في خطوة تنم عن مصارحة متأخرة مع الذات كشف أحمد زهير رئيس مجموعة أحمر للبيئة التي تشرف على قطاع النظافة بمدينتي اليوسفية والشماعية، عن تورّط المجلس الحضري باليوسفية في الكارثة البيئية التي شهدتها المدينة في الآونة الأخيرة، إثر دخول عمال النظافة في اعتصام مفتوح وخوضهم إضرابا عن العمل، احتجاجا على ما وصفوه ب"المماطلة والتسويف" في أداء رواتبهم المحتجزة لما يقارب شهرين ونصف. هذا الاعتصام الذي سيُرفع بعد ثمانية أيام من موجة الاحتقان وتفشي أمراض الحساسية لدى الكبار والصغار، بحلول وُصفت ب"الترقيعية"، نسج خيوطها عامل الإقليم ورئيس المجلس وأحد المستشارين. وتجلى هذا التورط أو التوريط -باحتمال أحد اللفظين- حسب كلام رئيس المجموعة في ندوة صحفية، بإخلال المجلس بالالتزام بتوفير الموارد البشرية المتفق عليها في دفتر التحملات، ما أفرز عجزا شهريا وصل إلى 13 مليون سنتيم، وعجزا سنويا بمعدل ثلاثة أشهر في السنة، تراكم منذ 2009 ليصل إلى خمسة عشر شهرا مع نهاية 2013. ولم يكتف المسؤول الأول عن قطاع النظافة بالمدينة بهذه المعطيات، بل أزاح ستارا قاتما عن الخلفية المكشوفة، مشيرا إلى أن المجلس الحضري يخصم من أصل 360 مليون سنتيم التي تعهد بها للشركة، عشرين مليون سنتيم، دون أن يكشف عن الأسباب، والجهة المستفيدة من العملية الخارجة عن القانون، إضافة إلى ذلك التدخل في تنقيل العمال المعينين في المجموعة، بما يعتبر خرقا للقانون الذي ينص على استقلالية المجموعة إداريا وماليا، وفق كلام رئيس المجموعة. كنا ننتظر حلا عقلانيا ينسجم مع الآليات والإبداعات التسييرية لتدبير الأزمة ومن ثم الإعلان عن القطيعة مع أزمة التدبير التي أضحت عنوانا بارزا لكل من ألقى السمع أو البصر على الإجراء التسييري للمجلس. لكن للأسف وأقولها صادقا، أنصاف الحلول والتدابير الترقيعية لا زالت تطغى على أديم المشهد العام، فبدل أن يقف المسؤولون باعتدال أمام أسباب ومسببات هذه الأزمة البيئية المتكررة بتكرار الإجحاف والتغول، ووضع الأصبع على مكمن الداء وإشراك مكونات المجتمع اليوسفي في تدبير الأزمة التي انهزم أمامها أصحاب الحقائب، نرى هروبا إلى الأمام ودهسا لحقوق مشروعة وكرامة مرفوعة.
إنه العبث حين نروج لخطاب ديماغوجي تعويمي يروم تزيين الواجهة، إنه الاستخفاف بإرادة اليوسفيين حين نتاجر بمعاناتهم عبر خرجات ووعود بمشاريع واضح حالها ومعلوم مآلها. إن التغيير المنشود هو الإجراء المنبثق عن الإرادة والعشق الخاص لتربة هذه المدينة والمراهن أيضا على نبضات أبنائها، كمدخل أساسي للتغيير والإصلاح لأنه اتضح جليا من خلال الوقائع والتجارب الميدانية أن الرهان على اليافطات التمويهية والتخريجات الحزبية المصلحية، ليس إلا تعتيما على الحقائق المأساوية التي طالت جميع القطاعات الحساسة بالمدينة، وأيضا التفافا على مطالب المواطنين الموضوعية والمشروعة.