ما فتئت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، التي تعد ورشا مفتوحا ومستمرا ، تتطور من خلال مقاربة متجددة ومبتكرة تهدف تقديم الدعم في مختلف المجالات لفائدة الفئات الاجتماعية التي تعاني من الهشاشة والعوز. وفي هذا الصدد يأتي مركز فرز وإعادة تدوير النفايات المنزلية والمشابهة، المنجز بالمنطقة الصناعية لسيدي البرنوصي (جهة الدارالبيضاء الكبرى)، في إطار برنامج محاربة الهشاشة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، الذي يعد دليلا ملموسا آخر على الطابع المتجدد للمبادرة ، مبني على فلسفة جديدة ونمط جديد في التدبير. ويعد هذا المركز ، الذي زاره صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، نصره الله ،اليوم السبت، نموذجا لمشاريع عديدة تنجز وفق تصورات ومقاربات متطورة وغير مسبوقة ، تحت إشراف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وتسعى إلى تحقيق التنمية البشرية في أبعادها المختلفة، الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، عبر نهج أسلوب الحكامة الجيدة واعتماد مقاربة تشاركية ينخرط فيها مختلف الفاعلين والشركاء العموميين والخواص من مؤسسات عمومية ومنظمات ومجتمع مدني. ويشغل المركز حاليا 23 عاملا كانوا في السابق يشتغلون بشكل غير منظم ، ويعملون حاليا في ظروف مهنية مريحة ويستفيدون من تغطية صحية ومن تأمين على حوادث السير ويتقاضون رواتب قارة. كما استفادوا من تكوين في مجال الفرز وإعادة تدوير النفايات، علما بأن نطاق تدخله يشمل سبعة أحياء. ويجسد هذا المشروع، الأول من نوعه على صعيد العاصمة الاقتصادية للمملكة، المبادئ التي قامت عليها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والتي ترتكز على ثلاث محاور أساسية تتلخص في التصدي للعجز الاجتماعي بالأحياء الحضرية الفقيرة والجماعات القروية الأشد خصاصا، وتشجيع الأنشطة المدرة للدخل القار والمتيحة لفرص الشغل، والعمل على الاستجابة للحاجيات الضرورية للأشخاص في وضعية صعبة. فباستثمارات تناهز 10 ملايين درهم (دون احتساب كلفة اقتناء الوعاء العقاري)، سينخرط مركز فرز وإعادة تدوير النفايات المنزلية والمشابهة بسيدي البرنوصي، في عملية الإدماج السوسيو- اقتصادي للنباشين وجامعي النفايات العشوائيين، وتقنين وإضفاء الطابع المهني على قطاع تدبير النفايات وحماية الصحة العمومية والمنظومة البيئية. كما يروم تحويل النفايات إلى موارد قابلة للتثمين، وإحداث فرص شغل دائمة، وتقليص حجم النفايات المنزلية والمشابهة، وتخفيض الكلفة المرصودة لخدمات التنظيف وجمع الأزبال. وجاء إنجاز هذا المركز في إطار دعامة محاربة الهشاشة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، حيث سطر لهذه الدعامة ، كهدف عام ، تحسين مستوى عيش الأشخاص في وضعية هشة ودعم الساكنة في وضعية صعبة، وكأهداف خاصة، تحسين الرعاية وإعادة الإدماج الأسري والاجتماعي للفئات المستهدفة وتحسين جودة الخدمات المقدمة من طرف الجمعيات والمؤسسات العمومية وفق معايير الجودة، وخلق طاقات استيعابية إضافية للاستقبال عند الحاجة، ودعم الفاعلين والجمعيات التي تعمل لصالح الأشخاص في وضعية هشة، وضمان وقاية فعالة من خلال تحديد وتنفيذ أنشطة وبرامج من شأنها الحد من ظاهرة الهشاشة. وتستهدف هذه الدعامة 10 فئات من الأشخاص في وضعية هشة في مقدمتهم النساء في وضعية هشة قصوى، ثم الشباب بدون مأوى وأطفال الشوارع، فالأطفال المتخلى عنهم ، والسجناء السابقون بدون موارد، والعجزة المعوزون، والمختلون عقليا بدون مأوى، والمتسولون والمتسكعون، ومرضى السيدا المعوزون، والمدمنون المعوزون، والمعاقون بدون موارد. ومن خلال هذا المركز ، تواصل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أطلقها جلالة الملك سنة 2005 تفعيل برامجها ومحاورها انسجاما مع روح وفلسفة المبادرة، ووفق توجيهات جلالة الملك الرامية إلى جعل العنصر البشري، وخاصة الشباب، في صلب كل المبادرات التنموية وغايتها الأساسية.