لم تعد سرا على المنتظم الدولي والعالم، الحرب المدمرة التي تشنها الجارة الجزائر على المغرب، بواسطة سلاح أقراص الهلوسة، أو ما يعرف ب"القرقوبي". سلاح لربما أكثر فتكا من براميل المتفجرات، التي تلقيها مقاتلات نظام بشار "الفأر"، وليس "الأسد"، فوق رؤوس السوريين، وأكثر فتكا حتى من الصواريخ المحملة بالمواد الكيماوية، التي استعملها الطاغية في إبادة شعبه.
هذا، وعزت مصادر مطلعة واقع انتشار ظاهرة تسريب الأقراص المهلوسة، من التراب الجزائري إلى أرض المملكة المغربية، إلى وجود مصالح ونيات مبيتة، وراء الأنشطة التي تقوم بها الشبكات "المافيوية" المتخصصة في اقتناء تلك "الأدوية"، من الصيدليات بالجارة الشرقية، بعد إنتاجها بالأطنان، في مختبرات ومصانع معدة لهذه الغاية. حيث يتم ترويجها بين أوساط الشباب والمراهقين في المغرب، بتواطؤ جهات معينة، ومساهمة أفراد وشبكات تهريب جزائرية-مغربية. وهذه حقيقة لا تنفك السلطات المغربية تستحضرها في كل استراتيجية أمنية، تهدف إلى الاحتراز من تلك الظاهرة الإجرامية، وزجرها بالسبل القانونية المتاحة. ظاهرة باتت تستدعي بالمناسبة معالجتها في المؤتمرات والملتقيات الأمنية الدولية والإقليمية، وفي إطار العلاقات الدولية، وإدراجها على طاولة أشغال المنظمات الأمنية الدولية، وفي طليعتها ال"أنتربول"، التي يعتبر بالمناسبة المغرب والجزائر عضويين فيها.
هذا، وقد احتدمت حرب "القرقوبي" المعلنة بلا هوادة على المغرب، في ردة فعل على ما يعتبر "إرهاب المخدرات". إذ تروم إفساد الشباب المغربي، ورميه في براثين الرذيلة والانحراف، والجريمة والإجرام. وفعلا كان التفوق في هذه الحرب القدرة، من نصيب الجارة الجزائر التي تربطنا بها أواصل العروبة والإسلام والتاريخ ... التاريخ الذي سجل بفخر واعتزاز وقوف المغرب إلى جانب "لشقيقة" االجزائر، في محنها، ونضالاتها التحررية من قيود وجبروت الاستعمار الغاشم، الذي ظل جاثما على ترابها 130 سنة. فالجزائر ستظل، شاءت أم أبت، مدينة للمغرب. وهذه حقيقة تعرفها الجزائر والجزائريون، وحتى من يجهلها، فما عليه إلا الرجوع إلى كتب التاريخ.
لقد جاءت بالمناسبة حرب أقراص الهلوسة المدمرة، لتنضاف إلى حرب أخرى، ليست أقل فتكا، ذات طبيعة اقتصادية، غايتها تخريب اقتصاد المملكة المغربية، بتسهيل تهريب البنزين من الجزائر، والذي اكتسحت تجارته المحظورة، مناطقنا الشرقية، وأقاليمنا الجنوبية(...).
وعلى إثر حرب "القرقوبي"، تعبأت مصالح الأمن الوطني، بشن حملات تطهيرية وتمشيبطية متواصلة، على قدم وساق، في المدارين الحضري والقروي، من طنجة إلى لكويرة، ومن أقصى الشرق، إلى أقصى الغرب. ما مكن من ضبط وحجز آلاف أقراص الهلوسة، وتفكيك شبكات "مافيوية" جزائرية-مغربية.
وعلمت لدى مصدر مطلع أن المصالح الشرطية في المغرب، قامت، خلال الفترة الممتدة من 26 غشت 2013، وإلى غاية فاتح شتنبر الجاري، بمعالجة 24 قضية، تمّ على إثرها توقيف 31 متورطا، وحجز 49.800 وحدة من مادة "القرقوبي" المخدرة. واحتلت ولاية أمن الدارالبيضاء المرتبة الأولى، من حيث كمية السموم المحجوزة (48.549 وحدة).
وعلى غرار المصالح الولائية والإقليمية للأمن الوطني في المغرب، أبانت المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية لدى أمن الجديدة، عن نجاعة في محاربة ظاهرة "القرقوبي"، التي عبأت لها أقسامها وفرقها الميدانية. ما أفضى إلى شل نشاطات عصابات إجرامية، وإحالة أفرادها على العدالة، وحجز كميات هامة من السموم، قدرت ب3949، خلال 5 تدخلات جرت في الفترة الممتدة من 14 يونيو 2013، وإلى غاية 25 غشت الماضي.
ودائما في سياق التصدي لآفة "القرقوبي"، وتكثيف العمليات الأمنية الهادفة إلى مكافحة ترويج الأقراص المهلوسة، قامت المصالح الأمن الوطني، خلال الأسبوع الممتد بين 12 و18 غشت 2013، بمعالجة 52 قضية، تمّ على إثرها توقيف 60 متورطا، وحجز 2.459 وحدة من المادة المخدرة المذكورة. وكانت ولاية أمن الرباط احتلت المرتبة الأولى، من حيث الكمية المحجوزة من أقراص الهلوسة (1.360 وحدة)، متبوعة بولايات أمن الدارالبيضاء، وأكادير، ووجدة.
وحجزت المصلحة الولائية للشرطة القضائية بولاية أمن الرباط، الثلاثاء 18 يونيو الماضي، 17630 حبة من الأقراص المهلوسة، و30 كيلوغراما من مخدر الشيرا، من داخل مسكن بإقامة المنصور، بمحاذاة سوق الجملة، في مدينة تمارة. ناهيك عن ضبط 5 بخاخات تحتوي على مستحضر كيميائي مسيل للدموع، ومبالغ مالية هامة، قدرت ب10 ملايين سنتيم من العملة الوطنية، متحصل عليها من مبيعات "السموم".
وكانت المصلحة الولائية للشرطة القضائية بالرباط، وضعت، شهر ماي 2013، حدا لشبكة إجرامية، كانت تنشط في تهريب الأقراص المهلوسة، انطلاقا من "الجارة الجزائر، وتصريفها في المغرب. وجاءت هذه العملية "النوعية"، بعد أن أوقفت عناصر الشرطة القضائية، شخصين من كبار مروجي وموزعي أقراص الهلوسة على الصعيد الوطني، أحدهما مقيم في مدينة وجدة، والآخر يتحدر من العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء. وقد ضبطهما المتدخلون الأمنيون متحوزين بكمية من أقراص الهلوسة، وصفت ب"الضخمة"، قدرت ب 15.900 حبة من نوع "ريفوتريل"، علاوة على مبلغ مالي ناهز 30 مليون سنتيم، متحصل عليه من المبيعات.
وصباح الخميس 30 ماي 2013، أوقفت المصلحة الولائية للشرطة القضائية بالرباط، مسؤولة لدى شركة خاصة، إثر ضبطها متلبسة بحيازة حوالي 9000 قرص مهلوس.
وضبطت المصلحة الولائية للشرطة القضائية بالرباط، على دفعات، شهر ماي 2013، خلال تدخلات أمنية ناجعة، أكثر من 100 ألف قرص مهلوس من نوع "ريقوتريل". وأفضت الأبحاث والتحريات الميدانية التي قادها المحققون، إلى تفكيك شبكات تنشط في تهريب "القرقوبي"، ضمت في صفوفها مواطنين جزائريين.
هذا، وأوضح مسؤول أمني رفيع المستوى، أن العمليات والتدخلات والحملات التطهيرية والتمشيطية، التي تشنها على قدم وساق مصالح الأمن الوطني، بغاية محاصرة ظاهرة ترويج أقراص الهلوسة، سيما في أوساط الشباب والمراهقين ، تندرج في إطار مخطط عمل أمني، عرف انطلاقته، أواسط شهر أبريل 2013. حيث تميزت حصيلته - إلى حدود منتصف شهر غشت من السنة الجارية - بمعالجة 705 قضية، وتوقيف 875 مشتبها به، وحجز 184.610 وحدة من الأقراص الطبية المخدرة، التي يتم ترويجها بطريقة غير قانونية.
وبالمناسبة، فإن وزارة العدل والحريات كانت أصدرت بلاغا، بمناسبة تفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس بإعطاء تعليماته السامية، بالإفراج عن القاصرين، معتقلي "أحداث الخميس الأسود"، أشار، حسب حرفية نصه، إلى أن "الاندفاع التلقائي واللاإرادي نحو ارتكاب الجرائم، يرجع بالأساس إلى الإدمان على الأقراص المخدرة".