أحفاد الموريسكيين المغاربة، الذين تعرضوا لعمليات الطرد من الأندلس، كانت آخرها عملية الطرد الكبرى قبل حوالي 400 عام، لا يريدون من إسبانيا، المسؤولة المعنوية حاليا عن طرد أجدادهم، منحهم حق العودة، لأن الأمر لا يبدو منطقيا بالمرة، كما أنهم لا يريدون منها تعويضا ماديا، لأنه من الصعب أن تعوض إنسانا أو مجموعة بشرية بعد الطرد والتشريد من الوطن، بل كل ما يريدون هو الاعتذار الرسمي من جانب الدولة الإسبانية عن تلك المعاناة الرهيبة التي تعرض لها الأجداد، وهي معاناة تراوحت ما بين الطرد وسلب الممتلكات والحرمان من الأبناء، وبين التنصير تحت الترهيب ثم التعذيب بوسائل وحشية جدا، بما فيها الحرق أحياء، ثم الطرد النهائي نحو خارج شبه الجزيرة الإيبيرية. اليوم، بعد 400 عام على الطرد النهائي للموريسكيين من شبه الجزيرة الإيبيرية، فإن الدعوات أصبحت تتوالى من أجل أن تعمل الدولة الإسبانية حاليا على رتق بعض الخرق الذي سببته تلك النكبة التي شردت شعب الأندلس في كل الاتجاهات. وفي إسبانيا وشمال المغرب ارتفعت دعوات قبل بضعة أشهر من أجل أن تتبنى الحكومة الإسبانية قرارا يعامل أحفاد الموريسكيين المغاربة بنفس الطريقة التي تتعامل بها مع موريسكيين من الديانة اليهودية، وهم أحفاد اليهود الذين عاشوا في الأندلس الإسلامية. وتقضي القوانين الإسبانية حاليا بمنح اليهود السفارديم، وهم أحفاد يهود شبه الجزيرة الأيبيرية أيام الأندلس، الجنسية الإسبانية بعد سنتين فقط من عيشهم في إسبانيا، فيما يشبه اعترافا بخطأ طرد أجدادهم وتشريدهم، إضافة إلى نفس المعاملة بالنسبة لأحفاد الموريسكيين في أمريكا اللاتينية سواء من المسيحيين أو اليهود. غير أن هذه القوانين لا تطبق على أحفاد الموريسكيين المسلمين، وهو ما جعل مسؤولين جمعويين وسياسيين في إسبانيا يتقدمون بمشروع قانون إلى البرلمان الإسباني من أجل أن يشمل القانون أحفاد الموريسكيين المغاربة وغير المغاربة. وكان رئيس الفدرالية الإسلامية في إسبانيا، عبد السلام منصور إيسكوديرو، قد دعا إلى منح جميع أحفاد الموريسكيين في شمال إفريقيا الجنسية الإسبانية إن عاشوا لسنتين متواصلتين في إسبانيا. ويشمل هذا الاقتراح الموريسكيين الموجودين في المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومالي وموريتانيا، علما أن أغلبهم يوجدون في المغرب وتونس والجزائر. واعتبر إيسكوديرو أن هذه القضية لا تتعلق فقط باستعادة جزء من العدالة، بل أيضا من أجل إنصاف تاريخي يرتبط بالتوجه العام الذي تسير عليه إسبانيا حاليا، خصوصا فيما يتعلق بمجهوداتها من أجل تحقيق فكرة «تحالف الحضارات».