أنتم تعرفون ، أنا أعرف و هم يعرفون ... هكذا وطننا المغرب الذي يسير على ايقاع العشوائية و الارتجالية في كل شيء ، وطن تعرفون أنه أشبه ما يكون بغابة يلتهم فيها القوي المستضعف رغم كل الخطابات الرنانة ، وطن نعرف أنه نعش كبير نتجرع فيه مرارة الموت و حتى الحياة لحظة بلحظة ، وطن يعرفون أنه بقرة حلوب يحكمونه ليورثوه لأبنائهم الذين درسوهم خارجه حتى يفتقدوا "للكبدة" ...
وطن يعيش شعبه بين سندان حكام فاسدين مفسدين و بين مطرقة رغيف العيش في زمن أسندت الأمور فيه لغير أهلها ، شعب عاش الظلم و صبر على الفساد و الاستبداد و الاحتقار طيلة عقود ، التمس خيرا في انتخابات رأى فيها بارقة أمل و بصيص مستقبل شبه مشرق ، تقاطرت الوعود و تناسلت المنى و كبرت الأحلام ، صعد "الفارس" المغوار الى سدة الحكومة "الملتحية" فانفرجت المحيا و استمر الأمل لشعب مغلوب على أمره...
مرت الأيام بسرعة البرق ليستفيق معها المواطن المستصعف من سباته الوردي الذي غط فيه حد الثمالة بوعود معسولة خدرت أفكاره و جمدت مطالبه ، شتانا بين الأمس و اليوم ، أمس الوعود و حقيقة اليوم الموعود ، اختفى كل شيء تقريبا وحدها غصة و مرارة "الشمتة" و أوجاع الرأس استمرت وهاته المرة أكثر مما كانت عليه...
شعب صدق "كذبة" العهد الجديد فكيف لا يصدق كذبة الربيع المغربي المثالي !! شعب صدق "خرافات" العرافين و الدجالين و المشعوذين و قارئات الكف و "الكارطة" و "الشوافات" فكيف لا يصدق "خرافات" بنكيران و شباط و لشكر و الجيش العرمرم من أمثالهم في هذا الوطن !!
شعب صدق مخترع "النجاة" فمنحوه رزقهم و دمهم و قبل كل ذلك وطنهم و كرامتهم فكيف لا يصدق نفس الشعب حكومة البهتان و رجالات يغيرون جلدهم و "كلمتهم" و شعاراتهم بقدر تغييرهم لربطات عنقهم و "حفاظات" بعضهم !!
شعب صدق أخبار الثامنة و نشرات بلعوشي و حوارات "العلوي" و تقارير "سيطايل" فكيف لا يصدق اكتشاف الغاز و البترول و منعرف شنو ثاني ...
شعب صدق علماء "قلة دين" لم يجدوا ما يفتوا فيه غير عورات النساء و "الجزر" و مواضيع شاذة متخلفة تاركين المواضيع التي تحتاج لفتاوى حقيقية و اجتهادات علمية دينية فكيف لا يصدق هذا الشعب "الأبله" أشباه مفكرين و منظرين و محدثين و مشايخ و مثقفين و مترامين... شعب صدق كلام المقاهي و وسوسة شياطين و نخاسة أصدقاء مصالح و كلام جرائد صفراء فكيف لا يصدق كلام الفيزازي و عصيد و العروي و عيوش و الشيخ صار و سينا و عبد القادر السيكتور و مول الكاسكيطة و اللائحة طويلة ... شعب صدق و صدق و صدق ، شعب لم يفرح منذ زمان فأصبح يبحث عن الفرحة في كل مكان ، شعب من كثرة كدره و رغبته في نسيان الهموم خرج للشوارع يبحث عن فرحته بانجاز كروي رفعت فيه راية الوطن و باخر فني دهست فيه كرامة المرأة المغربية في بلدان المشرق ، شعب أضحى يبحث عن الفرحة اينما كانت لدرجة صرنا الوطن الوحيد في العالم الذي يفرح شعبه وهم يحملون رايات و شعارات دول أخرى وجدوا فيها ضالتهم في قلب وطنهم ... اذا بقينا على نفس الحال فلا تستغربوا أن نستيقظ ذات صباح فنرى وطننا خال منا نحن معشر "الجالية" القاطنة به اللهم تلك الثلة من سكانه "الحقيقين" الذين لا يظهرون سوى في المناسبات الانتخابية و المؤتمرات و التجمعات التي تكون فيها "كاميرات" دار البريهي و عين السبع حاضرة !!!!!