بدأ بعض أفراد النخبة التطوانية من أحفاد الموريسكيين في إنجاز مذكرة خاصة، ستوجه إلى كل من رئيس الحكومة الإسبانية خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو والعاهل الإسباني خوان كارلو، يطالبون فيها «باتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة ما لحق أجدادهم المورسيكيين من طرد وإهمال ونسيان»، كما يطالبون «بأحقيتهم في التمتع بالجنسية الإسبانية». وتطالب المذكرة «شبه السرية»، والتي علمت «المساء» بمحتواها من مصادر خاصة، بمنح الموريسكيين نفس الحقوق التي يتمتع بها ذوو الأصول الإسبانية في مناطق متفرقة من العالم. وتقول مصادرنا إن القانون الإسباني ينص على «أحقية كل شخص ثبت أنه ينحدر من أصل إسباني في اكتساب الجنسية الإسبانية». وهو القانون الذي تطالب المذكرة ذاتها بضرورة أن يشمل الموريسكيين «بهدف إنصافهم من الظلم والطرد الذي لحقهم من طرف الإسبان طوال قرون متعددة». وتعيش في مدينة تطوان عائلات متعددة تقارب ال10 آلاف فرد من أحفاد الموريسكيين الذين تم طرد أجدادهم من الأندلس ابتداء من سقوط غرناطة سنة 1492 إلى غاية سنة 1609، عندما أقدم الملك فيليبي الثالث على توقيع مرسوم ينص على طرد الموريسكيين، وهو القانون الذي طبق حينها في منطقة فلنسية قبل أن يمتد إلى باقي التراب الإيبيري. وتصر العائلات التطوانية، التي مازالت إلى حدود اليوم تحتفظ بالعادات والتقاليد الأندلسية ومازالت تتوارث بعد كل هذه القرون مفاتيح المنازل التي كانوا يمتلكونها في الأندلس قبل طردهم، على منحها الجنسية الإسبانية. وسبق للمؤرخ التطواني عزوز حكيم أن طلب من إسبانيا في مناسبات مختلفة «تقديم الاعتذار عن طرد الموريسكيين». ويعيش في المغرب، وفق الأرقام المتداولة في دواليب الأرشيف الإسباني، أكثر من 4 ملايين من أحفاد الموريسكيين الأندلسيين، يتمركز أغلبهم في تطوان ثم في مدينة شفشاون وفاس والرباط وسلا وطنجة، حيث مازال بعضهم يحمل أسماء عائلات إسبانية عريقة مثل «عباد» و«طوريس» و«جسوس» و«داوود» و«بوير» و«أراغون» و«مولينا» و«مدينة» و«فيوينتي» وغيرها. وتشير مصادرنا إلى أن التفكير مجددا في توجيه المذكرة للمطالبة باكتساب الجنسية الإسبانية، جاء بعدما أثنى رئيس الوزراء الإسباني خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو منذ أسبوع، خلال زيارته للأرجنتين، على التشريع الذي يتيح لأحفاد الإسبان المهاجرين الحصول على الجنسية الإسبانية، مؤكدا أن جواز السفر يمثل السلام والحرية والتعايش بين جميع الشعوب والتضامن والعدالة في القرن الحادي والعشرين، حيث أشار ثاباتيرو إلى أن «العلم الإسباني والوطن يمثلان اليوم الحرية والحقوق والمواطنة»، ووجه حديثه إلى أحفاد المهاجرين الذين «سيحق لهم عن قريب الحصول على الجنسية الإسبانية»، ودعاهم إلى «إثبات أنهم الورثة الحقيقيون لمواطني إسبانيا الذين غادروا البلاد سعيا إلى تحسين ظروف العمل أو بسبب الملاحقة السياسية». كما شدد ثاباتيرو على «شعوره بالفخر» إزاء القانون الذي يتيح لأحفاد المهاجرين الحصول على الجنسية الإسبانية، مؤكدا على أحقيتهم في ذلك، حتى إن بلغ عددهم مليون مهاجر. ويأمل المغاربة الموريسكيون أن تستجيب مدريد لهذا الطلب «لتضع حدا لظلم يعانون منه مقارنة مع باقي الجنسيات، وخاصة من دول أمريكا اللاتينية ككوبا والأرجنتين». وكانت اللجنة الإسلامية في إسبانيا قد طالبت في السنة الماضية، وسط دعم سياسي من بعض الأحزاب، حكومة إسبانيا بمنح عرب الأندلس المعروفين باسم «الموريسكيين» الجنسية، من أجل «التخفيف من حدة الظلم الواقع عليهم مقارنة بباقي العرقيات». وهو المطلب الذي جاء كنتيجة طبيعية لعدد من التوصيات المهمة التي خرجت عن الكثير عن المؤتمرات المهتمة بشؤون عرب الأندلس، آخرها التوصيات الصادرة عن الجامعة الصيفية، التي نظمت في قرطبة تحت اسم «قرطبة-تومبوكتو». وهو ما ترتبت عليه مبادرة اللجنة الإسلامية بإسبانيا إلى تجديد مطالبها بهذا الشأن، حيث أصدر أحد مسؤوليها بيانا يطالب بالقيام بخطوات ملموسة على طريق تحقيق ذلك الهدف، أبرزها وضع المقترح في برلمان إقليم الأندلس الذي يتمتع بالحكم الذاتي، بحكم وجود مقر اللجنة في مدينة قرطبة الأندلسية، وباعتبار أن «الموريسكيين» كانوا يعيشون في هذه المنطق إلى أن تم طردهم منها من قبل الإسبان.