1- تقديم.. كنت و لازلت ممن غزت حياتهم الفنون الأمريكية، من سينما و مسرح و غناء، رغم الثقافة الفرنسية الكثيفة التي تملأ حياة الشاب المغربي، بدءا من تربيته بالبيت، الى المدرسة، ثم الشارع و العمل..المسلسلات و الأعمال الفنية الفرنسية التي تغزو الشاشات المغربية، و تجعل من العالم قرية صغيرة، حتى أنه ممكن أن تتعرف على تقاليد و عادات المجتمع، و رد الفعل الخاص به حول أمور معينة، و تناظر و تعطي رأيك فيها و انت لم تزر قط تلك البلد او المدينة.. هذا الاستثناء الذي بدأ مع فترة المراهقة خصوصا، و أنا أكتشف أفلام و برامج أمريكية، تبين لك التطور التقني و التكونولوجي لهذه المجتمعات، و تعيش رحلة بين التفوق العلمي الكبير في فلم، بينما تكتشتف التشتت الأسري الكبير في الفلم الآخر، وتتعجب للمستوى التعليمي و ضمان الحريات في الفلم الثالث، و تصدم بمشاكل السود العنصرية في فيلم رابع، ثم تسمع لأغنية تظهر لك مدى الحب المنتشر و تكتشف الأخرى تحدثك عن سوء معاملة المشردين في الشارع…تجدك مبهورا أحيانا بسقف ما وصلت إليه هذه القارة و ولاياتها، ثم تجد نفسك تمشي في وقفات و مظاهرات ضد سياساتها.. ترسخ عندي أسئلة كثيرة كنت دائما أكررها، هل سياسة هذه الولايات تمثل شعبها؟ ما سبب تطورها التكنولوجي و العلمي و ما سبب تدهورنا؟ لماذا جامعاتنا ليس كجامعاتهم؟ لماذا مثقفونا ليسوا كمثقفيهم؟ لماذا يبدعون برامج تلفزية اعتمادا على تقاليديهم و فكرهم و نقوم بإعادتها نحن بدون أدنى احترام لتقاليدنا و عاداتنا؟ لماذا ينجح الأمريكي فيصفقون له، و ينجح العربي فيدمرونه؟ لماذا يهتمون بالبحث العلمي ويقدسون الحرية، و نحن نعشق الكسل و نقدس النوم؟ لماذا النجاح في بلدي استثناء، و النجاح في بلدهم نتيجة محتومة؟ لماذا يدرسون لأطفالهم أن التطوع واجب و نحن ندرسهم أن التطوع وقت ثالث؟ لماذا يهتم مثقفوهم بالعمق، و يبحث مثقفونا عن المظاهر؟ لماذا الثقة و الصدق و الأمانة جزء من تربيتهم، و الفساد و القمع و الاستبداد جزء من عاداتنا؟ لماذا يصنعون و يخترعون و نحن نستلهلك؟ لماذا لا نصنع نحن و هم يستهلكون؟ لماذا نهتم بالتفاهة و نربيها و نجعل منها قضية؟ هل المشكل فينا، أم فيهم؟ هل نحن المخطئون أم هم؟ اسئلة كثيرة كانت تراودني كل مرة و لم أكن أجد لها أجوبة، حتى جائتني الفرصة لزيارة الولاياتالمتحدةالأمريكية ذات صباح و أنا منهمك في عملي اليومي، يصلني اتصال من السفارة الأمريكية بالرباط، صديقة تقول أن هناك برنامج للزائرين الدوليين، تم اقتراح اسمي لأكون من المشاركين، حول تأثير الشبكات الإجتماعية في حياة المجتمعات، قبلت العرض فورا، لأنني أحسست أنني سأعيش تجربة مهنية مميزة بالتعرفة على أكبر الشركات بمختلف الولايات و التي تشتغل في الشبكات الإجتماعية، لكن أيضا فرصة لكي أحاول الإجابة على كل الأسئلة التي لطالما خالجتني، و أبحث عن الحقيقة، و أخرج من هذه التجربة الجديدة بنتيجتين، الأولى مهنية و الثانية حياتية.. في حلقات هذه التجربة التي أتمنى أن تضيف إليكم معلومات و خبرات جديدة، و بعنوان "غسان فميريكان" سأحاول أن أمرر تحت المجهر، كل يوم من سفري لبلاد العم سام، و أشارككم جزءا من الإجابات التي استنتجتها، مهتما بمحاور أساسية : السياسة، التربية و التكوين، الإبداع، التعليم، الصحة و العدل، الأخلاق، الإنخراط المجتمعي ثم التكنولوجيا في خدمة الشعب.. موعدنا في الحلقة القادمة..لنكتشف جميعا : علاقة الشعب بالدولة في أمريكا..