أخبارنا المغربية بينما أشادت المركزيات النقابية بنجاح الإضراب الوطني العام، الذي دعت إليه، اليوم الأربعاء، أكدت الحكومة، على لسان وزير الاتصال الناطق الرسمي باسمها، السيد مصطفى الخلفي، أنها تحملت مسؤوليتها في ضمان "حرية العمل والسير العادي للمرافق العمومية في بلادنا". وإذا كانت النقابات أكدت أن نسبة الاستجابة لهذه المحطة قاربت 84 في المائة، فإن السيد الخلفي قال إن الإضراب مر في جو عادي، وأن المغرب عزز من رصيده على المستوى السياسي والديمقراطي، باعتباره بلد المؤسسات والحريات الذي يصبح فيه الإضراب جزءا من الممارسة الديمقراطية العادية، مشددا على تحمل النقابات لمسؤوليتها في هذا الإضراب. وبخصوص إصلاح أنظمة التقاعد التي كانت أحد المبررات التي قدمتها النقابات لخوض هذا الإضراب، أكد السيد الخلفي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الإصلاح ضروري، وإلا سيتم في غضون سنوات قليلة التوقف عن أداء المعاشات، مضيفا أن الحكومة عازمة على مواصلة نهج الإصلاح وبمقاربة تشاركية. وأعلن السيد الخلفي أن الحكومة ستعمد، بمجرد توصلها بالرأي الاستشاري الذي سيقدمه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بخصوص مشروع إصلاح أنظمة التقاعد، إلى فتح الحوار مع النقابات قبل الصياغة النهائية للإصلاح. وشدد على أن إصلاح أنظمة التقاعد عامة، ونظام المعاشات المدنية المسير من طرف الصندوق المغربي للتقاعد بشكل خاص، إصلاح ضروري ومستعجل، إذ سيصل عجز هذا النظام إلى ما مجموعه 135 مليار درهم في سنة 2023، في حالة عدم الإصلاح، ما سيجعل الصندوق عاجزا عن أداء المعاشات. كما أن كل يوم يتأخر فيه الإصلاح، بحسب السيد الخلفي، يكلف 60 مليون درهما من قيمة تفاقم الدين المتعلق بنظام المعاشات المدنية. وبالنسبة للحوار الاجتماعي، ذكر السيد الخلفي أنه غير مجمد، وأن الحكومة عقدت مع النقابات ما لا يقل عن سبعة لقاءات للحوار الاجتماعي، جددت فيها الحكومة التزامها بمواصلة تنفيذ اتفاق 26 أبريل 2011، وتنفيذ الإجراءات الجديدة، كالزيادة في الحد الأدنى للأجر في القطاعين العام والخاص، ضمنهم 53 ألف موظف في القطاع العام بغلاف مالي قدره 160 مليون درهم، والرفع من الحد الأدنى للمعاشات لفائدة 92 ألف و500 مستفيد، وإحداث صندوق التعويض عن فقدان الشغل بغلاف مالي سيصل إلى 500 مليون درهم، وإلغاء شرط 3240 يوم عمل للاستفادة من المعاش. كما تم، يضيف السيد الخلفي، إحداث صندوق التعويض عن فقدان الشغل، بكلفة مالية بلغت 500 مليون درهم، مع ضمان استمرار الاستفادة من التغطية الصحية والتعويضات العائلية طيلة مدة التعويض. من جانب آخر، أكد الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والفيدرالية الديمقراطية للشغل أنه، بحسب التقارير والنتائج الأولية التي وردت على اللجنة الوطنية للإضراب، فقد تم تنفيذ الإضراب الوطني العام "بنجاح كبير وباهر في كل الجهات والأقاليم والمدن المغربية، وبجميع القطاعات المهنية والإدارات المرافق العمومية"، مؤكدة أن نسبة المشاركة بلغت، على الصعيد الوطني، 7ر83 في المائة. وأشارت هذه النقابات، في بلاغ مشترك، إلى أن "مشاركة الطبقة العاملة وعموم المأجورين في هذا الإضراب النقابي العمالي فاقت كل التوقعات". وبعد أن قدمت معطيات تشير إلى نجاح الإضراب في أغلب جهات المملكة، أبرزت المركزيات النقابية أنه على مستوى القطاعات المهنية بالنسبة لعموم التراب الوطني، فقد شمل الإضراب، بشكل كلي وعام، كل القطاعات الحيوية والاستراتيجية، الإنتاجية والخدماتية، العمومية والخاصة. أما الاتحاد العام للشغالين بالمغرب والفيدرالية الديمقراطية للشغل، فأوضحا، في بلاغ مشترك، أن نسبة نجاح الإضراب قاربت 84 في المائة كمعدل وطني عام، وتجاوز 90 في المائة في القطاعات العمومية وشبه العمومية و80 في المائة في القطاع الخاص. وأكدت النقابتان أن حجم المشاركة الواسعة والواعية لعموم الأجراء في هذه المحطة التاريخية "يشكل، بحق، ردا حضاريا على السياسات الحكومية اللاشعبية الرامية، في شكلها وعمقها، إلى تعميق الفوارق الاجتماعية وإهانة كرامة الشعب المغربي". يذكر أن النقابات كانت بررت دعوتها بشن إضراب وطني من أجل الاحتجاج على "ضرب القدرة الشرائية لعموم المأجورين والفئات الشعبية بالزيادات المتتالية في الأسعار" و"استمرار مسلسل انتهاك وخرق الحريات النقابية وطرد المسؤولين النقابيين ومحاكمتهم وتسريح العمال وتشريد عائلاتهم" و"تجميد الحكومة للحوار الاجتماعي والمفاوضات الجماعية، في خرق سافر لالتزامها باستئناف الحوار بعد فاتح ماي 2014 حول مطالب الطبقة العاملة المستعجلة". وأوضحت النقابات أن هذه المطالب تتمثل، بالخصوص، في "زيادة عامة في الأجور والزيادة في معاشات المتقاعدين، وتطبيق السلم المتحرك" و"تخفيض الضغط الضريبي عن الأجور وتأمين الخدمات العمومية من قبل الدولة وحماية الحريات النقابية وكذا حماية القوانين الاجتماعية وفي مقدمتها حق الانتماء النقابي وحق الإضراب، وتطبيق مدونة الشغل". كما تطالب النقابات بإصلاح شامل لمنظومة التقاعد، والتراجع عن الإصلاح المقياسي وتعميم الحماية الاجتماعية، والسهر على إجبارية التصريح بالمأجورين لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتلبية المطالب القطاعية والفئوية، وإرساء أسس التفاوض الجماعي على مستوى كل القطاعات ووضع حد للعمل المؤقت والعمل الهش والعمل بالمناولة وضمان الاستقرار في العمل.