في الوقت الذي كان المواطن اليوسفي يمنّي فيه النفس بتحقيق نوع من الانفراج الاجتماعي والإصلاح البنيوي أمام التحدي القائم في مواكبة مدن مجاورة كانت بالأمس القريب تتخلف عن مدينتنا في مختلف المجالات، هاهي الآن اليوسفية لم تبرح مكانها وتنتظر الفرج الذي قد يطول، بالمقابل نظيراتها تخطو بخطى حثيثة للمضي قدما نحو خريطة مدن المغرب النافع. أدون هذا الكلام في ظل ترقبات اليوسفيين لما سيؤول إليه الوضع العام المحلي، بعد إحداث عمالة بالمدينة وبعد تحالف تاريخي لأربعة أحزاب شكلت الأغلبية لتسيير الشأن المحلي عبر مؤسسة المجلس الحضري، كانت هناك بارقة أمل ولمحة تهفو نحو المستقبل، كان هناك تفاؤل عميم في أن يسترجع المواطن اليوسفي كرامته التي افتقدها نتيجة استهتار مقيت تجدّد بتوالي الولايات الانتخابية. كان هناك أمل في أن تتحول المدينة إلى ورشة عمل في البناء الاقتصادي والاجتماعي والبنيوي، باعتبار مكانتها الفوسفاطية الإنتاجية، وأن تسابق حركة التاريخ في تحقيق ما اصطلح عليه بهتانا ب "المستقبل للمدن الفوسفاطية" . لكن عندما تصبح السياسة مناوشات حزبية وصراعات شكلية تستهدف امتلاك الكراسي قبل قلوب المواطنين، يكون مآلها الإخفاق والانحطاط المبكّر ومن ثمة فقدان ركيزة أساسية تتمثل في ثقة المواطن المستضعف. وحين تغيب الفاعلية والمصداقية في الجسم الجمعوي الممثل الأصيل للمواطن، يكون الانزياح عن مسار الإصلاح بتخاذل المسؤولين أمام الانزواء غير المبرر. حتى هذه اللحظة لم تحسم الكثير من الوعود والقضايا المجتمعية العاجلة، ولم تسجل مواقف جريئة وشجاعة، بل لم يجد المشهد التسييري بالمجلس الحضري تناسقه وانسجامه حتى أصبح قميصه مهلهلا وممزقا احتلت فيه الخروق مساحات هائلة لا يمكن ترقيعها إلا بإرادة إصلاحية وميثاق جامع يؤسس لأرضية مشتركة تستوعب رؤى و أفكار مختلف الفرقاء السياسيين والجمعويين والحقوقيين والفضلاء من أبناء المدينة الأوفياء دونما إقصاء ولا استئصال.