أدى الملك محمد السادس نصره الله، اليوم، صلاة الجمعة بمسجد الإيمان بمدينة الدارالبيضاء. واستهل الخطيب خطبتي الجمعة، بالتأكيد على أن الأمانة تعد من أسمى الأخلاق التي تحفظ كيان المجتمع، ومن أعظم التكاليف التي أكد عليها الإسلام وأمر بغرسها بين الأمة، وهي في حقيقتها شعور المرء بمسؤوليته وتبعاتها في كل أمر يوكل إليه، مصداقا لقوله تعالى في كتابه الكريم " إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إن كان ظلوما جهولا". وأضاف الخطيب أن المسؤولية لعظمها، أشفقت من حملها السماوات والأرض والجبال على قوتها وصلابتها، شعورا منها بثقلها وشدتها، وفي ذلك تعظيم لشأنها وتهويل لخطرها، فحملها الإنسان لأنه خلق من أجل حملها، إن قام بها أعين عليها، وإن هو تهاون بها فقد ظلم نفسه لجهله بقدرها وعواقب التفريط فيها. وأبرز أن استشعار عبء المسؤولية والقيام بواجبها، هو لب الإيمان، وبالعمل والجد والمثابرة يتحمل الفرد مسؤولياته، ويشارك في اتخاذ القرار، ويدلي بالنصيحة التي تعتبر في الشرع من أساسيات التواصل والتكامل بين الراعي والرعية. وهكذا نرى، يقول الخطيب، كيف أن الدين الإسلامي الحنيف يوضح العلاقة بين كل مدبر لشأن من شؤون الناس وبين الذين يعنيهم ذلك التدبير، سواء كان هذا الشأن سياسيا أو إداريا أو اقتصاديا أو اجتماعيا، بحيث حمل مسؤولية الرعاية والعناية للمتولي وحمل مسؤولية النصيحة لعموم المتولى عليهم. وأشار إلى أن أول ما تقتضيه النصيحة الإخلاص في النية والقول والعمل، فأمر هذه الحياة لا يستقيم إلا إذا عرف الفرد مسؤوليته، وحرص على القيام بها حرصه على نيل ما له من حقوق. وسجل الخطيب، أن الإسلام ربى في أبنائه الإحساس بالقيام بالواجب بدءً بولاة الأمور ومن ينوب عنهم، ومنهم العلماء، ورثة الأنبياء، الذين يتحملون مسؤولية بيان دين الحق إلى العالمين، وكذلك مسؤولية الموظف في وظيفته والعامل في مصنعه والتاجر في تجارته، والمدرس في مدرسته، والطبيب في عيادته والحرفي في حرفته، لأن المسؤولية إذن تطوق كل مؤمن مهما كان مركزه، وهي تعظم بقدر حاملها، وهنا يكمن خطرها، ومن ثم وجب تقديرها حق قدرها. وقال في هذا الخصوص، "ونحن نتحدث عن الأمانة والمسؤولية،، جدير بنا، أن نقف عند هذا البعد، بعد فهم المسؤولية وتنزيل هذا الفهم على الواقع في قيادة أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله". وذكر الخطيب، بأن موضوع المسؤولية حظي باهتمام بالغ في الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى السابعة عشرة لتربع الملك على عرش أسلافه الأماجد، حيث أكد "أن القيام بالمسؤولية يتطلب من الجميع الالتزام بالمفهوم الجديد للسلطة الذي أطلقناه منذ تولينا العرش، والمفهوم الجديد للسلطة يعني المساءلة والمحاسبة التي تتم عبر آليات الضبط والمراقبة وتطبيق القانون، وبالنسبة للمنتخبين فإن ذلك يتم عبر طريق الانتخاب وكسب ثقة المواطنين" انتهى كلام جلالة الملك. وأضاف و"إننا نشهد أمام الله على هذه التلقائية التي يعطي بها مولانا أمير المؤمنين أعزه الله القدوة الحسنة في النهوض بالمسؤولية تجاه أمته وشعبه في المدن والبوادي في أقاصي البلاد وأدانيها، ومهما اختلفت الظروف والتحديات، كما أنها تلقائية مشفوعة بالالتزام المستمد من الإخلاص والإيمان بالمصلحة العليا للبلاد، هذه المصلحة المنوطة رعايتها بالإمامة العظمى وفق ما فيه رضى الله ومصالح البلاد".