{ ماهي طبيعة الأمراض التي يعاني منها قلب الإنسان؟ الأمراض القلبية الوعائية، هي أمراض ناتجة عن اضطرابات القلب والأوعية الدموية، وتشمل كلا من أمراض القلب التاجية التي تؤدي إلى النوبات القلبية، والأمراض الدماغية الوعائية التي تؤدي إلى السكتة الدماغية، ارتفاع ضغط الدم «فرط ضغط الدم» ، أمراض الشرايين المحيطية، أمراض القلب الروماتزمية، أمراض القلب الخلقية وفشل القلب. { ما مدى خطورة هذه الأمراض؟ تشكل أمراض القلب والشرايين السبب الرئيسي للوفيات في العالم، بحيث تراجعت الأمراض المعدية والطفيليات كأسباب هامة للوفاة، وأصبحت أمراض القلب تتصدر القائمة وهي في تزايد مستمر. وقد حذرت منظمة الصحة العالمية في تقريرين منفصلين بأن أمراض القلب والشرايين قد برزت كمشكلة صحية رئيسية في دول العالم الثالث. { هل هناك أية أرقام في هذا الصدد ؟ بالفعل فقد قُدِر عدد الوفيات جراء الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية بنحو 17.3 مليون نسمة في سنة 2008 ، أي ما يمثل نسبة 30% من مجموع الوفيات في العالم. ومن أصل هذه الوفيات استأثرت الأمراض القلبية التاجية بنحو 7.3 ملايين وفاة، فيما استأثرت السكتات الدماغية بما مقداره 6.2 ملايين وفاة. وتلحق الأمراض القلبية الوعائية أضرارا غير متناسبة بالبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل التي تزيد فيها هذه النسبة على 80% من الذين يلقون مصرعهم بسببها، من الرجال والنساء على حد سواء تقريبا. وبحلول سنة 2030 سيلاقي نحو 23.6 مليون شخص حتفه جراء الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية، وخاصة أمراض القلب والسكتة الدماغية. { كيف هو الوضع في المغرب؟ بينت الدراسات الوطنية أن هذه الأمراض تتسبب في أكثر من % 40 من الوفيات، كما أن عوامل الإختطار المؤدية لهذه الأمراض لها نسب انتشار مرتفعة نذكر منها بالخصوص، ارتفاع الضغط الدموي الذي يعاني منه ما بين 3 و 5 ملايين من المغاربة الذين تتجاوز أعمارهم 20 سنة ، وداء السكري الذي يصيب حوالي 10 % من المغاربة الذين تتجاوز أعمارهم 20 سنة، كما أن معدل انتشار السمنة هو13.3% عند السكان الذين يتجاوز عمرهم 20 سنة، بالإضافة إلى أن نسبة التدخين عند الرجال البالغين 33,5 % . { ما هي الأسباب التي تزيد من احتمالات الإصابة بأمراض القلب؟ من أهم أسباب الإصابة بأمراض القلب هناك: ارتفاع ضغط الدم، الدهون الثلاثية والكولسترول، السمنة المفرطة، قلة الحركة وقلة النشاط البدني، التغذية غير الصحية واتباع نظام غذائي يعتمد على الدهون والشحوم، السكري،التدخين. { ما هي الأعراض الشائعة للأمراض القلبية الوعائية؟ لا توجد، في غالب الأحيان، أيّة أعراض تنذر بحدوث الأمراض الكامنة التي تصيب الأوعية الدموية، فقد تكون النوبة القلبية أو السكتة الدماغية الإنذار الأوّل بحدوث تلك الأمراض. وتشمل أعراض النوبة القلبية ما يلي: ألم أو إزعاج في وسط الصدر؛ ألم أو إزعاج في الذراعين أو الكتف اليسرى أو المرفقين أو الفك أو الظهر. وقد يعاني الشخص كذلك من صعوبة أو ضيق في التنفس؛ غثيان ، دوخة أو إغماء؛ عرق بارد؛ وشحوب الوجه. ومن الأعراض التي تعانيها النساء بوجه خاص، ضيق التنفس، والغثيان، والتقيّؤ، وألم الظهر والمرفقين. وأكثر أعراض السكتة الدماغية شيوعاً، حدوث ضعف مفاجئ في الوجه أو الذراع أو الساق، وغالباً ما يحدث ذلك في جانب واحد من الجسم. ومن الأعراض الأخرى شعور مفاجئ بما يلي: خدر في الوجه أو الذراع أو الساق، في جانب واحد من الجسد على وجه التحديد؛ الصعوبة في الكلام أو في فهم كلام الآخرين؛ صعوبة في الرؤية بعين واحدة أو بكلتا العينين؛ صعوبة في المشي أو الشعور بالدوخة أو فقدان التوازن أو القدرة على التنسيق؛ وصداع شديد بدون سبب ظاهر؛ والإصابة بالإغماء، وينبغي للأشخاص الذين تظهر عليهم هذه الأعراض زيارة الطبيب على الفور. { ما هي استراتيجية الوزارة في هذا الصدد؟ في مجال الوقاية الأولية وتعزيز أنماط الحياة الصحية: مكافحة التدخين، تعزيز نظام غذائي صحي متوازن، محاربة السمنة، تشجيع النشاط البدني، إنشاء برامج لوقاية ومراقبة أمراض القلب والشرايين بالمؤسسات الصحية الأساسية المرتكزة على المهنيين الصحيين المتواجدين بمؤسسات الرعاية الصحية الأولية ( أطباء عامون وممرضون). وتعمل وزارة الصحة بنوعين من استراتيجيات التدخل: الإستراتيجية الثابتة بالمؤسسات الصحية الأساسية وهي الشبكة الأكثر تطورا بالمغرب (أكثر من 2600 مركز ) وشبكة المستشفيات (141 مستشفى)؛ والإستراتيجية المتنقلة للوصول إلى أكثر المناطق عزلة التي تضع خطة صحية في المناطق القروية تهدف إلى تعزيز دور الرعاية الصحية الأولية في الوقاية ومكافحة أمراض القلب والشرايين خصوصا الوقاية و محاربة ارتفاع ضغط الدم. ومن أجل تسهيل الولوج إلى الخدمات الصحية للمصابين بهذه الأمراض، فقد تم تنظيم مسار الرعاية للمرضى المصابين بداء ارتفاع الضغط الدموي، يهدف هذا التنظيم إلى تحديد سلة العلاجات المتوفرة في كل مستويات النظام الصحي ابتداء من مؤسسات الرعاية الصحية الأولية التي تعتبر المدخل الأول للنظام الصحي وصولا إلى المراكز الصحية الجامعية إذا استدعت الحاجة إلى ذلك. بالإضافة إلى توفير الأدوية للمرضى وتحسين السياسة العامة للدواء مع الرفع من ميزانية الأدوية الخاصة بارتفاع الضغط الدموي (72 مليون درهم)، وضع معايير للممارسات الجيدة للتكفل بمرض ارتفاع ضغط الدم بالتعاون مع الجمعيات العلمية والوكالة الوطنية للتأمين الصحي و الهيئة الوطنية للأطباء، تعزيز قدرات العاملين في المجال الصحي عن طريق وضع برنامج التعليم المستمر لفائدة المهنيين الصحيين بالخطوط الأولية، إنشاء نظام للمعلومات الوبائية، وتعزيز الشراكة والتعبئة الاجتماعية في مجال الوقاية والسيطرة على الأمراض غير المعدية. (*) رئيس قسم الأمراض غير السارية بمديرية علم الأوبئة ومحاربة الأمراض بوزارة الصحة