عبر عبد العزيز النويضي، المحامي والحقوقي اليساري، عن تقديره لما أسماها "الطريقة التي أدار بها حزب العدالة والتنمية معركة سياسية كبيرة، حيث استطاع أن يكسب ثقة أغلبية الناخبين"، مشيرا أنه "لو سارت الأمور بشكل تلقائي وعفوي وبدون تدخلات فإن حزب العدالة والتنمية كان سيحصل على أكثر من 200 صوت"، معتبرا أن حزب الأصالة والمعاصرة كان يجب ألا يكون. وأوضح النويضي في حوار مع جريدة "العمق" أن التزوير في المغرب دائما يبدأ مع تأسيس أحزاب من طرف السلطة، مشددا على أنه لا يمكن الحديث عن وجود قطبية حزبية في المغرب بين البام والبيجيدي، لأنه لا يوجد حزب حقيقي اسمه الأصالة والمعاصرة لأن هناك أحزاب كثيرة خلقتها السلطة دون سند شعبي هذا آخرها، فهي كلها أحزاب مصنوعة، وبالتالي لا يمكن أن نعتبر هذا الوليد الأخير هو حزب في مستوى أن يشكل قطبا. وأبرز المصدر ذاته أن حزب الأصالة والمعاصرة لو تخلى عنه النظام، فإنه بين عشية وضحاها سيصبح لا شيء وصفرا، مشيرا أن المغرب يعيش تعددية فيها بعض الأحزاب كالعدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال وحزب التقدم والاشتراكية وغيرها من الأحزاب اليسارية الضعيفة والمشتتة، غير أنها تعددية مشوهة بسبب التدخلات السلطوية والإدارة في خلق الأحزاب وفي إضعاف الأحزاب الوطنية. كيف تقرأ نتائج الانتخابات التشريعية ليوم 7 أكتوبر؟ أولا أعبر عن تقديري للطريقة التي أدار بها حزب العدالة والتنمية معركة سياسية كبيرة، حيث استطاع أن يكسب ثقة أغلبية الناخبين. وأريد أن أقول أن هناك حزب قيل بأنه جاء في المرتبة الثانية والحقيقة أن هذا الحزب كان يجب ألا يكون. بمعنى آخر لو سارت الأمور بشكل تلقائي وعفوي وبدون تدخلات فإن حزب العدالة والتنمية كان سيحصل على أكثر من 200 صوت. وأنا كأستاذ في القانون الدستوري وعلم السياسة لمدة تقرب من ربع قرن، وكمتابع ومحلل، يمكن أن أقول بأن التزوير في المغرب دائما يبدأ مع تأسيس أحزاب من طرف السلطة. ولهذا لا يهمني ماذا يحصل يوم الاقتراع بل يهمني المسار السياسي وسلوك الفاعلين والأحداث المتراكمة. ولهذا فإنني أدعو مرة أخرى إلى أن تتحالف الأحزاب اليسارية المستقلة النزيهة مع القوى الإسلامية على كلمة سواء لتأسيس نظام ديمقراطي في المغرب. نظام يؤمن بالتعددية الحقيقية وبحقوق الإنسان، وبأن السلطة يجب أن يمارسها الناس الذين يمثلون الشعب. هل هذا يعني أن حزب البيجيدي حزب ديمقراطي يمكن التعويل عليه في تطوير الممارسة السياسية بالمغرب؟ طبعا هذا أملي، وفي جميع الحالات يجب احترام إرادة الشعوب، ولهذا أنا أرى أنه يجب أن نصل في المغرب إلى ميثاق للديمقراطية ودستور ديمقراطي كما حصل في تونس. لحد الآن الدستور الذي لدينا ليس دستورا سيئا بل هو دستور يمكن من ممارسة ديمقراطية إذا لم تحصل له تأويلات وقراءة غير ديمقراطية، وهو ما يحصل الآن ليس بسبب أن الدستور رديء، ولكن بسبب أن مصالح وأصحاب امتيازات ضخمة ميزان القوى معهم بقوة السلاح وليس بقوة الإرادات الشعبية. هل فعلا بات المغرب يعيش قطبية حزبية؟ هناك قطبية في الحقيقة بين إرادة الشعب وإرادة تعطيل الديمقراطية. فهذه هي القطبية الحقيقية. فلا يوجد حزب حقيقي اسمه الأصالة والمعاصرة لأن هناك أحزاب كثيرة خلقتها السلطة دون سند شعبي هذا آخرها، بدءً من حزب الحركة الشعبية إلى التجمع الوطني للأحرار إلى الاتحاد الدستوري، إلى الحركة الديمقراطية والاجتماعية التي أسسها محمود عرشان، فهي كلها أحزاب مصنوعة، وبالتالي لا يمكن أن نعتبر هذا الوليد الأخير هو حزب في مستوى أن يشكل قطبا. فهو حزب لو تخلى عنه النظام، فإنه بين عشية وضحاها سيصبح لا شيء وصفرا. ولهذا هناك تعددية فيها بعض الأحزاب كالعدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي الذي نأسف لمصيره، وحزب الاستقلال الذي نتمنى أن يسلك حزبه سلوكا واضحا وألا يخضع للابتزاز والمساومات، وبطبيعة حزب التقدم والاشتراكية وغيرها من الأحزاب اليسارية الضعيفة والمشتتة. نعم لدينا تعددية ولكنها تعددية مشوهة بسبب التدخلات السلطوية والإدارة في خلق الأحزاب وفي إضعاف الأحزاب الوطنية. فعندما تكون قوية فإنه يتم إضعافها ويتم فعل كل شيء حتى لا تصبح هناك قوية لصالح الديمقراطية بالمغرب. بماذا يمكن تفسير النتائج السلبية التي حصلت عليها الأحزاب التقليدية؟ هناك أسباب داخلية هي التي جعلت هذه الأحزاب تتراجع. فحزب الاتحاد الاشتراكي لا يمكن أن يلوم السلطة اليوم على النتائج التي حصل عليها. فالقيادة الحالية للاتحاد تسير بالحزب نحو الهاوية. ولكن يجب القول أن هذه الأحزاب عندما كانت السلطة تعمل كل شيء من أجل اضعافها، فهي اليوم تتركها لأن السلطة تفضل حزبها الأصالة والمعاصرة. ولهذا يمكن القول بأن تضافر العوامل الداخلية مع التدخلات السلطوية هي السبب في ما وصلت إليه تلك الأحزاب من نتائج كتلك التي حصلت عليها اليوم. وحتى العوامل الداخلية هناك من يشجع الرداءة داخل الأحزاب ويدعمها ويتعهدها بالرعاية. كيف تفسر التراجع الذي حصل لحزب التقدم والاشتراكية؟ أعتقد أنه أدى ثمن وقوفه مع الأمين العام للحزب نبيل بنعبد الله، لأنه كان يُؤمل من الحزب أن يتخلص من أمينه العام، ولكنه صمد وساند بنعبد الله، وبالتالي فإن السلطة أرادت أن يؤدي الثمن بسبب ذلك. تمكن حزب البيجيدي من حصد مقاعد في الصحراء لأول مرة، كيف تقرأ ذلك؟ هذا أمر جيد. لأن ذلك يعني أن هذا الحزب صارت له قاعدة شعبية، وهذا كذلك يعزز الوحدة الوطنية ويعني أن الأحزاب الأخرى فقدت النفوذ الذي كانت تتمتع به. ما هي السيناريوهات التي يمكن أن تتحقق بشأن التحالفات المقبلة؟ السيناريو الذي يبدو مرغوبا فيه هو أن يتحالف حزب الاستقلال مع العدالة والتنمية وينضاف إليهم حزب التقدم والاشتراكية، وبطبيعة الحال تحت ضرورة أن يُضاف إليهم حزب الحركة الشعبية لأنه يجب إكمال النصاب العددي، ولكن يمكن أن يخضع حزب العدالة والتنمية للابتزاز من طرف بعض الأحزاب التي تخضع هي نفسها للابتزاز ونحن لا نتمنى ذلك. وإذا فشل بنكيران في تشكيل حكومته فإن أحسن ما يفعله هو الدعوة إلى انتخابات جديدة. وأعتقد أن الدولة ستقبل ذلك لأنها تريد الاستقرار، كما يمكن تشير على أحزاب الحركة الشعبية والأحرار بدخول الحكومة تجنبا لسيناريو إعادة الانتخابات. فنحن كنا نتمنى في العهد الجديد أن نسير في العهد الجديد أن نسير في طريق الديمقراطية، ولكن مع الأسف هناك مصالح ضخمة تقاوم أي تغيير وتعتبر أن الديمقراطية ستضرها والحقيقة أن الديمقراطية هي في مصلحة الجميع. فتأسيس ملكية برلمانية مستقرة تتقاسم فيها السلطة والثروات مع الشعب هو مستقبل المقرب، أما التشبث بالسلطة واحتكار الثروات ودفع الناس إلى الفقر المدقع ودفع البلاد إلى عدم الاستقرار لن يكون في مصلحة البلاد، وخاصة في مصلحة الذين يراكمون الثروات والسلطة.