اتهمت مصادر مطلعة في مدينة وجدة ضباطا في الجيش الجزائري بالإشراف على شبكة لتوجيه تجارة الحبوب المهلوسة المعروفة محليا ب«القرقوبي» إلى المغرب، عبر مدن الجهة الشرقية، مؤكدة في الوقت نفسه أن مختلف التقارير الأمنية والطبية تؤكد ارتفاع نسبة الحوادث الإجرامية التي يتسبب فيها هذا المخدر الفتاك الذي يعرف انتشارا داخل المؤسسات التعليمية. وأكدت المصادر نفسها في حديث مع «المساء» أن جهات أمنية مسؤولة كشفت لها، في وقت سابق، حقيقة وجود هذه الشبكة التي يشرف عليها ضابط سام في الجيش الجزائري، مبرزة أن الأسواق الجزائرية الداخلية تخلو من هذه المادة على عكس المواد المهربة الأخرى. وسبق لأجهزة الأمن في الجهة الشرقية أن ألقت القبض على عدة مروجين للقرقوبي «وكانت إحدى أقوى الضربات هي ضبط مهرب وفي حوزته حقيبة كبيرة داخلها آلاف الوحدات من الحبوب المهلوسة». وحسب المصادر نفسها فإن ضبط مثل هذه الكمية عند شخص واحد يعني شيئا واحدا هو «أن هناك مافيا متخصصة في توجيه القرقوبي إلى المغرب، إذ لا يعقل أن يحصل شخص عادي على هذه الكمية بهذه السهولة». من جهته يشرح الدكتور ادريس بوشنتوف، نقيب الصيادلة في الجهة الشرقية، في حديث مع «المساء» أن اقتناء وحدة واحدة من الحبوب المهلوسة يقتضي اتباع مساطر قانونية وإدارية صارمة متماشية مع القواعد التي وضعتها منظمة الصحة العالمية، «وهو ما يطرح علامات استفهام حول الكميات الهائلة التي تروج في الجهة الشرقية وفي باقي مدن البلاد، بالرغم من المجهودات التي تبذلها أجهزة الأمن لمحاصرتها». وتذكر تقارير نقابة الصيادلة في وجدة أن الإحصائيات أثبتت أن أكثر من 33 في المائة من الأشخاص المسجلين في إصلاحية المدينة الحدودية تهمهم مرتبطة بجرائم وجنح سببها القرقوبي. وحذر بعض رجال التعليم في وجدة في تصريحات متطابقة ل«المساء» من تنامي ظاهرة تعاطي القرقوبي في المؤسسات الثانوية والإعدادية، خاصة بعد تفجر بعض الفضائح التي أعطت صورة سوداوية عن حجم الظاهرة في المدينة الحدودية. إحدى تلك الفضائح، حسب ما رواه سكان المدينة ل«المساء»، هو حادث شروع تلميذة من عائلة محافظة تواصل دراستها بالمرحلة الثانوية في التعري ونزع ملابسها في الشارع العام بعدما تناولت دون علمها شطيرة من الأكلة الشعبية «كران» وبداخلها القليل من القرقوبي وضعه لها زملاؤها للمزاح معها، إلى جانب حوادث السرقة بالعنف التي تورط فيها تلاميذ من الجنسين بسبب تناولهم المخدر. وحكى مراسل صحافي بالمدينة قصة أستاذ قرر، بداعي الفضول، استكشاف تأثير القرقوبي فتناول النزر اليسير منه «ليشرع بعدها مباشرة في نزع ملابسه هو الآخر ويقضي الليل كله عريانا، ولم يكتشف ما جرى له إلا مع ساعات الصباح الأولى». وما يزال سكان وجدة يذكرون فاجعة مقتل إطار بنكي ومواطن آخر وجرح أشخاص آخرين على يد مواطن عادي تناول لتوه كمية محدودة من الحبوب المهلوسة. ويشرح ادريس بوشنتوف أن القرقوبي لا يتوقف في المنطقة الشرقية بل ينتشر بسرعة في باقي مدن البلاد حيث يحمله التجار في غفلة من المراقبة الأمنية ليقضوا به على صحة شباب البلاد. ويدعو بوشنتوف إلى محاكمة المتاجرين بمثل هذه المخدرات القاتلة، حسب مقتضيات قانون الإرهاب، «لأن أضرارها تشكل خطورة كبيرة على النسيج الاجتماعي الوطني وعلى الأمن الصحي للبلاد بكاملها». تجدر الإشارة إلى أن إحصائيات أجهزة الأمن في الجهة الشرقية تشير إلى أن معدل المقبوض عليهم من تجار المخدرات ومنها القرقوبي يتراوح ما بين 20 و52 شخصا، أغلبهم تتراوح أعمارهم ما بين 21 و40 عاما، وقامت عناصر وحدات القيادة الجهوية للدرك الملكي بالجهة الشرقية، خلال سنة واحدة على سبيل المثال بإيقاف 52 مروجا لمختلف أنواع المخدرات من الشيرا و الكيف وطابا و الأقراص المهلوسة خارج المدارات الحضرية بأقاليم بركان وتاوريرت ووجدة، منهم 50 مغربيا وأجنبيان، فيما تم تحرير 49 قضية أنجزت منها 48. وتمكنت المصالح نفسها من حجز 19868 من أقراص الهلوسة فيما تم حجز 7 سيارات خفيفة و3 دراجات نارية وزورقين. وسبق لعناصر الدرك الملكي أن وضعت يدها خلال شهر غشت 2006 ما وصف بأنه أكبر عملية لضبط ترويج الأقراص المهلوسة القرقوبي ببني ادرار، على ثلاثة من مروجي هذه الحبوب أحدهم جزائري، حيث تم حجز 20.000 قرص طبي بقيمة 394.000 درهم.