استلقت على فراش الموت، تنتظر ساعة الإحتضار، ساعة مغادرة الوطن. آه ما أحر هذا الألم البئيس، المتربع على عرش دواخلها، منذ الميلاد إلى الآن. ضربت موعدا مع طبيب يختص في هذا النوع من الجروح، إلا أنه فشل في علاج قروح متجدرة متسلسلة، انطلاقتها الماضي ومخلفاته، أما نقطة الوصول لا تدري. ستجاحد الحب وستنتفض في وجه أحاسيس سرابية، أغلبها تميل إلى السلبية، تكسرت وابتسمت، خانها الخونة، فوضعت أحلى الزينة وارتدت لباسا أميريا يليق بالصامدات مثلها. أعلنت كفرها وجحودها بالقيم والمبادئ، وأقرت ضياعها، اقتربت ظنا منها أنه الحقيقة، التي طالما كانت تبحث عنها في عيون الخائنين. ضاع العمر في الوهم وحان موعد الفراق، فراق الذكريات الأليمة والعودة إلى فراش الموت حيث القبر، تشتاقه لأنها تحسه الحقيقة الصادقة والمطلقة، بين أشياء نراها ونقر صدقها ووجودها،لكنها في حقيقة الأمر هي والسراب سيان. تنتظر الموت بفارغ الصبر، فقد أعياها الزمان وأرهقها العباد ولم تعد في طاقتها ملاقاة أيامها، تصرخ في صمت، ولما تسأل عن السبب، تجيب بابتسامة اعتادت وجودها، وأحيانا تدرف دموعا تتحجج بقساوة المناخ، حتى لا يلحظ الآخر ضعفها وهوان صمودها أحيانا. هل للمكان قلب صادق يعينها على تجديد الثقة، حتى إن كان أمر البحث عنها، أشياء لا تستطيع أن تتفاعل مع رغباتها الدفينة ؟ هل سينشرح لابتسامتها البريئة؟ كيف له أن يخفف آلامها وقروحها، ويطمئن قلبا لم ينعم بعد، أحاسيس الأمن والأمان. فؤاد ينبض بالأمل لكن هناك شئ ما يجعلها على حافة الخوف والقلق وتناقض الرغبات، ماسبب ذلك؟ هل خيبات الأمل المتوالية، أم تلك التجارب التي أدخلتها في صدمات سباتية، تستيقظ في كل لحظة فرح، لتعيد تلك المشاهد الدامية وتنزع نبضات السعادة. غاب الصدق في أرواح اصطنعت الوفاء، فلا ضير أن تبحث عن البديل، حتى إن كانت أشياء لا تستطيع أن تتفاعل مع غموضها، لكنها تدرك حقيقة وجودها، وأنها خلقت لعبادة خالق الكون، تعتزم هذه الأنثى أن تعيش وتتعايش معها، في عالم مغاير ، على الأقل لن تخونها كما فعل الآخرون بالرغم من وحشة المكان.