قررت حكومة ماريانو راخوي منح الجنسية لأكثر من 3 ملايين ونصف من أحفاد يهود السفرديم، المطرودين رفقة الآلاف من الموريسكيين خلال القرن الخامس عشر، لكنها رفضت منح الجنسية للمئات من أحفاد الموريسكيين، رغم تقديمهم للعديد من الرسائل والمذكرات إلى الحكومات الإسبانية المتعاقبة، آخرها في عهد الرئيس الاشتراكي خوسي لويس رودريغيث ثاباطيرو. والموريسكيون هم المسلمون الذين فضلوا البقاء في إسبانيا تحت الحكم الاسباني المسيحي بعد أن خيروا إثر سقوط غرناطة 1491 بين اعتناق المسيحية أو مغادرة إسبانيا. وكان العلماء والفقهاء والقادة المسلمون قد اتفقوا بعد اشتداد الحصار عليهم أن يستسلموا وفاوضوا على ذلك الملك فيرديناند وكذا على شروط الاستسلام. وفي 25 نونبر 1491، قام عبد الله الصغير، آخر ملوك بني الأحمر، بالتوقيع على اتفاقية الاستسلام وسلم مفاتيح المدينة إلى الملك فيرديناند والملكة إيزابيلا على أن يحتفظ المسلمون بدينهم وممتلكاتهم ويخضعون لمحاكمهم وقوانينهم الشرعية ولا يفرض عليهم ارتداء ما يشير إلى هويتهم كما لا يلزمون بدفع ضرائب استثنائية ولهم حق التصرف في تربية أبنائهم والاحتفاظ بأسلحتهم ما عدا ذخائر البارود وأن لا يعين عليهم إلا من يلتزم باحترامهم. ولكن الكاتوليك، بعد أن استتب لهم الأمر، غدروا بالمسلمين الموريسكيين وغيروا سياستهم إزاءهم وشرعوا في ملاحقتهم وممارسة العنف عليهم من اضطهاد وتقتيل، خاصة ضد أولئك الذين رفضوا التنصير. وكان للموريسكيين ثورات أهمها ثورة البيازين(1499) وثورة غرناطة 1568- 1571 التي تم قمعهما بمنتهى الوحشية، إلى أن استقر رأي الملكة الكاتوليكية إيزابيلا على فرض تدابير جديدة تفرض التنصير وتمنع المسلمين من ارتداء لباسهم التقليدي كما أجبروهم على تغيير أسمائهم بعد أن أصدرت أوامرها بتحويل المساجد إلى كنائس وبمصادرة جميع أوقاف المسلمين. وكانت الكارثة هي قرار الملكين الكاثولكين بتشجيع من الكنيسة، بحرق كتب المسلمين. ويعد ذلك من أكبر الجرائم في حق الإنسانية، على امتداد نبوغ العقل البشري، عبر التاريخ، إذ يعتقد أن عملية الحرق والتدمير مست فوق المليون مؤلف في شتى مجالات العلوم. ثم تقرر إخضاع جميع الموريسكيين إلى محاكم التفتيش لتبدأ مرحلة أخرى أكثر عنفا ودموية ضد كل من يشك في نصرانيته، بمباركة البابا وممثليه في الجزيرة الإيبيرية. وانطلاقا من سنة 1609، قام الملك فيليب الثالث بطرد الموريسكيين من إسبانيا في عملية متسلسلة امتدت إلى سنة 1614 ، حيث أمروا بالمغادرة تحت التهديد بالموت، وأن لا يأخذوا معهم أي متاع، أكان نقودا أو ذهبا أو مجوهرات أو غير ذلك من الأشياء الثمينة. وهكذا توجه العديد منهم إلى المغرب لقربه الجغرافي، بينما توجه البعض الآخر إلى بلدان شمال إفريقيا وبلاد الشام وتركيا وإلى فرنسا كذلك. وقد تعرض الكاتب الإسباني الشهير ميغيل سيرفنتيس إلى محنة الموريسكيين في روايته المعروفة دون كيشوطي. وتقطن حاليا بجهة طنجةتطوان( شفشاون- الفحص أنجرة- تطوان- طنجة- العرائش- المضيقالفنيدق...) عائلات تقدر بأزيد من 70 ألف فرد من أحفاد الموريسكيين، الذين تم طرد أجدادهم من الأندلس ابتداء من سقوط غرناطة سنة 1492 إلى غاية 1609، عندما أقدم الملك فيليبي الثالث على توقيع مرسوم ينص على طرد الموريسكيين، وهو القانون الذي طبق حينها في منطقة فالنسيا، قبل أن يمتد إلى باقي التراب الإسباني. وتصر العائلات الموريسكية الأصل بشمال المغرب التي ماتزال إلى حدود اليوم تحافظ على العادات والتقاليد الأندلسية، و تتوارث بعد كل هذه القرون مفاتيح المنازل التي كانت يمتلكها أجدادهم في الأندلس قبل طردهم. ووفق التقارير والدراسات الإحصائية التي تم إنجازها من طرف كل من الأطر التابعة للهيئات الديبلوماسية وعملاء ومخبري أجهزة الاستخبارات الإسبانية، فإنه يعيش في المغرب أكثر من 4 ملايين من أحفاد الموريسكيين الأندلسيين، يتمركز أغلبهم في مدن تطوانوشفشاونوطنجة والرباط وفاس وسلا ووجدة، إذ مازال بعضهم يحمل أسماء عائلات أندلسية وإسبانية عريقة مثل "الطريس" و"أراغون" و"مولينة" و"بايصا" و"مدينة" وغيرها. وكانت اللجنة الإسلامية في إسبانيا قد طالبت خلال السنة الماضية 2013 وبدعم من بعض الأحزاب الإسبانية، حكومة مدريد بمنح عرب الأندلس المعروفين باسم الموريسكيين جنسيتها، ومن أجل التخفيف من حدة الظلم الواقع عليهم مقارنة بباقي العرقيات، وهي المطالب التي جاءت كنتيجة طبيعية لتوصيات مؤتمرات الجمعيات والهيئات الممثلة للمسلمين بإسبانيا. وفي الوقت الذي أعرب فيه اليهود القاطنين بتطوان عن ترحيبهم بالقرار الإسباني، فإن العشرات من أحفاد الموريسكيين بتطوان عبروا عن استيائهم منه، متسائلين في الوقت نفسه عن السبب وراء إقصائهم من ذلك، مطالبين من الحكومة الإسبانية اليمينية باتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة ما لحق أجدادهم الموريسكيين من طرد وإهمال ونسيان، كما يطالبونها بأحقيتهم في التمتع بالجنسية الإسبانية . ويذكر أن القانون الإسباني ينص على أحقية كل شخص ثبت أنه ينحدر من أصل إسباني باكتساب الجنسية الإسبانية. وهو القانون الذي تطالب مذكرة سبق أن توصل بها رئيس الحكومة الإسبانية السابق ثاباتيرو توصي بضرورة شمول الموريسكيين على غرار اليهود السفرديم بالجنسية الإسبانية، بهدف إنصافهم من الظلم والطرد الذي لحقهم من طرف الإسبان طوال قرون متعددة. وعلى صعيد آخر، أفادت نتائج الدراسات التي قام بها مؤخرا المرصد الأندلسي للدراسات الديموغرافية بإسبانيا أن عدد المسلمين بهذا البلد الإيبيري يصل حاليا إلى 1.732.191 أي أزيد من 3 في المائة من ساكنة إسبانيا. ويحتل المهاجرون المغاربة المرتبة الأولى من حيث عدد المسلمين بنسبة 50 بالمائة، يليه المسلمون الإسبان بنسبة 30 بالمائة، وال20 بالمائة الباقية ينتمون لجنسيات مختلفة. كما أظهرت نتائج هذه الدراسات أن 55 بالمائة من هؤلاء الإسبان المسلمين ينحدرون من أصول مسلمة و 28.6 بالمائة من المهاجرين. وتحتل جهة كاطالونيا المرتبة الأولى من حيث تواجد المسلمين تتبعها جهة الأندلس فإقليممدريد ثم إقليم فالنسيا. وفي موضوع ذي صلة، أصدرت بلدية ريوس جنوبإقليم برشلونة قرارا يقضي بمنع ارتداء النقاب في جميع الأماكن العمومية، وبفرض غرامات على كل امرأة ترتدي النقاب تصل إلى 750 أورو( حوالي 8000درهم). ويدخل قانون الحظر الجديد ضمن قانون شامل يتضمن منع التسول وإهمال الحيوانات. وكان البرلمان الكاطالاني قد رفض شهر يوليوز الماضي المصادقة على مشروع قرار حظر ارتداء النقاب.