واصلت قوات النظام السوري المدعومة بالقوات الروسية، قصفها الجوي والمدفعي بكثافة على ما تبقى من مناطق سيطرة المعارضة شرق مدينة حلب، بينما تحدث الدفاع المدني عن عشرات الجثث الملقاة في الأحياء المحاصرة دون انتشالها، في وقت يحاول مقاتلو الفصائل التصدي لهجمات قوات النظام والمليشيات المتحالفة. وأدى القصف العنيف بالطيران وراجمات الصواريخ على ما تبقى من أحياء محاصرة بالمدينة، اليوم الخميس، إلى مقتل 18 مدنيا وعشرات الجرحى، وأوضحت قناة الجزيرة أن كل حي تبقى بسيطرة المعارضة شرق حلب يتعرض لقصف بعشرات الصواريخ والبراميل المتفجرة والقذائف، مما زاد من سوء وصعوبة الأوضاع الإنسانية المتدهورة أصلا. ووصف ناشطون وشهود عيان طبيعة قصف حلب بأن القذائف تتساقط كالمطر، في حين لا تحظى جثث القتلى بالدفن أو النقل من مكان مصرعها في الأحياء المحاصرة، وأشار مراسل الجزيرة إلى أن الوضع الإنساني مزرٍ ويفتقد لمتطلبات الحياة مع الشلل الذي أصاب عمل الدفاع المدني وتوقف المستشفيات وموجات البرد القارص والجوع بسبب الكثافة السكانية حيث افترش الناس الشوارع. وكان الدفاع المدني السوري في حلب، قد أعلن أمس الأربعاء، عن استشهاد أكثر من 60 شخصا وجرح 120 آخرين جراء الغارات المتواصلة، ليرتفع عدد القتلى المدنيين في حلب، منذ 15 نونبر الماضي، إلى 845 قتيلا، نتيجة الهجمات التي تنفذها قوات النظام السوري المدعومة بالقوات الروسية والإيرانية. قصف بالكلور وفي هذا السياق، تحدث مركز حلب الإعلامي ووكالة شهبا برس عن قصف بالبراميل المتفجرة على حيي الكلاسة وبستان القصر تحتوي على غاز الكلور السام. ونقلت قناة الجزيرة روايات السكان عن جثث ومصابين في الشوارع لا يمكن لأحد من الأهالي أو فرق الإنقاذ التقدم للمساعدة أو إجلائها بسبب كثافة القصف، حيث يحاول بعض السكان انتشال الجثث ونقلها إلى مركز الطبابة الشرعية مع حلول المساء وخفة القصف. ونقل مراسل الجزيرة عن الدفاع المدني في مدينة حلب أن عشرات القتلى في شوارع المدينة لا يمكن انتشالهم. في المقابل قالت هيئة إغاثية سورية إن أكثر من ألف وخمسمائة شخص بحاجة إلى إجلاء طبي من المدينة، حيث أطلقت مصادر طبية وإنسانية نداءات استغاثة قالت إنها قد تكون الأخيرة تناشد فيها المجتمع الدولي إيقاف "مذابح حلب". ويعاني كثير من سكان الأحياء الشرقية في حلب من وطأة المعارك الضارية التي فرضت عليهم أوضاعا إنسانية قاسية، ومن هؤلاء من يجر زوجته المريضة على كرسي متحرك بعد أن ترك بيته في حي الشعار إثر انسحاب مقاتلي المعارضة. وقال الرجل ويدعى أبو محمد إن له من زوجته سبعة أبناء لا يعرف عن مصيرهم شيئا، وشكا من عدم وجود سيارات إسعاف تساعده في نقل زوجته إلى المستشفى، وقد بقي مع زوجته في شارع مدمَّر بحلب، يحاول تدفئتها حتى وافتها المنية. ونقلت وكالة الأناضول عن أحد المحاصرين في حلب قوله إن هناك نقصا حادا في مستلزمات العمليات الجراحية، إلى جانب نقص الكوادر الطبية، في ظل ازدياد عدد الجرحى، قائلا "لم نعد نجد الأماكن لدفن الموتى، هذا الوضع وفي ظل تكدس هذا العدد الكبير من المدنيين في منطقة ضيقة، ينذر بحدوث وباء". "إبادة" إلى ذلك، حذر رئيس المجلس المحلي بحلب بريتا حاجي حسن من أن زهاء 150 ألف مدني محاصر شرق حلب يواجهون "الإبادة" إذا لم تفتح ممرات آمنة لإنقاذهم، بينما دعا مستشار الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية يان إيغلاند الولاياتالمتحدةوروسيا إلى التوسط لإبرام اتفاق لعمليات إجلاء من المناطق المحاصرة بالمدينة. يأتي ذلك بينما تزداد الأوضاع الإنسانية كارثية مع افتقاد متطلبات الحياة وشلل عمل الدفاع المدني وتوقف المستشفيات وموجات البرد القارص والجوع بسبب الكثافة السكانية وافترش النازحين للشوارع. وقال حاجي حسن اليوم الخميس، إن أكثر من 800 شخص قتلوا وأصيب ما بين 3000 و3500 في شرق حلب المحاصرة في الأيام ال26 الماضية بينما ينتظر أولئك الذين ما زالوا محاصرين حكما فعليا بالإعدام ويحتاجون ممرا آمنا. في السياق ذاته وجهت منظمة "الخوذ البيضاء" -الدفاع المدني الذي يعمل في الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة شرق حلب- الخميس نداء إلى المنظمات الدولية لحماية متطوعيها وتوفير ممر آمن لهم أمام تقدم قوات النظام السوري. وقالت المنظمة -التي رشحت لنيل جائزة نوبل للسلام- في بيان إن "أعضاء الدفاع المدني السوري المحاصرين في حلب يطالبون بتوفير ممر آمن بشكل عاجل لجميع متطوعي الإنقاذ وعائلاتهم والعاملين الآخرين في المجال الإنساني بالمدينة". وحذرت من أنه "إذا لم يتم إجلاء متطوعينا، فإنهم سيواجهون التعذيب والإعدامات الميدانية في معتقلات النظام". وقد نددت منظمة أنقذوا الأطفال "سيف ذي تشيلدرن" غير الحكومية المدافعة عن الأطفال بتحول "عشرات آلاف الأطفال" في حلب الى "أهداف سهلة". كما توقفت مديرة المنظمة سونيا خوش في بيان عند وضع النازحين من حلب و"أشخاص يسيرون في الشوارع من دون أي شيء إلا ملابس قد تقيهم البرد"، منتقدة غياب التحرك الدولي. هجمات في غضون ذلك تواصل قوات المعارضة التصدي للهجمات المستمرة من قوات النظام والمليشيات المتحالفة معها على آخر ما تبقى من أحياء تسيطر عليها. وقال مراسل الجزيرة إن فصائل المعارضة تصدت للهجمات على أكثر من محور في أحياء الكلاسة وبستان القصر وأصيلة والزبدية وقتلت عددا من قوات النظام واستولت على أسلحتهم. من جانبه، قال مركز حلب الإعلامي إن قوات النظام والمليشيات الموالية له تحرق بيوت المدنيين والناشطين في الأحياء الشرقية التي سيطرت عليها خلال الأيام الماضية. وفي التطورات الميدانية الأخرى، أفادت مسار برس بأن الطيران الحربي الروسي شن غارات عدة بالقنابل العنقودية على الأحياء السكنية وسط بلدتي أندرين والسماقية في ريف حماة الشرقي، الأمر الذي أدى إلى وقوع إصابات في صفوف المدنيين، وألحق أضرار في المنازل. أما في محافظة إدلب فقد نفذ الطيران الحربي الروسي غارات بالقنابل العنقودية على مدينة جسر الشغور في الريف الغربي، كما شهدت بلدات معرزيتا وجبالا وتفتناز جنوبي إدلب ومطار أبو الظهور العسكري شرقها غارات من قبل طيران النظام، ما أوقع إصابات بين المدنيين. روسيا تعلن إيقاف القصف أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الخميس في هامبورغ أن جيش النظام السوري أوقف عملياته القتالية في حلب بغية السماح بإجلاء المدنيين. وأورد لافروف على هامش اجتماع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا بحسب ما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية: "أستطيع أن أقول لكم اليوم إن العمليات القتالية للجيش السوري أوقفت في شرق حلب لأن هناك عملية كبيرة قائمة لإجلاء المدنيين". ودعت كل من بريطانيا، وألمانيا، وإيطاليا، وفرنسا، وكندا، إلى جانب الولاياتالمتحدة، في بيان مشترك، إلى "وقف فوري لاطلاق النار"، وحثت إيرانوروسيا على الضغط على النظام السوري للتوصل الى ذلك، بحسب ما جاء في بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية.