اختتمت اليوم الثلاثاء، فعاليات المنتدى البرلماني الثالث للعدالة الاجتماعية، الذي نظمه مجلس المستشارين بين يومي 19 و20 فبراير الجاري، تحت شعار "رهانات العدالة الاجتماعية والمجالية ومقومات النموذج التنموي الجديد"، حيث تميزت الجلسة الافتتاحية للمنتدى بتوجيه الملك محمد السادس رسالة إلى المشاركين في اللقاء، كما عرفت أيضا حضور رئيس الحكومة وشخصيات أخرى، فضلا عن رئيس مجلس المستشارين حكيم بنشماش. وأصدر المنتدى عقب انتهاء أشغاله 6 توصيات، أولها الدعوة إلى تحويل السياسة الضريبية إلى رافعة لتمويل الالتزامات المرتبطة بالنموذج التنموي المأمول، من منظور للعدالة الجبائية، يعيد التوازن بين الضرائب المباشرة والضرائب غير المباشرة، والتوازن بين تضريب رأس المال وتضريب العمل، وعقلنة الإعفاءات الجبائية والاستمرار في توجيه أدواتها نحو مجالات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ونحو دعم الاستثمارات ذات القيمة المضافة العالية على المستوى الترابي، والمحققة لمستوى من الالتزام البيئي والاجتماعي. كما أوصى المجتمعون في المنتدى بالعمل مع الفاعلين العموميين والخواص والمدنيين المعنيين على استثمار التوصيات والآراء الاستشارية الصادرة عن المؤسسات المشار إليها، من أجل إصلاح المنظومة الجبائية للجماعات الترابية، لتقوية الوظائف التالية على المستوى الترابي (الوظائف الاجتماعية عبر إعادة التوزيع على الفئات والمجموعات الأكثر فقرا وهشاشة، عبر استهداف اجتماعي وترابي ملائمين، الوظائف الترابية بما في ذلك دراسة إمكانية الإعفاء الضريبي لبعض المناطق القروية، وشبه الحضرية الهشة، مع تحفيزات ضريبية للمناطق ذات التنافسية على مستوى كل جهة، والوظائف البيئية). أما ثالث توصية تم إصدارها، فقد دعت إلى تجريب نماذج جديدة من الشراكات بين القطاعين العام والخاص، كالشراكة المسماة عقد التحالف le contrat d'alliance، التي تعتبر أداة هامة، في حال استثمارها، لتحقيق الولوج الأمثل والمنصف للخدمات والمرافق الاجتماعية الأساسية على المستوى الترابي، بالنظر لنموذج اتخاذ القرار الذي تتأسس عليه هذه الشراكة، وتحملها المشترك للمكتسبات والمخاطر، مما يضمن استدامة الخدمات الأساسية على المستوى الترابي. وتمثلت التوصية الرابعة في المطالبة بإعمال توصيات المنتدى الثاني للعدالة الاجتماعية ذات الصلة بمنظومة الحوار الاجتماعي بما في ذلك، التأطير القانوني لهذا الحوار، والتكامل الوظيفي بين أدوار مختلف الأطراف المعنية، وتجديد أجندته، وإدراج إطار ما يسمى tripartisme plus، ووضع إطار منهجي يمكن من استثمار آليات التشاور المنصوص عليها في القانون التنظيمي للجهات وكذا آليات التخطيط الترابي التشاركي على المستوى الجهوي من أجل بناء منظومة ترابية للحوار الاجتماعي في تكامل مع المنظومة الوطنية. ودعا المشاركون في اللقاء ضمن التوصية الخامسة إلى استثمار مختلف آليات التشاور والديموقراطية التشاركية على المستوى الترابي، عبر تفعيلها، أو إعادة تأليفها، على وجه الاستعجال من أجل نقل أصوات الديناميات الاجتماعية المتنوعة في مختلف ربوع الوطن إلى فضاء التخطيط التشاركي للسياسات العمومية القطاعية والترابية والأفقية، وإعادة بناء النسيج الوطني للوساطة الاجتماعية والترافع والمشاركة المواطنة. أما التوصية الأخيرة فقد دعت إلى فتح نقاش عمومي وتشاركي بشأن وضع خطة عمل وطنية للمقاولة وحقوق الإنسان، على أرضية المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة للمقاولة وحقوق الإنسان، وبما يدعم مرتكز العدالة الاجتماعية كأساس للنموذج التنموي المغربي الجديد قيد البناء. وفي سياق آخر، حدد المشاركون في اللقاء عددا من القضايا التي تكتسي طابع الاستعجالي، حيث دعا البيان الختامي للمنتدى إلى استعجالية بلورة نموذج تنموي يعتمد على آليات منصفة وسياسات عمومية للحد من الفوارق ومحاربة الفقر والهشاشة والتوزيع العادل للثروات، والتعجيل بمراجعة الترسانة القانونية لمنظومة الحكامة المركزية والترابية، وإعادة ترتيب بعض الأوراش الاقتصادية والبرامج الاجتماعية والتخلي عن الإصلاحات القطاعية المعزولة، واستعجالية إصلاح الإدارة العمومية بما يجعلها في خدمة المواطنين وتحقق المنفعة العامة. كما دعا البيان، إلى ضرورة محاربة كل أشكال ومظاهر الريع والفساد، وخلق وإرساء إطار مؤسسي موحد للقيادة والتنسيق بين مختلف البرامج ذات الصلة بالسياسة والبرامج الاجتماعية وإعادة هيكلة السياسة الوطنية في المجال الاجتماعي والحسم في نوعية الاستراتيجية الموجهة لمحاربة الفقر والفوارق من خلال إطلاق حوار وطني حول الموضوع وتحقيق الالتقائية والاندماجية والتجانس بين السياسات العمومية الاجتماعية، وإرساء قواعد حكامة مؤسسية موحدة وأيضا حكامة في البرامج وعقلنة الموارد الموجهة للسياسات الاجتماعية. وفي مايلي النص الكامل ل "مشروع" المبادئ التوجيهية لإعادة بناء النموذج التنموي لمغرب الغد من مدخل العدالة الاجتماعية والمجالية: "الاعتبارات: تنفيذا للتوجيه الملكي السامي لمجلس المستشارين بمتابعة مسار البناء التشاركي للنموذج المغربي للعدالة الاجتماعية؛ وتفعيلا للتوصية الصادرة عن الدورة التأسيسية للمنتدى البرلماني للعدالة الاجتماعية بتاريخ 20 فبراير 2016، الداعية إلى تنظيم المنتدى البرلماني للعدالة الاجتماعية على نحو دوري ومنتظم لاسيما وأن العدالة الاجتماعية تعد طموحا مجتمعيا يُعتمد في تحقيقه على التراكم الإيجابي والتقييم المستمر؛ واستمرارا لاحتضان مجلس المستشارين للحوار العمومي المؤسساتي وللنقاش المجتمعي التعددي والتشاركي بخصوص القضايا ذات الصلة بإعمال الدستور وضمان التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية وفق استراتيجية العمل المرحلية للمجلس للفترة الممتدة من 2016 إلى 2018؛ وتكملة للمسار التشاوري والتشاركي الذي بدأه المجلس بخصوص البناء التشاركي للنموذج المغربي العدالة الاجتماعية خلال الدورتين السابقتين للمنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية خلال سنتي 2016 و2017؛ وبناء على مخرجات الدورات السابقة وبالخصوص، الوثيقة المرجعية بشأن معالم النموذج المغربي للعدالة الاجتماعية و"إعلان الرباط للعدالة الاجتماعية"، الصادرة عن الدورة الأولى للمنتدى 2016، والمبادئ التوجيهية من أجل إعادة بناء المنظومة الوطنية للحوار الاجتماعي الصادرة عن الدورة الثانية 2017؛ وتأسيسا على المرجعية الدولية ذات الصلة بموضوع العدالة الاجتماعية، وكذا منظومتنا المعيارية الوطنية، وفي مقدمتها الدستور الذي يتضمن مبادئ والتزامات إيجابية، وكذا أهداف ذات قيمة دستورية تندرج جميعها في غاية تحقيق العدالة الاجتماعية؛ واعتبارا بأن العدالة المجالية أساس لتحقيق العدالة الاجتماعية، لما تضمنه من توزيع متوازن ومتكافئ للتقسيم الترابي، والاستثمار والاستفادة المتوازنة مما يختزن من ثروات طبيعية وطاقات بشرية؛ وحيث أن هناك إجماعا على محدودية النموذج التنموي الحالي وبلوغه مداه من زاوية آثاره على العدالة الاجتماعية والمجالية وتلك المتعلقة بالنوع؛ وحيث أن النموذج التنموي المغربي قيد إعادة النظر، والذي يجب أن يتأسس على العدالة الاجتماعية وعلى العمل على ضمان فعلية الولوج إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، ويترابط فيه هدف الحد من الفوارق الطبقية والحد من التفاوتات الترابية، كما أنه نموذج ينبغي أن يجد أبعاده الترابية في رؤية خاصة بكل مجال ترابي "تنسجم مع الرؤية الشاملة التي يقوم عليها أي نموذج وطني". وأخذا بعين الاعتبار أن التفكير الجماعي والتشاركي في معالم النموذج التنموي المغربي قد شكل تمرينا مستمرا في محطات أساسية، ومن زوايا مختلفة، وهو اليوم أكثر من أي وقت مضى قضية تهم كل المغاربة وكافة القوى الحية للأمة؛ ونظرا للدينامية المجتمعية والحركات المطلبية المتزايدة التي يعرفها المغرب والتي ترفع شعار العدالة الاجتماعية وتحقيق التنمية المستدامة وتطالب بعدالة مجالية أوسع وأعم؛ وإدراكا للأهمية المركزية للعدالة الاجتماعية في ترسيخ الديموقراطية ودولة القانون وتحقيق الأمن والاستقرار والاطمئنان؛ ورغبة من المجلس في تقديم مساهمة نوعية، في حدود اختصاصاته وأخذا بعين الاعتبار تركيبته وطبيعته كمؤسسة تشريعية، في أفق تقويم النموذج التنموي المغربي واقتراح توصيات من أجل تحقيق التكامل الاستراتيجي للسياسات العمومية؛ فإن المشاركات والمشاركين في النسخة الثالثة من المنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية المنعقد بتاريخ 19 و 20 فبراير 2018 تحت شعار "رهانات العدالة الاجتماعية والمجالية ومقومات النموذج التنموي الجديد"، المنظم من طرف مجلس المستشارين. أولا، إذ يسترشدون: 1- بالخطب والرسائل الملكية، بوصفها وثائق مرجعية للسياسات العمومية، المحددة للمعالم والخصائص الأساسية للنموذج التنموي المغربي، خاصة ما جاء في نص الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في أشغال المنتدى البرلماني الثاني للجهات، في 16 نونبر 2017، والخطاب الملكي السامي في 13 أكتوبر 2017 بمناسبة ترؤس جلالته لافتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الحالية، وكذا الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش المجيد بتاريخ 29 يوليوز 2017 واللذين ذكر فيهما أيضا جلالته بالصعوبات والاختلالات التي تواجه تطور نموذجنا التنموي؛ وكذا الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في الدورة الثالثة للمنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية المنظم من طرف مجلس المستشارين يومي 19 و 20 فبراير 2018، والتي تعتبر بوصلة يجب أن تقود عمل جميع الفاعلين والمؤسسات من أجل "بلورة رؤية مندمجة للنموذج السياسي والاقتصادي والاجتماعي ببلادنا ولمنظومة الحكامة المركزية والترابية في كل أبعادها"؛ 2- بالوثائق التي أنتجها مجلس المستشارين ذات الصلة بموضوع العدالة الاجتماعية، وبالخصوص الوثيقة المرجعية بشأن معالم النموذج المغربي للعدالة الاجتماعية و"إعلان الرباط للعدالة الاجتماعية"، والمبادئ التوجيهية من أجل إعادة بناء المنظومة الوطنية للحوار الاجتماعي المشار إليها سابقا؛ ثانيا، إذ يستحضرون: 1- مختلف المجهودات والمبادرات والبرامج الوطنية والسياسات الحكومية والاستراتيجيات الوطنية والآليات الرامية للحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية، والتي لم تستطع بعد الحد من الفوارق والاختلالات، بل تعمقت وبدأت تأخذ أشكالا جديدة أفرزت دينامية اجتماعية سماتها ظهور جيل جديد من الاحتجاجات ومن مخلفاتها زعزعة الثقة في المؤسسات، مما يطرح معه إشكالية نجاعة هذه المجهودات؛ 2- توصيات تقرير 50 سنة من التنمية البشرية وآفاق سنة 2025 وخاصة منها ما يتعلق برهانات المستقبل الخمس ( ) في إطار السيناريو المأمول في أفق "السير نحو 2025″؛ 3- التوصيات الواردة في الآراء والتقارير المرجعية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لا سيما منها: الرأي بشأن التوزيع المجالي للاستثمار العمومي في أفق الجهوية المتقدمة (2015)، وبشأن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (2013)، وبشأن الولوج المنصف والمعمم إلى الخدمات الصحية (2013)، وبشأن الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة (2012)، والميثاق الاجتماعي الجديد (2011)، وتشغيل الشباب (2011)، والاقتصاد الأخضر (2012)، والنظام الضريبي المغربي (2012)، وتدبير وتنمية الكفاءات البشرية (2013)، والتكوين مدى الحياة(2013)، وتجانس السياسات القطاعية(2014)، والاقتصاد الاجتماعي والتضامني (2015)، وإدماج مقتضيات التغيّرات المناخية في السياسات العمومية (2015)، ومتطلبات الجهوية المتقدمة وتحديات إدماج السياسات القطاعية (2016)، والمسؤولية المجتمعية للمنظمات (2016)،والثروة الاجمالية للمغرب مابين 1999 و 2013 – تقرير الدراسة حول الرأسمال غير المادي عامل لخلق الثروة الوطنية وتوزيعها المنصف، وتنمية العالم القروي (2017)، وتغيير النموذج المعتمد من أجل بناء صناعة دينامية في خدمة تنمية مطردة ومدمجة ومستدامة (2017)؛ 4- التوصيات الواردة في التقارير ذات الطبيعة الاستراتيجية التي همت التفكير في النموذج التنموي المغربي من منظور مندمج وعابر للقطاعات كتقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ، وحول النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية (2013)، وتقرير اللجنة الاستشارية للجهوية (2010)، وتقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي حول الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030 من أجل مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء (2016) والتقرير حول الثروة الإجمالية للمغرب ما بين 1999 و2013 (2016)؛ والتي تشكل كلها مداخل أساسية لبناء نموذج جديد للتنمية تمكن البلاد من إنتاج الثروة وتجاوز محدودية واختلالات النموذج التنموي القائم؛ 5- الاتجاهات الواردة في عدد من الدراسات الاستشرافية والتشخيصية، كالدراسة الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط بشأن أفق المغرب 2030 (2011). وكذا نتائج تشخيص تطور النموذج التنموي المغربي- التشخيص المتعدد الأبعاد- الذي سهر على إنجازه مركز التنمية التابع لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بتنسيق من طرف مصالح السيد رئيس الحكومة، وبمشاركة العديد من الفاعلين في الحقل الاقتصادي والاجتماعي من القطاعين العام والخاص؛ 6- التوصيات المتعلقة بتنزيل مشروع الجهوية المتقدمة الصادرة عن الملتقى البرلماني للجهات المنعقد خلال دورتي يونيو 2016 ونونبر 2017. ثالثا، إذ يستخلصون: 1- أن عملية إعداد النموذج التنموي الجديد تتطلب إخضاعها لمنطق المشاركة وللنقاشات العمومية والمؤسساتية بشكل يجعله أكثر ديمقراطية وليتمحور بشكل جيد حول المواطن، حول حاجياته وتطلعاته، وحول حقوقه وحرياته، باعتباره المشارك الرئيسي والمستفيد الأساسي في العملية التنموية وباعتبار الحق في التنمية حق من حقوق الإنسان غير قابل للتصرف؛ 2- أن يجد النموذج التنموي الوطني أبعاده الخاصة بكل مجال ترابي في انسجام مع الرؤية الشاملة التي يقوم عليها النموذج الوطني، كما يتطلب أيضا استثمارا أقصى لكل الإمكانيات التي تتيحها المنظومة القانونية الجديدة للجماعات الترابية، وتنشيط آليات التمثيل والوساطة والآليات التشاركية على المستوى الترابي؛ 3- أن يتأسس النموذج التنموي الجديد، على العدالة الاجتماعية، وعلى ضمان الولوج الفعلي إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وعلى المساواة بين الجنسين، وعلى إيلاء الأولوية القصوى للفئات الهشة وللإدماج الاقتصادي والاجتماعي للشباب عبر التكوين والتشغيل وإيجاد حلول عملية لمشاكلهم الحقيقية، وخاصة في المناطق القروية والجبلية والأحياء الهامشية والفقيرة. وهي أسس لن تجد تجسيدها الواقعي إلا عبر هدفين متلازمين ومترابطين: الحد من الفوارق الطبقية ومعالجة التفاوتات المجالية؛ 4- أن يراعى الحد المعقول من التماسك المنهجي للمقترحات والتوصيات المنتظرة واستحضار المبدأ الدستوري للمساواة بين الجنسين، وإعمال مقاربة حقوق الإنسان، واستلهام المرجعية الأممية المتعلقة بالمنظومة الدامجة للعدالة الاجتماعية؛ 5- أن يتم البناء على أساس التراكم سواء من خلال استثمار ما أنتجته مؤسساتنا الدستورية والوطنية والقطاعات الحكومية من استراتيجيات وخطط وبرامج واقتراحات وتوصيات أو من خلال ترصيد التوصيات والاقتراحات المتضمنة في الوثائق المنبثقة عن الملتقيات والمنتديات التي سبق لمجلس المستشارين تنظيمها؛ 6- أن تضع الرهانات الأساسية لبناء نموذج تنموي جديد، في صلب اهتمامها الإنسان بصفة عامة والنساء، والأطفال والشباب، والأشخاص في وضعية إعاقة والمسنين بصفة خاصة من جهة و رفع تحدي تيسير الولوج لجميع الحقوق وفي مقدمتها تلك المرتبطة بالتعليم والصحة والشغل والسكن والعدالة من جهة أخرى؛ 7- أن بناء نموذج تنموي جديد قادر على ضمان العدالة الاجتماعية ليست عملية تقنية محضة فهي مرتبطة بملاءمة مجموعة من التشريعات الوطنية ذات الصلة بالتشريعات الدولية سواء المتعلقة بالولوج لمجموعة من الحقوق وفي مقدمتها العدالة والمساواة وعدم التمييز، والاستفاذة من التجارب والممارسات الفضلى، الأمر الذي يتطلب، لضمان شروط نجاحه تحصينه بنظامين للمسائلة وللتتبع والتقييم. رابعا، إذ يؤكدون على: 1- إرادتهم في المشاركة البناءة، بشكل حر و موضوعي، في النقاش الوطني بشأن مراجعة النموذج التنموي المغربي، ملتزمين في ذلك بالدستور، واحترام ثوابت الأمة التي ينص عليها؛ 2- استحضارهم للرهان المنهجي المتمثل في مساهمة المنتدى بمقترحات لبلورة "رؤية مندمجة للنموذج السياسي والاقتصادي والاجتماعي ببلادنا، ولمنظومة الحكامة المركزية والترابية، في كل أبعادها، بما في ذلك المنظومة القانونية التي تؤطره" على النحو الذي دعا إليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في رسالته السامية الموجهة إلى المشاركات و المشاركين في النسخة الثالثة من هذا المنتدى؛ 3- إقرارهم بالطابع الأولوي لقضايا الفوارق الاجتماعية والمجالية، وإكراهات تدبير المنظومات الضريبية وأنظمة الحماية الاجتماعية، وتعميم الولوج للخدمات والمرافق الاجتماعية الأساسية، وقضايا تجديد الإطارات القانونية و المؤسساتية الملائمة لتحقيق هذه الأهداف؛ 4- أن إيجاد أجوبة مبتكرة وعملية، لهذه القضايا ذات الأولوية والارتباط بالبعد الاجتماعي والترابي للنموذج التنموي المغربي قيد البناء، كفيل بإيجاد إطار السياسات العمومية الملائم لضمان الولوج الفعلي إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وعلى المساواة بين الجنسين، وعلى إيلاء القصوى للفئات الهشة وللإدماج الاقتصادي والاجتماعي للشباب عبر التكوين والتشغيل وإيجاد حلول عملية لمشاكلهم الحقيقية، وخاصة في المناطق القروية والأحياء الهامشية والفقيرة. وهو ما يقتضي تغيير العقليات ونماذج تصور السياسات العمومية، أفقيا، قطاعيا وترابيا للإجابة العملية على التحديات المطروحة؛ خامسا، يوصون بشكل عام بما يلي: 1. تحويل السياسة الضريبية إلى رافعة لتمويل الالتزامات المرتبطة بالنموذج التنموي المأمول، من منظور للعدالة الجبائية، يعيد التوازن بين الضرائب المباشرة والضرائب غير المباشرة، والتوازن بين تضريب رأس المال وتضريب العمل، وعقلنة الإعفاءات الجبائية والاستمرار في توجيه أدواتها نحو مجالات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ونحو دعم الاستثمارات ذات القيمة المضافة العالية على المستوى الترابي، والمحققة لمستوى من الالتزام البيئي والاجتماعي؛ 2. العمل مع الفاعلين العموميين والخواص والمدنيين المعنيين على استثمار التوصيات والآراء الاستشارية الصادرة عن المؤسسات المشار إليها، من أجل إصلاح المنظومة الجبائية للجماعات الترابية، لتقوية الوظائف التالية على المستوى الترابي (الوظائف الاجتماعية عبر إعادة التوزيع على الفئات والمجموعات الأكثر فقرا وهشاشة، عبر استهداف اجتماعي وترابي ملائمين، الوظائف الترابية بما في ذلك دراسة إمكانية الإعفاء الضريبي لبعض المناطق القروية، وشبه الحضرية الهشة، مع تحفيزات ضريبية للمناطق ذات التنافسية على مستوى كل جهة، والوظائف البيئية)؛ 3. تجريب نماذج جديدة من الشراكات بين القطاعين العام و الخاص، كالشراكة المسماة عقد التحالف le contrat d'alliance، التي تعتبر أداة هامة، في حال استثمارها، لتحقيق الولوج الأمثل و المنصف للخدمات والمرافق الاجتماعية الأساسية على المستوى الترابي، بالنظر لنموذج اتخاذ القرار الذي تتأسس عليه هذه الشراكة، و تحملها المشترك للمكتسبات و المخاطر، مما يضمن استدامة الخدمات الأساسية على المستوى الترابي؛ 4. إعمال توصيات المنتدى الثاني للعدالة الاجتماعية ذات الصلة بمنظومة الحوار الاجتماعي بما في ذلك، التأطير القانوني لهذا الحوار، والتكامل الوظيفي بين أدوار مختلف الأطراف المعنية، و تجديد أجندته، وإدراج إطار ما يسمى tripartisme plus، ووضع إطار منهجي يمكن من استثمار آليات التشاور المنصوص عليها في القانون التنظيمي للجهات وكذا آليات التخطيط الترابي التشاركي على المستوى الجهوي من أجل بناء منظومة ترابية للحوار الاجتماعي في تكامل مع المنظومة الوطنية؛ 5. استثمار مختلف آليات التشاور و الديموقراطية التشاركية على المستوى الترابي، عبر تفعيلها، أو إعادة تأليفها، على وجه الاستعجال من أجل نقل أصوات الديناميات الاجتماعية المتنوعة في مختلف ربوع الوطن إلى فضاء التخطيط التشاركي للسياسات العمومية القطاعية والترابية و الأفقية، وإعادة بناء النسيج الوطني للوساطة الاجتماعية والترافع والمشاركة المواطنة؛ 6. فتح نقاش عمومي وتشاركي بشأن وضع خطة عمل وطنية للمقاولة وحقوق الإنسان، على أرضية المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة للمقاولة وحقوق الإنسان، وبما يدعم مرتكز العدالة الاجتماعية كأساس للنموذج التنموي المغربي الجديد قيد البناء. يدعون فيما يتعلق بالقضايا التي تكتسي طابع الاستعجال إلى: – استعجالية بلورة نموذج تنموي يعتمد على آليات منصفة وسياسات عمومية للحد من الفوارق ومحاربة الفقر والهشاشة والتوزيع العادل للثروات؛ – التعجيل بمراجعة الترسانة القانونية لمنظومة الحكامة المركزية والترابية؛ – إعادة ترتيب بعض الأوراش الاقتصادية والبرامج الاجتماعية والتخلي عن الإصلاحات القطاعية المعزولة؛ – استعجالية إصلاح الإدارة العمومية بما يجعلها في خدمة المواطنين وتحقق المنفعة العامة؛ – محاربة كل أشكال ومظاهر الريع والفساد؛ – خلق وإرساء إطار مؤسسي موحد للقيادة والتنسيق بين مختلف البرامج ذات الصلة بالسياسة والبرامج الاجتماعية؛ – إعادة هيكلة السياسة الوطنية في المجال الاجتماعي والحسم في نوعية الاستراتيجية الموجهة لمحاربة الفقر والفوارق من خلال إطلاق حوار وطني حول الموضوع؛ – تحقيق الإلتقائية والاندماجية والتجانس بين السياسات العمومية الاجتماعية؛ – إرساء قواعد حكامة مؤسسية موحدة وأيضا حكامة في البرامج وعقلنة الموارد الموجهة للسياسات الاجتماعية؛ – الاستهداف العقلاني والمتحكم فيه للفئات الأكثر فقرا وفي وضعية هشاشة، والمجالات الترابية الأكثر هشاشة وضررا؛ – إرساء آليات منصفة لتوزيع الثروة الوطنية المنتجة؛ – إرساء جيل جديد من التعاقدات؛ – الاستثمار في البعد الثقافي والتاريخي وفي القيم المجتمعية ذات الصلة بالتضامن والعدالة الاجتماعية؛ – تقوية روابط الاحساس بالانتماء الاجتماعي؛ – التفكير في مهن المستقبل؛ – جعل التربية والتكوين المدخل الأساسي والحاسم لتحقيق العدالة الاجتماعية؛ – وضع مسألة الشباب في صلب النموذج التنموي باعتبارهم الرأسمال الحقيقي؛ – إحداث قطيعة حقيقية مع الممارسات التي تهدر الزمن والفرص التنموية وتعيق مبادرات الإصلاح. سادسا، يوصون فيما يتعلق بالقضايا ذات الصلة بمواضيع المنتدى البرلماني الدولي الثالث للعدالة الاجتماعية: 1- بخصوص الاستثمار والتسريع الصناعي: – جعل النمو الاقتصادي في خدمة العدالة الاجتماعية والتماسك الاجتماعي والإدماج؛ – خلق نمو اقتصادي، قادر على تعزيز العدالة الاجتماعية، والحركيّة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص، من خلال تبني سياسات عمومية كفيلة بتدارك التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية؛ – إصلاح الإدارة العمومية لتحقيق الإقلاع الاقتصادي وتحفيز الاستثمار؛ – تبني عقلانية إنتاجية توفر بالقدر الكافي تساوي الفرص بين الفاعليين الاقتصاديين وإرساء تنافسية شريفة ونزيهة؛ – إرساء منظومة جبائية منصفة وتحقيق العدالة الجبائية؛ – توسيع القاعدة الاجتماعية للإنتاج وتنويع مصادره؛ – إحقاق المساواة بين الجنسين؛ – إرساء مجلس وطني للصناعة؛ – توجيه الاستثمار العمومي إلى مجالات منتجة؛ – بناء شراكات مبتكرة وفعالة بين القطاعين العام والخاص؛ – إعادة هيكلة المراكز الجهوية للاستثمار. 2- بخصوص الحوار الاجتماعي: – ضرورة التفعيل الحقيقي والجدي للحوار الاجتماعي والتأكيد على أن مأسسته مدخل أساسي لا غنى عنه للتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية؛ – إعادة النظر في دور النقابات والعمل النقابي من خلال اعطاء الممارسة النقابية بعدا جديدا باعتبارها شريكا أساسيا وحاسما في نجاح المقاولة ؛ – ضرورة إشراك كافة الفاعلين الاجتماعيين في إنتاج التشريع الاجتماعي، والتفكير في وضع إطار قانوني لتنظيم الحوار الاجتماعي؛ – إحداث المجلس الوطني للحوار الاجتماعي؛ – الاستناد إلى المبادئ التوجيهية من أجل إعادة بناء المنظومة الوطنية للحوار الاجتماعي التي تبناها المنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية خلال سنة 2017. 3- بخصوص التنمية الجهوية والحكامة الترابية: – التأكيد على أن الجهوية خيار استراتيجي وبواسطتها، وفي إطارها، يمكن للمغرب أن يقطع مع النموذج التنموي القديم الذي بلغ مداه ويرتقي إلى آخر أكثر فعالية، ونجاعة، وعدالة بين أبنائه، والتعجيل بتوفير الشروط المؤدية إليه، ومنها تحديدا، الحس الوطني والعمل المسؤول الجاد وتغيير العقليات والسوكات الثقافية لجعل الجهة فضاءا حقيقيا للتعبير والتمثيلية السياسية، ومجالا مؤهلا لتنزيل سياسات عمومية متناسقة ومندمجة؛ – التعجيل ببناء نموذج تنموي يمكن من ردم الفجوات المجالية، وإعادة صياغة علاقة جديدة بين المناطق والجهات، من خلال: – وضع تشريعات وقوانين جيدة ذات العلاقة بتنظيم المجال والتقسيم الترابي؛ – تبني سياسات عمومية مؤسسة على المشاركة المواطِنة، بواسطة مؤسسات حقيقية وفعالة للوساطة والتمثيلية، وعبر التفعيل الحقيقي والجدي لآليات المتابعة والمساءلة والمحاسبة. – تفعيل جميع آليات التضامن بين الجهات؛ – أجرأة أكثر واقعية لصندوقي التضامن والتأهيل الاجتماعي؛ – تفعيل ما تبقى من التوصيات الصادرة عن الملتقى البرلماني للجهات في دورتيه. – ضرورة إيلاء المسألة الاجتماعية الاهتمام اللازم وتوضيح استراتيجية الدولة في هذا الإطار والاعتماد على وجه الخصوص على أهداف التنمية المستدامة كما حددتها الأممالمتحدة وفق أجندة 2030، ويتعين أجرأة هذه الاستراتيجية وملاءمتها مع واقع كل جهة، استنادا إلى التشخيص الجهوي المرتكز على أوجه الخصاص الاجتماعي، وصولا إلى تحديد الأهداف الدقيقة الواجب بلوغها ووسائل وطرق العمل مع تحديد المسؤوليات التي هي من اختصاص الدولة ووسائل الدعم الإضافية التي يمكن للجماعات الترابية، وعند الاقتضاء، المجتمع المدني أن تقدمها إلى جانب الدولة في تكامل مع تدخلها؛ – وضع استراتيجية للتنمية الاجتماعية الجهوية، تشكل امتدادا إجرائيا على المستوى الجهوي للاستراتيجية الحكومية للتنمية الاجتماعية وتحدد الأهداف والمسؤوليات والبرامج وآليات الحماية والتضامن الاجتماعي وأيضا وسائل التنفيذ؛ – تزويد الجهة بمخاطب رسمي يضطلع بالمسؤولية التي تضطلع بها الدولة في المجال الاجتماعي تكون مهمته العمل على ضمان تفعيل السياسات العمومية المتلائمة مع واقع الجهة في مجال التنمية الاجتماعية والرعاية الاجتماعية، وذلك بتعاون وثيق وفي شكل شراكة إجرائية مع الجهة والجماعات الترابية الأخرى والمجتمع المدني؛ – تدارك الفراغ المؤسساتي، على سبيل الأولوية، المتعلق بغياب إدارة لاممركزة على المستوى الترابي تابعة للقطاع الوزاري المكلف بالمجال الاجتماعي؛ – إحداث قطب اجتماعي موسع ناتج عن لاتمركز فعلي للإدارة المركزية ويعمل على تفعيل المشاريع والعمليات التي تجسد، حسب الحاجيات الخاصة بكل جهة، على المستوى الاجرائي سياسيات الدولة في المجال الاجتماعي وتتقاطع مع تطلعات الجهة وبرامجها التنموية في هذا المجال؛ – السهر على ضمان وضع آليات وأدوات إجرائية كفيلة بتأمين الرعاية الاجتماعية وتدبير شبكات التضامن الاجتماعي والاقتصادي في مواجهة الخصاص الاجتماعي وتقديم الخدمات الاجتماعية للساكنة الهشة على أساس مبدأ القرب؛ – إدراج مقاربة النوع الاجتماعي في ميزانيات الجهات؛ – تفعيل الهيئات الاستشارية المحدثة لدى الجهات والجماعات الترابية؛ وفي الختام، وبغرض ضمان التنسيق والانسجام والتآزر القطاعي، يوصي، المشاركين والمشاركات بإحداث لجنة للإشراف الاستراتيجي تضم مختلف الفاعلين المعنيين، توكل إليها في المقام الأول فحص وتحليل مجمل توصيات ومقترحات المؤسسات الدستورية والهيئات الوطنية ذات الصلة بالموضوع، وكذا الإشراف على مسار الإعداد والتقييم والتحيين الدوري للنموذج التنموي لمغرب الغد وفق لوحة قيادة مضبوطة ومؤشرات قابلة للقياس".