خذوني إليها ,, خذوني إلى تطوان حيث تشرق الشمس ولا تغرب إلا في الصين.. خذوني إلى ضفاف وادي مارتيل أنقّب في تمودة وأساءل عن زمن غابر.. عن تلك الحمامة البيضاء.. وقديما قال شاعرنا وابن مدينتي ابراهيم طوقان: بيض الحمائم حسبهن أني أردد سجعهن خذوني إليها وهي ترخي ضفيرتها من على درسة وجبال الريف فلا تقف إلا في المتوسط من الأبيض من البحر. خذوني إليها فإذا ما عطِشَت مددت لها يداي فارتشفت من عين سيدي علي حتى ارتوت .. وارتشفت من عينيها فما رويت.. خذوني إليها حيث العشق ليس سوى إعلان حرب والحرب بيننا ليس فيها مهزوم ..... ها قد جئتك تطوان مع العاديات ضبحا وهنّ يثرن نقع الطريق... جئتك وقد قالوا لي من هنا مرّ ذات يوم عبدالرحمن في طريقه إلى الأندلس فأكرمت وفادته، وإلى قلبك عاد أحفاده.. جئتك أتلمس حواريك العتيقة أشم جدرانك وما سرقته من عطرك وأسلّم على أخر الموريسكيين.. هنا هزمت إيزابيلا وتوقف على تخومك فرناند.. هنا سكنك وسكنت فيهم من عرب وأمازيغ وبربر هنا أكلنا الحوت السلطاني حفيد ذلك الحوت الذي أكلاه موسى والخضر.. هنا شربنا المزعزع معا ذات مساء في زنقة بحي التوتة. قبل أن نمضي في طريقنا إلى شفشاون.. هنا وقفنا وقلنا سلاما على ما بقي من القصبة.. هنا حفرنا معا ككل عاشقين أوائل أسمائنا على جذع شجرة آوت إلى ظل في يوم قائظ.. تطوان هل كان على محمد فخري البارودي أن يكتب رائعته بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان ومن نجد إلى يمن إلى مصر فتطوان.. هل كان عليه ذلك حتى يحفظ لنا أخر ما يذكرنا بأن لسانا واحدا يجمعنا وأن نبضا واحدا يحيينا.. في تطوان .. قف ورتل آيات من الفاتحة على روح سيدي المنظري وعبد السلام البحر قبل أن تودع لكني لا أقول وداعا بل إلى لقاء غسان أبو حسين / مدير البرامج بقناة الجزيرة الوثائقية تطوان- 1 يونيو 2016