في إطار برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أقدمت عمالة مقاطعات سيدي البرنوصي على تجربة رائدة تتمثل في إحداث مركز لفرز و إعادة تدوير النفايات المنزلية و المشابهة بمنطقة سيدي البرنوصي، مدعم بمجموعة من النقط الايكولوجية تم تثبيتها ببعض الأحياء السكنية و هي عبارة عن أكشاك بيئية مهمتها تحسيس الساكنة بضرورة المحافظة على البيئة وإشاعة و ترسيخ ثقافة الفرز القبلي للنفايات المنزلية من طرف الأسر. و تدخل هذه التجربة ضمن مسلسل المجهودات المبذولة من طرف الإدارة الترابية بهده العمالة و الهادفة إلى إرساء و تطوير ميكانيزمات تنمية محلية مستدامة و ذلك وفق رؤية شاملة و مندمجة. و يتميز هذا المشروع النموذجي بأبعاده المتعددة و المتجلية في: أولا الجانب الاجتماعي، حيث يهدف إلى إدماج فئة اجتماعية هشة تتمثل في جامعي القمامة (البوعارا) الذين يزاولون نشاطهم في ظروف تفتقر إلى شروط الكرامة، و ذلك عن طريق تأطيرهم و تنظيمهم بشكل قانوني يمكنهم من الاشتغال في إطار مهيكل يضمن لهم الاستقرار و العيش في ظروف لائقة. و قد أمكن إدماج حوالي 60 فردا من هذه الفئة من خلال اشتغالهم بالمركز المذكور و كذلك بالنقط الايكولوجية السبعة المحدثة في مرحلة أولى على صعيد أحياء سيدي البرنوصي. ثانيا الجانب البيئي، حيث يتوخى هذا المشروع بصورة أساسية إرساء ثقافة الفرز القبلي للنفايات المنزلية من طرف الأسر بالأحياء السكنية، و ذلك عن طريق تنظيم حملات تحسيسية موجهة للساكنة مرفوقة بعمليات تحفيزية من أجل التشجيع على تبني هذه الثقافة الجديدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن المشروع يرمي أيضا إلى معالجة النتائج السلبية المترتبة عن الممارسات العشوائية لجامعي القمامة بالفضاءات العمومية. ثالثا الجانب الاقتصادي، سيمكن هذا المشروع من المساهمة في تطوير الاقتصاد الاجتماعي التضامني عبر انخراط التعاونيات الحاملة لمشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في عدد من العمليات المرتبطة بسير المشروع و ذلك من خلال قيام بعض التعاونيات النسوية بصنع أكياس إيكولوجية تسلم للساكنة في إطار عملية التحسيس من أجل تبني ثقافة الفرز القبلي مع المحافظة على البيئة عبر استعمال هذه الأكياس لجمع النفايات و التخلي عن الأكياس البلاستيكية. و تجدر الإشارة أيضا إلى أن جامعي القمامة الذين انخرطوا في مشروع فرز و إعادة تدوير النفايات سيتمكنون من التوفر على دخل قار انطلاقا من المداخيل المترتبة عن عملية بيع النفايات المثمنة على شكل بعض المواد الأولية التي تستفيد منها المؤسسات الصناعية بالقطاع المهيكل. ويتوقع أن يتم تعميم هذا التجربة الناجحة تدريجيا على باقي المناطق والعمالات الأخرى، اعتبارا على أن تدبير قطاع النظافة اليوم يأتي على رأس التحديات المطروحة، بحيث أصبحت مدينة الدارالبيضاء تنتج يوميا ما يفوق 4000 طن من النفايات التي تكلف هذه المدينة غلافا ماليا مهما، وهو ما يستدعي بصورة استعجالية اعتماد حلول مبتكرة من شأنها إحداث التحولات الضرورية لتحسين طريقة تدبير هذا القطاع.