تقتضي القاعدة العامة أن يتحد الجيران في السراء والضراء، إلا بالنسبة لأولئك الذين تسرهم مصائب الآخرين. فالمغرب لم تسعفه جغرافيته للأسف، وله جار من هذه الفئة. فبعد أن وجدت على ما يبدو حلولا جيدة لمشاكلها الاجتماعية، وعززت "ديمقراطيتها" ونوعت اقتصادها، وقضت على البطالة، ونجحت في حسن استغلال ثروتها البترولية، وأقنعت آلاف الشباب الذين يشعرون بالضياع بالعدول عن ركوب القوارب التي يفترض أن تأخذهم تحت سماء أكثر رحمة بعد "إنجازات" كثيرة، اتجهت الجزائر صوب جارتها الغربية لتجسد على أرض الواقع مقولة " في السراء والضراء" على طريقتها بطبيعة الحال. وبصفتهم جيرانا "نموذجيين"، قرر المسؤولون الجزائريون إتقان ما يقومون به، من خلال النبش في كل شيء لخدمة الجار المغربي. وبالفعل، من جد وجد، فبعد أن لاحظوا أن المغرب لا يضعف أمام الضربات الجبانة التي يتلقاها على جميع الجبهات، تارة بشكل مباشر، وتارة أخرى من وراء ستار، لكن شفاف جدا، قرر الجزائريون اللعب بورقة الأقراص المهلوسة. فهي ورقتهم البديلة على ما يبدو، بعد أن رموا بكل سهامهم واستنفذوا كافة حيلهم اللئيمة. إن إغراق السوق المغربية بالمواد المهلوسة من خلال استهداف الشباب على الخصوص فن تتقنه الجارة الشقيقة الجزائر. وعلى غرار إصرار قادتها على مضاعفة المناورات السياسية البئيسة بهدف الإساءة للمغرب والتصدي لوحدته، فإن أرقام عمليات حجز "القرقوبي" الجزائري في المغرب أيضا صارمة وثقيلة. فخلال الأربعة أشهر الأولى من هذه السنة فقط، قامت مصالح الأمن المغربي بحجز 80 ألف قرص مهلوس قادم من الجارة الشرقية. ولا تمثل هذه الكمية، رغم أهميتها، سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد. إذ تمر كل سنة ملايين الأقراص عن طريق التهريبº رغم يقظة مصالح الأمن، لتصل إلى أيدي الشباب المغاربة. وتم خلال سنة 2013 حجز أزيد من 400 ألف قرص مهلوس في مختلف مدن وجهات المملكة، حسب معطيات لوزارة الداخلية التي تضاعف توجيهاتها وعملياتها الرامية إلى تحصين الحدود الشرقية وحماية الشباب من السم الجزائري. هذا السم لا يهدد صحة الشباب المغاربة فحسب، لكن يشكل أيضا خطرا على الأمن، على اعتبار أن عددا كبيرا من الجرائم التي ترتكب في المملكة ترتبط باستهلاك الأقراص المهلوسة، وهي ظاهرة غريبة على الأخلاق المغربيةº تسعى الجزائر إلى نشرها في مجتمعنا بأي وجه كان. وتنتشر هذه المخدرات المدمرة، التي يتم إنتاجها بوفرة وتباع بثمن زهيد، ما بين 30 سنتيما و2 أورو للوحدة، تقريبا في جميع المدن المغربية، وتباع حتى أمام أبواب المؤسسات التعليمية بهدف تخدير عقول الشباب ونسف مستقبلهم. وهو وضع خطير يعكس جيدا تساهل السلطات الجزائرية وتواطأها مع شبكات المافيا وكبار مهربي المخدرات. ففي وجدة على سبيل المثال، المدينة الواقعة على الحدود الجزائرية، تتسبب الأقراص المهلوسة في أزيد من 75 في المئة من الجرائم التي ترتكب على مستوى الجهة الشرقية، في حين يرجع سبب اعتقال 99 في المئة من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 20 سنة إلى السم الجزائري، حسب دراسات جدية قام بها باحثون في علم الاجتماع وجمعيات تنشط في مجال مكافحة المخدرات. وينتشر "القرقوبي" الجزائري أيضا بين شباب مدن وسط وجنوب المغرب. واستنادا إلى مصادر طبية بمستشفى الاختصاصات بالرباط، فإن 20 في المئة من الحالات التي يتم استقبالها بمصلحة المستعجلات تهم الإدمان على المخدرات والتعاطي للأقراص المهلوسة "صنع في الجزائر". معطيات تعطي شعورا بالدوار وتكشف من زوايا مختلفة "هوية " الجزائر الرسمية التي لا تتوانى في خدمة الجار.