بعدما جردت في الأسبوع المنصرم المعطيات المتعلقة بتصنيف المغرب عالميا على صعيد حوادث السير، واتضح لنا أن الطريق لازالت شاقة لتحسين وضعنا جميعا، وَدِدْتُ اليوم أن أضعكم في صورة مقارنة مع بعض أسباب الوفاة الأخرى، وذلك انطلاقا من دراسة حديثة أصدرها الباحثان Brandom SCHOETTLE و Michael SIVAK، في فبراير 2014، عن معهد ميشكان بأمريكا: Transportation Research Institute؛ حيث قاما بمقارنة الوفيات الناتجة عن 3 أمراض كبيرة: أمراض القلب، الأورام الخبيثة (السرطانية)، والأمراض الدماغية الوعائية... وهنا لا بد من الإفادة بأن النتائج لم تكن متوقعة حتى عند الخبراء أنفسهم، ففي عديد من دول الخليج مثلا، الأرقام مهولة، حيث تبلغ نسبة قتلى حوادث السير قياسا لكل أسباب الوفيات 15.9% في الإمارات، 14.3% في قطر، و7.9% في الكويت، و7.3% في البحرين...لكنها تَقِلُّ في بعض الجزر والدول الصغيرة كجزر مالطة ومارشال (0.3%)، وفي بعض الدول المتقدمة كالسويد وسويسرا (0.5%)...ومعدل الدول المتقدمة (أقل من 1%). أما في المغرب، فحوالي 3% من عدد الوفيات راجع لحوادث السير، وهو نفس معدل دول كالباهاماس والصين وأندونيسيا وكوريا الجنوبية... وللمقارنة دائما، ففي المغرب، هناك قتيل واحد بسبب حوادث السير، لكل 5 قتلى بسبب أمراض القلب؛ و8.5 قتيل بسبب السرطان، و14 قتيل نتيجة الأمراض الدماغية الوعائية... هذه المقارنة تجعلنا نقف على حقيقة المعطيات لنتخذ –جميعا- ما يجب من إجراءات...نعم كما أن هناك سياسة للعلاج والوقاية من السرطان، ومن أمراض القلب، ومن الأمراض الدماغية الوعائية، يجب أن نكون جميعا واعون بأن هذه الأمراض-التي أحدثنا لها سياسات عمومية- لا دخل للبشر فيها عموما؛ أما حوادث السير، فجزء كبير من أسبابها بيد البشر...سلوكهم...تعاملهم مع الطريق...فهل نعي دورنا الحقيقي في هذا المجال...وهل نعمل على إحياء النفس البشرية....ومرة أخرى "ومن أحياها فكأنما أحيى الناس جميعا"...