مقر الفيفا الأفريقي في المغرب.. قرار يعزز موقع المملكة على خارطة كرة القدم العالمية    المكتب المديري للرجاء يتخذ قرارات جديدة لتصحيح المسار    كيوسك الأربعاء | نسبة الأسر التي ترأسها النساء بالمغرب ارتفعت إلى 19.2 % سنة 2024    حماس تصف محادثات الدوحة حول الهدنة بأنها "جادة وإيجابية" وإسرائيل تنفي توجه نتانياهو للقاهرة    المغرب يتجه نحو الريادة في الطاقة المتجددة... استثمارات ضخمة    هل تساهم كميات اللحوم المستوردة في خفض الأسعار بالسوق الوطنية؟    كأس إيطاليا: يوفنتوس يفوز على كالياري برياعية ويتأهل لربع النهاية    الكعبي عقب استبعاده من جوائز الكرة الذهبية: "اشتغلت بجد وفوجئت بغيابي عن قائمة المرشحين"    شباب مغاربة يقترحون حلولا مبتكرة للإجهاد المائي        مسجد سوريا بطنجة.. معلم تاريخي يربط المغرب بدمشق صومعته تشكل الاستثناء وصممت على النمط الأموي    ضحايا في حادث مروع بالدار البيضاء إثر اصطدام شاحنة بمحطة ترامواي    دبي تطلق خدمة التوصيل بالطائرات بدون طيار الأولى من نوعها في الشرق الأوسط    كيفية تثبيت تطبيق الهاتف المحمول MelBet: سهولة التثبيت والعديد من الخيارات    والي بنك المغرب يعلن الانتهاء من إعداد مشروع قانون "العملات الرقمية"    "هيئة تحرير الشام" تخطط للمستقبل    8 قتلى في حادثتين بالحوز ومراكش    27 قتيلا و2502 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    قطاع الطيران... انطلاق أشغال بناء المصنع الجديد لتريلبورغ    بنك المغرب يخفض سعر فائدته الرئيسي إلى 2,5 في المائة    فينيسيوس أفضل لاعب في العالم وأنشيلوتي أحسن مدرب    جوائز "الأفضل" للفيفا.. البرازيلي فينيسيوس يتوج بلقب عام 2024    تشييع رسمي لجثمان شهيد الواجب بمسقط رأسه في أبي الجعد    المغرب والسعودية يوقعان بالرياض مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجالات التحول الرقمي الحكومي    القنيطرة.. افتتاح معرض لإشاعة ثقافة التهادي بمنتوجات الصناعة التقليدية    إحصاء 2024: الدارجة تستعمل أكثر من الريفية في الناظور    صحيفة 'لوفيغارو': المغرب يتموقع كوجهة رئيسية للسياحة العالمية    رسمياً.. المغرب يصوت لأول مرة بالأمم المتحدة على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام    فيفا ينظم بيع تذاكر كأس العالم للأندية‬    العام الثقافي 'قطر-المغرب 2024': الأميرة للا حسناء وسعادة الشيخة سارة تترأسان بالدوحة عرضا لفن التبوريدة    مجلس الشيوخ الشيلي يدعم مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية (سيناتور شيلي)    المغرب "شريك أساسي وموثوق" للاتحاد الأوروبي (مفوضة أوروبية)    كلمة الأستاذ إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، خلال اجتماع اللجنة الإفريقية للأممية الاشتراكية    ردود فعل غاضبة من نشطاء الحركة الأمازيغية تُشكك في نتائج بنموسى حول نسبة الناطقين بالأمازيغية    لماذا لا تريد موريتانيا تصفية نزاع الصحراء المفتعل؟    الأميرة للا حسناء تترأس عرض التبوريدة    النظام الأساسي لموظفي إدارة السجون على طاولة مجلس الحكومة    دفاع الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال يؤكد أن وضعه الصحي في خطر    كنزي كسّاب من عالم الجمال إلى عالم التمثيل    حاتم عمور يطلب من جمهوره عدم التصويت له في "عراق أواردز"        السينما الإسبانية تُودّع أيقونتها ماريسا باريديس عن 78 عامًا    سرطان المرارة .. مرض نادر يُشخّص في المراحل المتقدمة    ماكرون سيعلن الحداد الوطني بعد إعصار شيدو المدمر في أرخبيل مايوت    زلزال عنيف يضرب أرخبيل فانواتو بالمحيط الهادي    الصين تعارض زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على المنتجات الصينية    السفير الدهر: الجزائر تعيش أزمة هوية .. وغياب سردية وطنية يحفز اللصوصية    لماذا لا يستطيع التابع أن يتحرر؟    عن العُرس الرّيفي والتطريّة والفارس المغوار    علماء يكتشفون فصيلة "خارقة" من البشر لا يحتاجون للنوم لساعات طويلة    بريطاني أدمن "المراهنات الرياضية" بسبب تناول دواء    دراسة: الاكتئاب مرتبط بأمراض القلب عند النساء    باحثون يابانيون يختبرون عقارا رائدا يجعل الأسنان تنمو من جديد    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أين نحن من الذكاء الاصطناعي
نشر في العمق المغربي يوم 17 - 01 - 2018

من منا كان يحلم انه سيأتي يوم يمكن أن يتلقى نفس التكوين في جميع المدارس والمعاهد وبكل الجامعات بعيدة كانت أو قريبة، حديثة كانت أو عريقة، وبنفس الطريقة وعلى يد نفس الأستاذ، أستاذ ملم بديداكتيك المواد وبمختلف البيداغوجيات، عارف بجميع التخصصات من الأدب واللغات إلى الجغرافيا والتاريخ مرورا بالعلوم التجريبية والمخبرية إلى العلوم النظرية وتشعباتها؛ يسرد ويكتب الشعر القديم منه والحديث، يشرح الجسم البشري ويغوص في أعماق الذاكرة وعوالم النفس، يشخص الذكي ويحفز الضعيف، ملم بجميع المعارف ومجيب على كل الأسئلة، بحر من بحور العلم والمعرفة، أستاذ يتقن جميع اللغات ويتفاعل معها، قد يظن البعض انه ضرب من الجنون أو خيال علمي من أفلام هوليود، لكنه الواقع، انه جيل الربوات الأساتذة القادم لا محالة مع الذكاء الاصطناعي أو ما يعرف بIA.
فمنذ ما يزيد عن خمسين سنة والعالم الغربي يحاول أن يصنع آلة تمكنه من محاكاة ما يقوم به بنو جنسه، آلة تفكر وتتكلم بل تدرك وتشعر، محاولة صنفتها سينما هوليود في إطار الخيال العلمي وضمن ما يعرف بليس من المستحيل تحقيقه. هذه المحاولات ابتدأت بصناعة آلات عملاقة تقوم بأعمال ومهام إنتاجية متكررة، وتوجت في بداية الثمانيات والتسعينات من القرن الماضي مع كوفري هينتون و يان يومان ويوشاوا بينجو بوضع اللبنات الأساسية لما سمي بالذكاء الاصطناعي بإنتاج طفرة من جيل جديد للحواسيب ذات القدرة العالية على التنبؤ والخلق، قدرات كانت إلى وقت قريب مميزة للإنسان العاقل، انطلاقا من عمليات أسست على خلق شبكة عصبية اصطناعية ضمن مقاربة ما سمي بالتعلم العميق تحاكي ما يقوم به الدماغ البشري، والهدف منها هو حل العمليات المعقدة ذاتيا أو من خلال التواصل عن طريقة هذه المقاربة التعليمية عوض برمجتها خلال مراحل، وقد زاد في النجاح المذهل لهذه المقاربة توفر قواعد معطيات كبيرة (نصوص، صور، أصوات…) وإنتاج جيل جديد من الحواسيب ذات العقول البيانية تستطيع أن تقوم بعمليات حسابية كبيرة في ظرف وجيز وتختار الحل الجيد من بين الحلول الموجودة وتترك للحاسوب الحرية في اكتشاف الاستراتيجيات الجيدة من أجل حل مشكل ما أو ترجمة نص أو تحليل ظاهرة أو المقارنة بين ظاهرتين طبيعيتين وإيجاد أوجه التقارب فيما بينهما، فمن خلال هذه الشبكات العصبية الاصطناعية لهذه الحواسيب التي تستطيع الملاحظة من خلال ما يتم تزويدها به من وضعيات وحالات واقعية لتتنبأ بواسطة خوارزميات برمجتها من معرفة تطور هذه الحالات وإعطاء حلول يعجز حتى العقل البشري في إيجادها، فهذه القدرات الكبيرة والهائلة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي والإمكانيات المستقبلية التي يمكن أن تنتجها والتي يصعب التكهن بها، الا اذا كانت هناك رؤية واضحة للدول في كيفية توجيهيها للسيطرة على العالم في المستقبل والتي أصبحت هاجس كبير لبعض الدول وفي مقدمتها روسيا التي تؤمن أن التحكم في العالم مستقبلا سيكون بفضل الذكاء الاصطناعي، تفكير ينم عن مدى ذكاء العقل الغربي واداركه ان الذكاء الاصطناعي هو أساس الهيمنة على العالم في المستقبل، وان التقدم نحو السنوات القادمة يبنى من الان وأن النماذج التنموية العالمية الحالية لن تستطيع الصمود في وجه الانفجار التكنولوجي وذكاء الألة المستقبلي؛ فحين يبقى العقل العربي عامة والمغربي خاصة بعيدا كل البعد عن ما ينظر به العالم الغربي للمستقبل، سنوات ضوئية تفصل بين التفكيرين تفكير ينبني على الاستهلاك وتفكير ينبي على الانتاج، رؤية تنبني على التدبير الآني وأخرى على استراتيجيات إنتاجية مستقبلية، فتزداد الفجوة وتترسخ التبعية. فهل النماذج التنموية التقليدية الحالية قادرة على الصمود نحو المئوية المقبلة، أما انها تتجه نحو الافلاس وتحكم على تلك الأمم بعبودية جديدة اشد قسوة وفتكا من العبودية والاستعمار القديم.
جميع المؤشرات والمتغيرات التي يعرفها العالم تؤكد انه بات من الضروري بل ومن المفروض التوجه نحو العلوم الدقيقة وتطوير الذكاء الاصطناعي وادخالها ضمن النماذج التنموية والسياسات التعليمية والإدارية لكل إصلاح مادات أن الفجوة الرقمية مازالت صغيرة وفي بدايتها وكل توجه نحو هذه العلوم المستقبلية حاليا يعتبر صمام أمان للأمم من اجل عدم الاندثار، فالتوجه نحو البحث العلمي وتشجيع الباحثين وتسهيل الطريق لهم من أجل ولوجه بات ضرورة قصوى في مجتمع كمجتمعنا نسبة الثلث فيه امي، وبمدارس وجامعات تنتج أمية من نوع أخر لأن ما يتم تلقينه من مناهج وبرامج اصبح متجاوزا وبعيدا عن ما يتطلبه التقدم العلمي وسوق الشغل من كفاءات وكفايات، كفاية تتجاوز تلقين المعرفة وحفظها بقدر ما تتطلب كيفية استعمال هذه المعرفة من اجل الانتاجية، وتكوين يتطلب كيفية خلق وابداع الأفكار لا في استهلاكها واجترارها، مما يستوجب تكوين جيل متشبع ومتمكن وعارف بمفهوم الذكاء الاصطناعي وأهميته في المستقبل لاستمرار الأمم وتقدمها، لأنه سيأتي زمن لا محالة يكون فيه المعلم روبو متعدد الذكاءات ملما بجل المعارف ومبرمجا بطرائق التدريس الحديثة وديداكتيك المواد وملم بدماغ الطفل وطريقة نموه وكيفية استيعابه للتعلم وللمعارف، فتكون هذه الشبكة من الأساتذة الروبوات التي تتجاوب فيما بينها قادرة على تلقين الكل بنفس الطريقة ومتكيفة مع وضعيات مختلفة، ومبرمجة بشكل كبير على النموذج الغربي في العيش والتفكير وحتى فيما يتعلق بما هو عقائدي وروحي، تفقد من خلالها الامم الاخرى ثقافتها وحضاراتها، ومن هناك تبدأ طفرة التحول أو الانقراض، بحكم ان جل المجتمعات المتخلفة مستهلكة. فالحل اذن هو البدء بتكوين جيل المتميزين والمتفوقين في الرياضيات والاعلاميات والفيزياء والبيولوجيا في مجال الذكاء الاصطناعي لخلق شعب بكل الجامعات والمدارس العليا وحتى الثانويات في هذا التخصص. وإحداث وحدات بحث بكل أكاديميات التربية والتكوين تعمل على البحث التربوي والعلمي المدرسي وعلى تشجيع الفئات المتمدرسة وتعريفها بتكنولوجيا المستقبل منذ الصغر. وحتى في المجال الإداري فقد أصبح من الواجب على كل مسؤول أو من يصبو الى تقلد منصب من مناصب المسؤولية أن تتوفر فيه كفاءات ومؤهلات متعددة تدبيرية وتخصصية في مجالات العلوم والتكنولوجيا حتى يستطيع تطوير الادارة بعيدا عن النمطية والتطبيق الحجري للمساطر وتجميع الاوراق والمراسلات دون اجتهاد ولا خلق ولا ابداع، فأصبحت الادارة تفرز عينة غالبة من الإداريين التي تعرقل حل المشاكل وتسريع المساطر، بل لا تجتهد ولا تقرأ المستقبل فتكون بعض قراراتها، عرقلة للنمو الاقتصادي للدولة وافشالا للاستثمارات، وبعضها هدرا للطاقات، بل تحرم الدولة من خلال بعض قراراتها حتى من كفاءات كانت ستنتج أكثر في موقع أخر أو قطاع أخر عوض حبسها ضمن مجال تدبيري معين، فكيف لهذه العينة أن تؤمن أن المستقبل للذكاء الاصطناعي.
واما المقاولات فقد بات من اللازم ان تستثمر في هذا المجال بخلق شراكات متعددة مع المعاهد والجامعات من اجل تحفيز التوجه في الاستثمار في الميدان لأنها معنية وبشكل مباشر ان ارادت ان تستمر وتحقق تنافسية عالمية وتعمل على تنويع انتاجيتها في كل المجالات من صناعة السيارات وقيادتها الألية إلى إنتاج الروبوات التي تقوم بمهام منزلية، ناهيك عن المجالات الطبية التشخيصية منها والعلاجية فهذه الآلات المستقبلية ستكون لها قدرة كبيرة على التكيف وايجاد الحلول الصعبة، فان كانت حاليا وفي بدايتها تستطيع قيادة السيارة وتوجيها دون الحاجة الى سائق، وان كان بعضها قادر على تشخيص بعض انواع السرطان بدقة متناهية وفي وقت وجيز وبعضها الاخر يستطيع التغلب على الذكاء البشري في بعض الالعاب كالشطرنج وغيرها وفئة أخر تستطيع قراءة الملامح، فما عسانا ان نقول عن جيل 2050أو2080 من هذه الروبوات صاحبة الذكاء الاصطناعي.
لقد بات من الواجب التوجه نحو الذكاء الاصطناعي والاستثمار فيه من طرف الدولة وتشجيع البحث فيه وزرعه في كل السياسات التعليمية المدرسية والجامعية لأنه هو المستقبل والاستمرارية، توجه يأمن مستقبل الأجيال القادمة ويجعل من المورد البشري والرأسمال البشري قلب وروح النموذج التنموي. وهذا ليس صعبا ان اقتنع الجميع بقيمة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي استثمارا حقيقيا وليس استثمار الواجهة والمرايا بمجرد ما تطفأ الكاميرات وتغلق الميكروفونات كأن شيئا لم يكن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.