إن مدينة وجدة تعد إحدى كبريات المدن على المستوى الوطني، وإذاأضفنا لها الموقع الجغرافي المتواجد على الشريط الحدودي الجزائري الذي يبلغ طوله حوالي 550 كلم وكذا عن المدينة السليبة «مليلية» ب 12 كلم، تجعل من هذه المنطقة نقطة لظهور أنواع خاصة من الجرائم ذات امتداد على المستوى الدّولي كالتهريب الدولي للمخدرات والسيارات والجريمة المنظمة عبر الوطنية، شأنهافي ذلك شأن باقي المدن الحدودية في العالم..السلطات الأمنية على مستوى ولاية أمن وجدة والدرك الملكي والقوات المساعدة والجمارك مافتئت تبذل قصارى جهدها لمواجهة هذه الجرائم، وضمنها كارثة تهريب الأقراص الطبية المخدرة نوع «ريفوتريل» والمعروفة بالقرقوبي.. «.. تذهب حبات الهلوسة«ريفوتريل» بعقول مستعمليها من أبناء وطننا» هكذا تحدث لنا الدكتور عبد المجيد ?مّي الطبيب الاختصاصي في الأمراض النفسية وعلاج الإدمان.. إنه دواء عبارة عن أقراص طبية مخدرة، أو بعبارة أخرى حبوب مهيّجة تعرف في أوساط المدمنين باسم «القرقوبي» الذي تسبب في وقوع حوادث إجرامية هزت الرأي العام الوطني.. وتعني أيضا في قاموس المدمنين والمروجين أيضا ب «البولة الحمراء» وفي أروقة الصيدليات «الريفوتريل» أضحى اليوم هذا المخدر حقيقة مأساوية تحصد يوميا عشرات الضحايا الجدد من مدمنين أغلبهم تلاميذ قاصرون بمدارسنا وثانوياتنا، أو شباب ضائع في الشوارع وأوكار الانحراف.. بضاعة سامة يتم تهريبها من الجزائر، حيث توجد وحدات صناعية لتصنيعها.. - حصيلة التصدّي للظاهرة على مدى 8 سنوات: بلغت حصيلة المحجوزات من أقراص الهلوسة مابين سنتي 2000 و2008 من طرف مصالح الأمن الولائي لوجدة والدرك الملكي بالجهة الشرقية أزيد من 350 ألف وحدة.. وكانت حصة الأسد من هذه المحجوزات تساوي حوالي 100 ألف مابين الفاتح من يناير 2000 ومتم شهر غشت 2006..كانت هذه الكمية كلهامتجهة نحوكبريات المدن المغربية انطلاقا من مدينة وجدة، حيث كان يتم تهريبها من الجزائر عن طريق شبكات دولية أغلب عناصرهاجزائريين، تم اعتقال بعضهم بنفوذ التراب الوطني بمركز جماعة بني درار أواخر 2004 من طرف رجال الدرك، حيث ضبطوا وبحوزتهم 20 ألف قرص داخل أكياس بلاستيكية، بينما بلغ عدد القضايا المسجلة التي أنجزتها المصالح الأمنية بوجدة أزيد من 420 قضية، أحيل بموجبها على العدالة 936 شخصا كان من بينهم حوالي 60 مواطنا جزائريا.. وتمكنت مصالح القيادة الجهوية للدرك الملكي بالجهة الشرقية بدورها من حجز 20 ألف من الأقراص المهلوسة سنة 2005 إضافة إلى أكثر من 400 كلغ من مخدر الشيرا و5.5 كلغ من الكيف و151 كلغ من طابا، بينما حجزت 7 سيارات و3 دراجات نارية وزورقين، فيماقامت ذات المصالح بإيقاف 52 مروجا لمختلف أنواع المخدرات بأقاليم بركان وتاوريرت ووجدة، وتم حرق وإتلاف أكثر من طن من الشيرا و53 كلغ من الكيف و7580 من الأقراص الطبية المهلوسة.. * إدخال حبوب الهلوسة من الجزائر: تواصل الجزائر تسهيل حبوب الهلوسة عبر الشريط الحدودي بغض الطرف عن المهربين والمتاجرين في هذه المادة المخدرة والمحرمة، خصوصا أنها موجهة للأسواق المغربية، لإعدام عقول الشباب المغربي وشلّ حركاته،ولا أدّل على ذلك، تنقل المهربين الجزائريين بكل حرية بآلاف الأقراص الطبية المهلوسة، إلا أنهم يقعون في قبضة اليد الأمنية المغربية التي تقف لهم بالمرصاد.. إن القرقوبي أو «البولة الحمراء» أضحت سلعة عادية، تؤثث سوق طلب متزايد، هذا ماتؤكده التقديرات حتى المتحفظة منها، إنها «واقع وحقيقة يؤكد «سعيد» ابن العشرين من عمره، الذي كان ضحية حارس إحدى قاعات الألعاب، بداية قصته مع الإدمان على «الرّيفوتريل» يتذكر سعيد وعيناه تشعّان خمرة مشوبة بالحذر، الأمسية التي تعذّر عليه تدبير 10 دراهم لاقتناء «لفافة» محشوْة بالحشيش، ولم تفلح ترجّياته لمزوّده الاعتيادي داخل قاعة الألعاب سوى أن يقترض من هذا الأخير قرصا مخدّراً أحسّ ساعة بعد ابتلاعه بارتخاء وهدوء بالغين من تلك الأمسية المحفورة في ذاكرة المدمن الذي أضحى يتردّد بانتظام على مروّجي أقراص الهلوسة الجزائرية متى أحسّ بأعراض ارتعاش وتوتّر تجتاح جسده المتهالك! بالعديد من المناطق بالمدينة وقرب المؤسسات التعليمية وبشكل مفضوح أحيانا ينتصب مروّجو السموم المخدرة، والعرض متوفر بشكل غير مسبوق طالما أن شبكات التوزيع التي، ولحسن الحظ مازالت في مراحل تطوّرها الأولى، تعمل على إغراق السّوق وتكسير الأسعار.. قرص «الريفوتريل» الذي كان يباع بأربعة دراهم قبل 5 سنوات لم يعد يكلّف خلال سنة 2006 أكثر من درهم، ليرتفع بعد تصدّي رجال الأمن له إلى 5 دراهم وأكثر أمام بداية نقصه بالأسواق.. رؤوس شبكات المخدّرات لم تعمد إلى تخفيض ثمن جُرع الهلوسة إلا بعد أن وضعت مخططا يهدف إلى توسيع قاعدة المدمنين / المستهلكين، خاصة تلامذة المؤسسات التعليمية ورواد نوادي الألعاب المنتشرة كالفطر بالأحياء الشعبية.. وهذا ما وقفت عليه مصالح الأمن لمّا أوقفت سابقا بمحيط ثانوية عبد المومن صاحب سوابق يقوم بترويج الأقراص الطبية المخدرة في أوساط تلاميذ المؤسّسة، ويحكي بعض الآباء عن كون الكارثة مازالت تطارد بعض المؤسسات الهامشية كإعدادية الدرفوفي وإعدادية عقبة وغيرها.! ? تسلّل جزائريين وبحوزتهم شحنات من القرقوبي: مازالت مصالح ولاية أمن وجدة وضمنها المصلحة الولائية للشرطة القضائية تواصل نشاطها للحدّ من تسرّب هذه السّموم إلى الوطن، حيث كانت سابقا قد أحالت على العدالة عشرات المواطنين الجزائريين من أجل الدخول إلى التراب الوطني خلسة والتهريب الدولي للأقراص المخدرة نوع «ريفوتريل» حيث ضبطوا وهم يحوزون أكثر من 3000 قرص طبي مخدّر عبر مراحل ومبالغ مالية هامّة من الدرهم المغربي والدينار الجزائري وصفائح بلاستيكية صفراء تحمل أرقام سيارات جزائرية.! وخلال ماي 2006 أحالت نفس المصلحة على العدالة بوجدة جزائريا آخر من مدينة مغنية من أجل الاتجار الدولي في الأقراص الطبية المهيّجة والتسلّل إلى المغرب خلسة، المعني بالأمر (39 سنة) متزوّج وعاطل، كان بدوره يحوز كمية من القرقوبي (حوالي 1000 وحدة).. موضوع القرقوبي بجلسات مجلس النّواب: في هذا الإطار التقينا بالدكتور عمر حجيرة النائب البرلماني لمدينة وجدة ورئيس جمعية فضاء زيري للتعاون والذي تحدّث للعلم عن عدد من تدخّلاته ضمن الفريق النيابي الاستقلالي في موضوع آفة القرقوبي، هذه الآفة التي تنتقل إلى سائر مناطق المملكة عبر منافذ بالحدود المغربية الجزائرية، والتي تشدّ رحالها عن طريق السوق السّوداء انطلاقا من القطر الجزائري.. وقد عبّر حجيرة عن ارتياحه الكبير لكون الموضوع تناولته كافة وسائل الاعلام سواء المكتوبة منها أو المرئية والسمعية.. وأشار إلى أنّه لا يمكن مراقبة هذه الافة بسهولة، بل لابدّ من توعية وتحسيس متواصلين، علما أن العائلات والأسر المغربية قد أحسّت بالخطر المحدق الذي يهدّد صحّة وحياة أبنائنا وسلامة مجتمعنا بكامله، وليس فقط الفئات الفقيرة، كما أنّه يستهدف حتى الأطفال.. وبناء على هذا، تم طرح الموضوع تحت قبة البرلمان خلال أوّل جلسة ولأوّل مرّة في تاريخ البرلمانات المغربية بعد أن دقّت جمعية فضاء زيري ناقوس الخطر لمّا تمت معاينة آثار الخطر المحدق بشبابنا وأطفالنا خلال السنوات الفارطة، فأعدّت الجمعية برنامجا ماراطونيا شمل واستهدف أبناء وبنات المؤسسات التعليمية على مستوى الجهة الشرقية.. ومن خلال ذلك وعى الآباء بأنهم يجب عليهم ترك لامبالاتهم وتعويضها بالعناية بأبنائهم وبحياتهم اليومية ومراقبة نشاطاتهم.