر بليل بين الحصاد وصديقه العجوز ، كذلك كان ترسيب 150 أستاذ متدرب بلا حشمة ولا حياء ، كلهم أبانوا عن كفاءة عالية، وحماس متيقظ لتربية وتعليم أبناء وطنهم، وشواهد عليا،لكن كل هذا لم تراه عيون بلمختار ولو بنظارته . فبجرة قلم جنى على أسر بأسرها ، وقتل أحلام شباب في الحصول على وظيفة يؤمنون بها لقمة عيشهم ، وأبكى عيون أمهات كن يمنين النفس في رؤية فلذات أكبادهن تحقق آمالهم في التوظيف. رسبوا، عفوا انتقم منهم انتقاما، ودفعتهم الدولة ثمن نضالهم وكفاحهم،وضريبة انتماءاتهم، وصاح المخزن بملء فيه من ليس معي فهو ضدي، ومن كان ضدي حرم وصلي، سياسة تقليم الأظافروترويد الأسود. لكن همسة صمود وثبات ، ودعوة اتحاد والتفات،فأنياب الليث لم تعد تخيف أحدا، مادام الله معكم فالنصر حليفكم ، وما تقدم وطن يرسب خيرة أساتذته!!