حسنا فعل وزير الثقافة حين لم يتردد في إقالة مدير ديوانه مباشرة بعد لقاء هذا الأخير مع المسرحيين ومخاطبتهم بأنه لا يعرف معنى الثقافة، وليس لديه ما يفعله بها. فبهذا الكلام الصادر عن مسؤول نضع الأصبع على أهم مشكل تعاني منه البلاد، ألا وهو وضع الرجال والنساء غير المناسبين في الأمكنة غير المناسبة. إن تصرف الوزير هو في الحقيقة إشارة ثقافية وسياسية إيجابية نتمنى أن تتلوها خطوات عملية وإجرائية في أفق النهوض بالعمل الثقافي والفني والابتعاد به عن منطق الحزبية والزبونية والمحاباة التي طبعت القطاع لعقود طويلة جعلته موردا للريع والتكسب غير المشروع، في مقابل الإهمال والتهميش للمبادرات الحقيقية في جميع المجالات التي تهم الثقافة، فنا وكتابا وفرجة وآثارا… لكن هذا لا يعني أن دور وزارة الثقافة كان سلبيا بالكامل، بل بالعكس ، هناك مثلا كتب ومسرحيات وترميمات أثرية لم يكن ليُكتب لها الخروج إلى حيز الوجود لولا دعم الوزارة . وكمثال على ذلك نسوق إحدى التظاهرات التي لنا شرف إقامتها والإشراف عليها ، ويتعلق الأمر بالمعرض الوطني للكتاب المستعمل الذي بلغ دورته العاشرة متطورا من مجرد معرض محلي إلى تظاهرة وطنية تستقطب عشرات الآلاف من القراء والعديد من الكتاب المبدعين في شتى صنوف التأليف، وذلك تحقيقا للهدف الوطني الذي يجمع عليه الكل والمتعلق بدعم القراءة وإشاعتها على أوسع نطاق بين المواطنين. نقول أنه لولا دعم الوزارة لهاته التظاهرة منذ دورتها السابعة لكان طواها النسيان، لأن الجمعية البيضاوية للكتبيين، المشرفة عليها، لا يمكنها الاستمرار في تنظيمها بإمكانياتها الذاتية المحدودة. لذلك لا بد من المضي في سياسة الدعم وتصحيح اختلالاتها لأننا لا نرى مستقبلا للثقافة دون دعم الدولة كما هو معمول به في جميع دول العالم. ولا بد أيضا من إشراك القطاع الخاص في هذه العملية في أفق اقتصاد ثقافي منتج وذي إشعاع وطني ودولي في خدمة قضايا الوطن والمجتمع. لذلك ورغم تفهمنا للتأخير الذي يعرفه صرف الدعم لمختلف الفاعلين، ومنهم الجمعية البيضاوية للكتبيين، فإنه بات من المستعجل تجاوز هذه الوضعية وإعادة إرساء أجواء الثقة والتعاون بين الوزارة والفاعلين وأيضا لتجاوز حالة الاحتقان التي تعيشها البلاد، ولا يخفى على أحد دور الثقافة والمثقفين في ذلك. * رئيس الجمعية البيضاوية للكتبيين