قرار الحكومة الإسبانية، منح جنسيتها لأكثر من 3 ملايين ونصف من اليهود السفرديم، المطرودين رفقة الآلاف من الموريسكيين إلى المغرب، من أراضيها خلال القرن الخامس عشر، أعاد الحديث مجددا وسط الآلاف من أحفاد الموريسكيين المتواجدين بمدينة تطوان، وشفشاون وفاس والرباط وسلا وطنجة. وصادق مجلس الوزراء الإسباني، يوم الجمعة الماضي، على هذا القرار غير المسبوق، الذي يقضي بمنح الجنسية الإسبانية لليهود السفرديم، فيما أقصت الموريسكيين من ذلك، رغم تقديم هؤلاء للعديد من الرسائل والمذكرات إلى عدد من الحكومات الإسبانية المتعاقبة، آخرها في عهد الرئيس خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو. وفي الوقت الذي أعرب فيه بعض اليهود القاطنين بتطوان عن ترحيبهم بالقرار الإسباني، فإن العشرات من أحفاد الموريسكيين بتطوان عبروا عن استيائهم منه، متسائلين في الوقت نفسه عن السبب وراء إقصائهم من ذلك، مطالبين من الحكومة الإسبانية اليمينية، «باتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة ما لحق أجدادهم الموريسكيين من طرد وإهمال ونسيان»، كما يطالبونها «بأحقيتهم في التمتع بالجنسية الإسبانية»، وقال هؤلاء إنهم يتمتعون بالحقوق نفسها التي يتمتع بها ذوو الأصول الإسبانية اليهود الموجودين في مناطق متفرقة من العالم، إذ تقول مصادرنا بأن القانون الإسباني وخصوصا الأخير منه ينص على «أحقية كل شخص ثبت أنه يتحدر من أصل إسباني باكتساب الجنسية الإسبانية». وهو القانون الذي تطالب مذكرة سبق أن توصل بها رئيس الحكومة الإسبانية السابق، ثاباتيرو، توصي بضرورة شمول الموريسكيين على غرار اليهود السفرديم بالجنسية الإسبانية، بهدف إنصافهم من الظلم والطرد الذي لحقهم من طرف الإسبان طوال قرون متعددة». وتعيش في مدينة تطوان عائلات تقارب ال 10 آلاف فرد من أحفاد الموريسكيين الذين تم طرد أجدادهم من الأندلس ابتداء من سقوط غرناطة سنة 1492 إلى غاية سنة 1609، عندما أقدم الملك فيليبي الثالث على توقيع مرسوم ينص على طرد الموريسكيين، وهو القانون الذي طبق حينها في منطقة فلنسية، قبل أن يمتد إلى باقي التراب الإيبيري. وتصر العائلات التطوانية التي مازالت إلى حدود اليوم تحتفظ بالعادات والتقاليد الأندلسية، ومازالت تتوارث بعد كل هذه القرون مفاتيح المنازل التي كانت تمتلكها في الأندلس قبل طردها، تصر في المذكرة نفسها على منحها الجنسية الإسبانية. وسبق للمؤرخ التطواني عزوز حكيم أن طلب من إسبانيا في مناسبات مختلفة «تقديم الاعتذار عن طرد الموريسكيين». ويعيش في المغرب، وفق الأرقام المتداولة في دواليب الأرشيف الإسباني، أكثر من 4 ملايين من أحفاد الموريسكيين الأندلسيين، يتمركز أغلبهم في تطوان ثم في مدينة شفشاون وفاس والرباط وسلا وطنجة، إذ مازال بعضهم يحمل أسماء عائلات إسبانية عريقة مثل «عباد» و»طوريس» و»جسوس» و»داوود» و»بوير» و»أراغون» و»مولينا» و»مدينة» و»فيوينتي» وغيرها. وكانت اللجنة الإسلامية في إسبانيا قد طالبت في السنة الماضية، وسط دعم سياسي من بعض الأحزاب، حكومة إسبانيا بمنح عرب الأندلس المعروفين باسم»الموريسكيين جنسيتها»، ومن أجل «التخفيف من حدة الظلم الواقع عليهم مقارنة بباقي العرقيات». وهي المطالب التي جاءت كنتيجة طبيعية لتوصيات مهمة للمؤتمرات المهتمة بشؤون عرب الأندلس، آخرها التوصيات الصادرة عن الجامعة الصيفية، التي نظمت في قرطبة تحت اسم «قرطبة تومبوكتو». وهو ما ترتبت عليه مبادرة اللجنة الإسلامية بإسبانيا في تجديد مطالبها بهذا الشأن، إذ أصدر أحد مسؤوليها بيانا في هذا الموضوع، والقيام بخطوات ملموسة على طريق تحقيق ذلك الهدف، أبرزها وضع المقترح في برلمان إقليم الأندلس الذي يتمتع بالحكم الذاتي، بحكم وجود مقر اللجنة في مدينة قرطبة الأندلسية، وباعتبار أن «الموريسكيين» كانوا يعيشون في هذه المناطق خلال حقبة طردهم منها.