إذا كان الكثير من مراقبي الشأن المحلي يؤكدون أنه لم يعد مسموحا في الدار البيضاء بالتمادي في التعامل بالطريقة الحالية مع النفايات المنزلية، لاسيما أن هذه النفايات تؤثر بشكل سلبي على واقع البيئة في العاصمة الاقتصادية، فإن "المساء" علمت أن هناك تجربة جديدة سيتم إحداثها في عمالة مقاطعة البرنوصي تهدف إلى إعادة التعامل مع النفايات المنزلية والمشابهة. الطريقة تقوم، حسب المعطيات المتوفرة ل"المساء"، على إحداث مركز لفرز وإعادة تدوير النفايات المنزلية والمشابهة بمنطقة سيدي البرنوصي، مدعم بمجموعة من النقط الايكولوجية تم تثبيتها ببعض الأحياء السكنية، وهي عبارة عن أكشاك بيئية مهمتها تحسيس الساكنة بضرورة المحافظة على البيئة وإشاعة وترسيخ ثقافة الفرز القبلي للنفايات المنزلية من طرف الأسر. ويتميز هذا المشروع النموذجي بأبعاده المتعددة والمتجلية في الجانب الاجتماعي، حيث يهدف، حسب المعطيات نفسها إلى إدماج فئة اجتماعية هشة تتمثل في جامعي القمامة (البوعارا) الذين يزاولون نشاطهم في ظروف تفتقر إلى شروط الكرامة، وذلك عن طريق تأطيرهم وتنظيمهم بشكل قانوني يمكنهم من الاشتغال في إطار مهيكل يضمن لهم الاستقرار والعيش في ظروف لائقة. وقد تم إدماج حوالي 60 فردا من هذه الفئة من خلال اشتغالهم بالمركز المذكور وكذلك بالنقط الايكولوجية السبعة المحدثة في مرحلة أولى على صعيد أحياء سيدي البرنوصي. كما يتوخى من هذا المشروع إرساء ثقافة الفرز القبلي للنفايات المنزلية من طرف الأسر بالأحياء السكنية، عن طريق تنظيم حملات تحسيسية موجهة للساكنة مرفوقة بعمليات تحفيزية من أجل التشجيع على تبني هذه الثقافة الجديدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن المشروع يرمي، أيضا، إلى معالجة النتائج السلبية المترتبة عن الممارسات العشوائية لجامعي القمامة بالفضاءات العمومية. وسيمكن هذا المشروع في الجانب الاقتصادي من المساهمة في تطوير الاقتصاد الاجتماعي التضامني، عبر انخراط التعاونيات الحاملة لمشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في عدد من العمليات المرتبطة بسير المشروع، من خلال قيام بعض التعاونيات النسوية بصنع أكياس إيكولوجية تسلم للساكنة في إطار عملية التحسيس من أجل تبني ثقافة الفرز القبلي مع المحافظة على البيئة عبر استعمال هذه الأكياس لجمع النفايات والتخلي عن الأكياس البلاستيكية. وأصبحت مدينة الدارالبيضاء تنتج يوميا ما يفوق 4000 طن من النفايات التي تكلف هذه المدينة غلافا ماليا مهما، وهو ما يستدعي بصورة استعجالية اعتماد حلول مبتكرة من شأنها إحداث التحولات الضرورية لتحسين طريقة تدبير هذا القطاع، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى تعميم هذه التجربة الناجحة تدريجيا على باقي المناطق والعمالات الأخرى، اعتبارا لأن تدبير قطاع النظافة اليوم يأتي على رأس التحديات المطروحة. وللإشارة، فإن جامعي القمامة الذين انخرطوا في مشروع فرز وإعادة تدوير النفايات سيتمكنون من التوفر على دخل قار انطلاقا من المداخيل المترتبة عن عملية بيع النفايات شكل مواد أولية التي تستفيد منها المؤسسات الصناعية بالقطاع المهيكل.