يرى نظام الجزائر الجارة أن مختلف الوسائل جيدة ومفيدة قصد الإساءة للمغرب ومصالحه. فبالإضافة إلى دبلوماسية معادية مفرطة ومطلقة العنان، وتسخير سخي لعائدات النفط لمجابهة المصالح المغربية ولو عادل ذلك ملايين الدولارات، يبدو أن مصالح هذا النظام "اهتدت" إلى سلاح فتاك آخر، وتحديدا الأقراص المهلوسة، لتحقيق أهدافها غير المعلنة والخفية، الرامية إلى تدمير المجتمع المغربي من خلال اللجوء إلى خدمات شبكات تهريب مافيوية جزائرية تنشط على الحدود المغلقة رسميا منذ 1994.
هكذا تم تسطير هدف إغراق السوق المغربية بكافة أنواع الأقراص المهلوسة، "القرقوبي" في اللغة الشعبية، وهي الحيلة التي ما فتئت تشكل سلاحا خطيرا تتلاعب به عصابات لتهريب المخدرات، مدعومة من قبل مسؤولين جزائريين لا يكنون للمغرب سوى الحقد والضغينة ولهم، علاوة على ذلك، ارتباطات مع شبكات إرهابية تنشط في منطقة الساحل والصحراء مثل تنظيم (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي).
وتبرز كدليل على ذلك، مشاركة عبد الكريم الطوارقي، وهو "أمير" في هذا التنظيم، في لقاء قمة حول المخدرات جمع، نهاية أكتوبر الماضي بإفريقيا، العصابات الكولومبية لتحديد الطرق الجديدة للإتجار في مادة الكوكايين.
وكما أكدت العديد من وسائل الإعلام، ومنها (فرانس سوار)، فإن مشاركة عبد الكريم الطوارقي في هذا اللقاء "يبرهن على مدى الاهتمام المتزايد الذي توليه المنظمة الإرهابية لتهريب المخدرات".
وتدل الشهادات المستقاة لدى مواطنين وجمعيات ومصالح أمنية، خاصة في المنطقة الشرقية، بشكل قاطع، على أنه لم يعد من السر بتاتا، بل أصبح واقعا صارخا، كون كميات كبيرة من الأقراص المهلوسة التي تجتاح المغرب تأتي من الجارة الجزائر، حيث تنظم لجنة تطلق على نفسها بهتانا اسم "لجنة التضامن مع الشعب الصحراوي" جامعة صيفية لفائدة الأطر المزعومة "للبوليساريو" حول موضوع تهريب المخدرات.
وتعمل هذه الشبكات على جلب أقراص "القرقوبي"، التي أضحت سلعة رائجة في سوق سوداء منتعشة، من الجزائر نحو الحدود الجزائرية المغربية لتسويقها داخل وجدة وأحفير أو بركان.
ولا تعتبر وجدة مركز هذه المخدرات، بل بلدة بني درار الصغيرة، التي تبعد نحو عشرين كيلومترا عن المدينة وثلاثة كيلومترات عن الحدود. فمن هذه النقطة بالذات تنطلق عمليات التسليم نحو المدن المغربية الأخرى عن طريق فروع شبكات تهريب ومافيا يقودها جزائريون ويشرفون على تنظيمها جيدا.
ولكونها تجارة مثمرة، أضحت بني درار ملجأ للشبكات المافيوية الجزائرية التي تنجح في اجتياز الحدود وتعرف جيدا سبل القيام بذلك.
ويتم العمل على إنتاج بعض المخدرات في الجزائر ذاتها، قرب مغنية، فيما يتم جلب أخرى من إفريقيا جنوب الصحراء عبر الجزائر بواسطة مهربين. وهكذا يجري تزويد السوق المغربية بشتى أنواع الأقراص المهلوسة.
ولم يعد خافيا على أحد مدى هول المآسي الاجتماعية الناجمة عن استهلاك هذه المواد المهلوسة القادمة من الجزائر. إن خطورة هذه الظاهرة تبدو جلية من خلال الاطلاع على إحصائيات مصالح الأمن وجمعيات مكافحة المخدرات أو من خلال زيارة أماكن احتجاز القاصرين في العديد من المدن المغربية.
وتشير جمعيات إلى أن ثمانين في المئة من الشبان يتم توقيفهم جراء ارتكاب مخالفات تحت تأثير المخدرات، والأخطر من ذلك، أن إدمان البعض يدفعهم إلى ارتكاب ما لا يمكن إصلاحه من أجل شراء جرعتهم. وما يثير القلق أكثر أن المتاجرين في المخدرات يستهدفون، أساسا، تلاميذ المؤسسات الإعدادية والثانوية، إذ بالإضافة إلى تسويق سمومهم بين صفوفهم، يشغلون تلاميذ قصد تصريف البضاعة حتى داخل الباحات والأقسام الدراسية.
يشجب مسؤول جمعية هذا السلوك العدواني بقوله: "لدينا اليقين بأن (القرقوبي) أصبح، على غرار الهجرة السرية، وسيلة تدميرية يستعملها المسؤولون الجزائريون ضدنا من أجل إضعاف وتدمير قدرات شبابنا"، وهو التهديد الذي أدرك المغرب خطورته على الدوام.
ومن أجل التأكيد مجددا على إرادتها الراسخة في تنفيذ تعهداتها في هذه المعركة، صادقت المملكة على كافة المعاهدات والآليات القانونية للأمم المتحدة المتعلقة بمحاربة المخدرات.
وإذا كانت الأقراص المهلوسة سلاحا فتاكا بين أيدي الطغمة الجزائرية المنتفعة في حربها المستعرة ضد المغرب، فإن هذه الطغمة تنخدع أشد ما يكون الانخداع في توهمها بأن مرامي شيطانية من هذا القبيل قد تزعزع عزيمة المغاربة أو تحيد بهم عن مسيرة التنمية والازدهار والريادة.، إن ديمقراطيتنا، ووحدتنا وتجندنا الدائم، تشكل أنجع متراس ضد أطماع الهيمنة لدى نظام جارتنا الشقيقة الجزائر.