وجه الفريق البرلماني للحزب الاشتراكي العمالي الإسباني مقترحا يطالب فيه ب«الاعتراف المؤسساتي بالظلم الذي لحق بالمورسكيين الذين طردوا من إسبانيا» ابتداء من سقوط غرناطة سنة 1492 إلى غاية سنة 1609 عندما أقدم الملك فيليبي الثالث على توقيع مرسوم ينص على طرد المورسكيين، وهو القانون الذي طبق حينها في منطقة فلنسية قبل أن يمتد إلى باقي التراب الإيبيري. وتزامن تقديم المقترح مع الذكرى المائوية الرابعة لطرد المورسكيين من إسبانيا، حيث طالب الفريق الاشتراكي ب«اتخاذ كافة السبل والإجراءات التي تراها إسبانيا ضرورية لتأسيس وتعزيز العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع مواطني المغرب العربي وإفريقيا جنوب الصحراء، أحفاد المورسكيين الذين طردوا من الأراضي الإسبانية في القرن السابع عشر»، مثلما طالب ب«اعتراف مؤسساتي بالمورسكيين مماثل للاعترافات المؤسساتية التي تمت المصادقة عليها بخصوص اليهود السفرديم، الذين طردوا من إسبانيا ابتداء من سنة 1492». وتأتي مبادرة الفريق البرلماني الاشتراكي في مجلس النواب في إطار العمل الذي انطلق بإسبانيا حول الذاكرة التاريخية. ومن المرتقب أن يثير مقترح حزب رئيس الحكمة الإسباني خوصي لويس روديغيث ثاباتيرو ردود فعل قوية لدى عدد من الأحزاب السياسية الإسبانية، إذ انتقد غوستافو دي أريستيغي، عن الحزب الشعبي والناطق الرسمي للجنة الخارجية بالبرلمان، بقوة تقديم المقترح واصفا إياه بمحاولة من جانب السلطة التنفيذية «تجميد الحوار السياسي» والتهرب من القضايا والمشاكل الإسبانية ذات الأولوية، مضيفا أن طرح المقترح ما هو سوى «محاولة سخيفة» للتغطية على فشل الحكومة الإسبانية في تدبير أزمتها. ويسرد نص المقترح، الذي تمت صياغته يوم 12 نونبر الجاري، تفاصيل تاريخ طرد المورسكيين، والحديث عن التعصب الديني وسياسة الاستيعاب ومحاولات فرض دولة مسيحية بدون أقليات، فضلا عن تطرقه للعديد من الحقائق التي أدت إلى إلحاق «ظلم فظيع» بالمورسكيين انتهى بطرد أكثر من 300 ألف منهم من إسبانيا. وأشار نص المقترح إلى أن المورسكيين اضطهدوا بسبب ديانتهم الإسلامية وحرموا من ممتلكاتهم وطردوا من أراضيهم، لكنهم رغم ذلك حافظوا على جذورهم الثقافية وتقاليدهم وعاداتهم وتراثهم الفني إلى حدود اليوم في عدد من الدول المغاربية، وخصوصا في المغرب، إذ تشير الأرقام المتداولة في دواليب الأرشيف الإسباني إلى أن أكثر من 4 ملايين من أحفاد المورسكيين الأندلسيين يوجدون بالمغرب، يتمركز أغلبهم في تطوان والنقون موزعون بين مدن شفشاون وفاس والرباط وسلا وطنجة، حيث ما زال بعضهم يحمل أسماء عائلات إسبانية عريقة مثل «عباد» و»طوريس» و«جسوس» و«داوود» و«أراغون» و«مولينا» و«مدينة» و«فوينتي» وغيرها. وأكد معدو هذا المقترح، الأول من نوعه الذي يهمّ المغرب، أن «استعادة الذاكرة التاريخية تشكل عملية نقد للماضي، لتحسيس المواطنين الإسبان وتوعيتهم بحجم المخاطر التي يمكن أن تنجم عن عدم التسامح والتعصب والعنصرية والأفكار السلبية المسبقة»، داعين إلى العمل من أجل تحقيق عالم أفضل، وتعزيز المثل العليا التي اعتمدها تحالف الحضارات. كما أكدوا، خلال إعلانهم عن المقترح في ندوة صحفية، أنه في إطار الحركية الحالية المتميزة بإطلاق تحالف الحضارات والاتحاد من أجل المتوسط، حان الوقت من أجل فتح «الذاكرة الجماعية» بخصوص المورسكيين الذين طردوا في القرن السابع عشر، وتأسيس علاقات بين إسبانيا اليوم وأحفاد أولئك الذين لم يكن ينبغي إجبارهم على التخلي عن أراضيهم. وكانت «المساء» قد كشفت في مقال لها أن بعض أفراد النخبة التطوانية من أحفاد المورسكيين وجهوا مذكرة خاصة إلى كل من رئيس الحكومة الإسبانية خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو والعاهل الإسباني خوان كارلوس يطالبونهما فيها ب»اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة ما لحق أجدادهم المورسكيين من طرد وإهمال ونسيان»، كما شددوا فيها على «أحقيتهم في التمتع بالجنسية الإسبانية». وطالبت المذكرة «شبه السرية»، والتي علمت «المساء» بمحتواها من مصادر مقربة، بمنح المورسكيين نفس الحقوق التي يتمتع بها ذوو الأصول الإسبانية في مناطق متفرقة من العالم، إذ تقول مصادرنا إن القانون الإسباني، وخصوصا الأخير منه، ينص على «أحقية كل شخص ثبت أنه ينحدر من أصل إسباني في اكتساب الجنسية الإسبانية»، وهو القانون الذي تطالب المذكرة ذاتها بضرورة شموله للمورسكيين «بهدف إنصافهم من الظلم والطرد الذي لحقهم من طرف الإسبان طوال قرون متعددة». نفس الأمر كان قد طالب به أحد أحفاد المورسكيين من عائلة «فوينتي» خلال ندوة خاصة حول قضية المورسكيين، حضرها مهتمون بالملف بكل من فرنساوإسبانيا، حيث ندد بعمليات الطرد الممنهجة والمنظمة في عهد الملكة إيسابيل والملك فيرناندو، بعد التوقيع يوم 14 فبراير 1502 على مرسوم يقضي بطرد المسلمين من غرناطة.