لم يمر البلاغ الذي أصدرته الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية اليوم الأربعاء، بعد اجتماع لها أمس الثلاثاء 10 ماي 2017، دون أن يحاول تمرير عدد من الرسائل سواء بشكل ضمني أو بشكل علني. انقسام في التقييم اعترف بلاغ أمانة البيجيدي، أن المرحلة الماضية التي تلت اعفاء الملك محمد السادس لزعيم الحزب عبد الإله بنكيران من مهمة تشكيل الحكومة، لم يكن حولها إجماع بشأن قرائها وتقبل النتائج التي تلتها، حيث قال مصدر مطلع لجريدة "العمق" إن قيادة البيجيدي منقسمة في التقييم بين من يعتبر ما وقع انتكاسة وبين من يعتبره انتصار. وقال البلاغ إن اجتماع أعضاء الأمانة العامة عرف تقييمات مختلفة بشأن مرحلة تشكيل الحكومة، حيث اعتبر البلاغ أن تلك النقاشات تعكس "المكانة المحورية للحزب في المجتمع المغربي، والأمل المعقود على دوره إلى جانب القوى الوطنية الساعية إلى تعزيز البناء الديمقراطي في بلدنا". غياب رؤية مستقبلية تكشف الفقرة الثانية من بلاغ اجتماع الأمانة العامة للبيجيدي أن الحزب ليس له أي رؤية لمستقبل الحزب، حيث اكتفى البلاغ بالدعوة إلى "ضرورة امتلاك قراءة جماعية هادئة للمرحلة وبلورة رؤية مستقبلية لمواجهة استحقاقاتها وتحدياتها مواصلة لخدمة المصالح العليا للوطن والاستجابة لانتظارات وتطلعات المواطنين". كما أبرزت الفقرة ذاتها "الحرص الكبير لأعضاء الأمانة العامة على تجاوز تداعيات المرحلة والأسئلة التي طرحتها من خلال الحوار الحر والبنَّاء والهادف والمسؤول داخل هيئات الحزب"، وذلك في إشارة إلى ما أثارته التراشقات بين أعضاء الحزب على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، والتي كانت موضوع تنبيه سابق من لدن نائب الأمين العام للحزب. وخوفا من حدوث انقسام داخل الحزب بسبب التراشقات الإعلامية بين أعضاء الحزب، دعا بلاغ الأمانة العامة "مناضلي الحزب للتحلي باليقظة وروح المسؤولية والتمسك بمقتضيات الأخوة الصادقة وحسن تدبير الاختلاف، وتفويت الفرصة على المتربصين بالحزب"، بحسب تعبير البلاغ. تطمين المواطنين حاولت الفقرة الأخيرة من البلاغ بعث رسالة تطمين إلى عموم المغاربة، تقول إن "حزب العدالة والتنمية حريص على الوفاء لثقة المواطنين التي بوأته مركز الصدارة في المشهد السياسي خلال الانتخابات التشريعية ل 7 أكتوبر، وعزمه مواصلة أوراش الإصلاح ببلدنا والدفاع عن كرامة المواطنين وخدمة مصالحهم، سواء من خلال دوره على المستوى الحكومي أو عبر عمل برلمانييه ومنتخبيه". رسالة التطمين هاته، جاءت بعد سلسلة من الأحداث والوقائع التي تقول إن حزب العدالة والتنمية "بدأ يفقد بريقه السياسي بعد قبوله تشكيل حكومة لا تعكس الإرادة الشعبية التي بوأت الحزب صدارة الانتخابات التشريعية الماضية"، وقبوله الرضوخ لشروط رئيس حزب سياسي آخر وإدخال حزب سياسي للحكومة ضدا على رغبة قواعد الحزب والمغاربة الذين لم يصوتوا عليه بكثافة في الاستحقاقات الماضي. عدم دعم حكومة العثماني من بين أهم الرسائل التي يفصح عنها بلاغ الأمانة العامة، هو تجاهل الأخيرة لحكومة العثماني وعدم التعبير عن دعمها كما كانت تفعل الأمانة العامة في وقت سابق مع خطوات وتحركات الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران، بالرغم من أن قرار قبول اعفاء الملك لبنكيران والتعامل الإيجابي معه اتخذته الأمانة العامة ذاتها، وزكت تشكيل حكومة جديد برئاسة رئيس المجلس الوطني سعد الدين العثماني. ويطرح تجاهل بلاغ الأمانة العامة تساؤلات بشأن وجود توجه رسمي داخل الحزب يراهن على ترك مسافة مع حكومة العثماني، والتراجع عن دعمها بشكل كلي، والاكتفاء في مقابل ذلك بتقديم "المساندة النقدية" لها على غرار الموقف الذي سبق أن أعلنته قيادة حزب الاستقلال اتجاه حكومة العدالة والتنمية.