لم تعد محنة الصحافيين والإعلاميين تقتصر على الحبس أو الغرامة المالية أو حتى المنع من مزاولة المهنة،بل أصبحت تمتد إلى حياتهم بالقتل.وعمليات قتل الصحافيين هي عمليات منظمة و تخضع لقوانين و نظريات عسكرية ،فقد تم وضع النظرية الأولى لقتل الصحافيين عام 1942،أما النظرية الثانية فتم وضعها في عام 1982. في عام 1942 وضع جوزيف غوبلز وزير الدعاية في حكومة هتلر نظرية حملت اسمه globes thoery ،وكان الهدف منها طمس ما كانت تقوم به القوات الألمانية من قتل و تنكيل ضد المدنيين و ضد الأسرى العسكريين. و وضع غوبلز هذه النظرية لأنه يعرف بأن كشف هذه الجرائم سيثير الرأي العام العالمي ضد حكومة هتلر لذا خصص فرقا من "الغاستبو" و هي الشرطة السرية في أثناء الحكم النازي لملاحقة الصحافيين و المصورين وقتلهم،وكان غوبلز يردد دائما«يجب إبعاد الصحافيين ورجال الإعلام عن ساحة القتال لأن الصحافيين يشكلون خطرا على المقاتلين المنتصرين لمحاولة تصوير المنهزم على أنه ضحية عندها سيستدر عطف الرأي العام العالمي و يقلب الطاولة عليك و لأن الحروب لا تخلو من مشاهد مرعبة فإن على الجيش المنتصران يبعد الصحافيين عن ساحة المعركة و عن الأماكن التي تجري فيها المذابح و عمليات التطهير العرقي». و يضيف غوبلز في نظريته أنه «على الجيش ألا يسمح لوسائل الإعلام بتصوير الجثث و الجرحى ومشاهد الدماء و الدمار لأن ذلك سيثير الرأي العام العالمي لذا من الضروري إبعاد الصحافيين عن مكان الحدث من خلال تحذيرهم برصاص يطلق فوق الرأس أو تحت الأقدام فإذا لم يبتعدوا فلا باس من ضربهم وتحطيم أدوات التصوير التي بحوزتهم وأخذ الأفلام منها وإذا استمروا في محاولاتهم لتصوير ما يجري عندها يجب تصويب أفواه البنادق إليهم وقتلهم فورا وذلك كي نطفئ عين الإعلام، فالصحافي الذي ينقل مشاهد الدمار هو نفسه الذي يحدد بكاميراته مواقع الدبابات والمشاة ونوع السلاح المستخدم ، فهو بذلك يشكل خطرا على الجيش فمثل هؤلاء الصحفيين يجب أن يعاملوا كأعداء لأن الجنود في ساحات المعارك لايترددون في قتل أعدائهم فعليك ألا تترد في قتل الصحافي إذا شعرت بأنه سيكون عين العالم المسلطة على ما تفعل» . الصحافي الملتزم يقول غوبلز في نظريته « إذا رأيت صحافيا غير ملتزم بتعاليم جيشك فلا تعطيه الفرصة ليتم عمله بل عليك أن تطلق عليه الرصاص وتقتله، مؤكدا أن رجال الصحافة غير الملتزمين يجب أن يكونوا هدفا للرصاص لان الجماهير يجب أن لا ترى ولا تسمع إلا ما نريده نحن العسكريين ». ولكي يروج لنظريته ألف غوبلز كتابا سماه " كيف تغزوا الجماهير وتسيطر على أفكارهم " قال فيه «يجب أن يكون نهار الصحافيين غير الملتزمين أسود مثل ليلهم حتى لا ينقلوا الحقيقة إلى الجماهير التي يمكن أن تثور ضدك وتربك خططك ». ويضيف في ذات الكتاب انه « يجب أن نكذب حتى نغزو الجماهير ونسيطر على أفكارهم ، وهذا يتطلب إبعاد الصحافيين ورجال الإعلام عن مكان الحدث وإلا افسدوا علينا كل شيء » ، مؤكدا على أن الصحافي الذي يمدحك حتى لو كنت مخطئا أو مرتكبا لجرائم أو مذابح عرقية ، صحافي ملتزم ويجب إحترامه وإغداق الأموال والهدايا عليه وحمايته من الرصاص كما تحمي نفسك أو قائدك . أما الصحافي غير الملتزم والذي يحاول نقل حقيقة ما يجري على ارض المعركة إلى الجماهير فيجب أن يقتل ، فإذا لم يقتل مصادفة أو عن طريق رصاصة طائشة فيجب أن يقتل عمدا.
نظرية العين المفقودة النظرية الثانية لقتل الصحافيين تسمى نظرية " العين المفقودة " وهي لا تختلف كثيرا عن نظرية غوبلز ، وقد أوحى بهذه النظرية وزير خارجية أمريكا الأسبق " هنري كيسنجر إلى أرييل شارون الذي كان يشغل في العام 1982 منصب وزير الدفاع الإسرائيلي . ويتلخص فحوى هذه النظرية فيما يلي : * يجب إبعاد الصحافيين قبل فترة كافية من دخول المنطقة التي سيتم اجتياحها . * في حالة تسلل أي صحافي إلى المنطقة المستهدفة قبل بدء المعارك فاتركه فيها وعند بدء الاجتياح اجعله أول أهداف مدفعك * إياك أن تسمح للصحافي أو لمصور تلفزيوني بالتقاط صور يمكن استخدامها ضدك مثل صور الجثث أو صور الأشخاص وهم يعذبون أو صور لتدمير الممتلكات... * الصحافي الملتزم بأوامرك صديق والصحافي غير الملتزم عدو فلا تترد في قتله .