كان الإعلام الجزائري المقرب من دوائر القرار، أول من رشحه ب"قوة" لخلافة الراحل محمد عبد العزيز، على رئاسة الجبهة الانفصالية، إبراهيم غالي، الذي اشتغل كثيرا في الجزائر في السلك الدبلوماسي حيث كان يمثل الجبهة في العاصمة الجزائري "سفيرا فوق العادة"، شخصية غير عادية آتية من بعيد، قبل حوالي أربعة عقود، إذ كان أول أمين عام للجبهة خلال مؤتمرها التأسيسي في 10 ماي 1973، قبل أن يتدرج في المسؤوليات من منصب ما يسمى بوزير دفاع البوليساريو لحوالي 14 سنة، ثم سفيرا بالجزائر، وبمدريد، فوزيرا مكلفا بانفصاليي الداخل من 1998 إلى سنة 1999، في أوج بدايات حراكهم، ما منحه اطلاعا كبيرا على قضايا الأقاليم الجنوبية. خلال الأيام الأخيرة من شهر مارس الماضي، تم الاتفاق مبدئيا على خليفة "زعيم الجبهة" محمد عبد العزيز في حال وفاته. كان محمد عبد العزيز حينها يصارع المرض في المستشفى بالولايات المتحدةالأمريكية، وكل التوقعات الطبية كانت تسير في اتجاه أنه يمضي نحو حتفه الأخير. اجتمعت حينها، بعض قيادات البوليساريو في العاصمة الجزائرية، ضمت في عضويتها إبراهيم غالي، مع مسؤولين جزائريين برئاسة الوزير الأول الجزائري عبد المالك سلال، ووزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة وقائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح ووزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية عبد القادر مساهل، حسب ما كانت ذكرته حينها مصادر صحراوية، ولم يتم تكذيبها من قبل وسائل الإعلام الرسمية الجزائرية. وكانت من بين النقط المطروحة في جدول أعمال ذاك الاجتماع، "تدارس مسألة خلافة الرئيس محمد عبد العزيز الذي تدهورت حالته الصحية بشكل كبير خاصة وأن أطباءه أكدوا أن جسمه لم يعد يستجب للعلاج". وخرج ذاك الاجتماع بما قيل إنه "شبه إجماع" على القيادي إبراهيم غالي لتولي منصب الأمين العام لجبهة البوليساريو، بعيدا عن "صداع المؤتمر"، بمبرر أنه يحظى بثقة الجزائر بعد سنوات من اختلاطه بالمسؤولين الجزائريين عندما كان يشغل منصب سفير للبوليساريو في العاصمة الجزائرية. يرجح العديد من الصحراويين في البوليساريو، أن تكون مهمة إبراهيم غالي خلال الفترة المقبلة على رأس البوليساريو، هي قيادة المرحلة الانتقالية والعمل على إنجاحها، وليس لتسيير شؤون الجبهة. يبررون ذلك بكون غالي يشكو من ضعف التكوين السياسي، وما يعرف عنه فقط هو رفضه المطلق لمشروع الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب ومؤيد شرس لشعارات تقرير المصير والاستفتاء، وهو الذي كان قد سبق له وأن اجتمع مع الملك محمد السادس، حينما كان وليا للعهد، ووزير الداخلية الأسبق إدريس البصري ضمن الوفد البوليساريو المفاوض حول ملف الصحراء في العام 1996 في الرباط برعاية أممية.