يظل حزب الله اللبناني، ذو الجذور الإيرانية مثار جدل كبير عربيًا ودوليًا كذلك، هناك من يراه ممثلا حقيقيا لما يسمى ب"المقاومة" وهناك من كشف حقائقه وأنه ليس سوى ممثل "وهمي" لها. الحزب الأصفر، حفل بتاريخ لن ينساه، توّجه أنصاره في 2006 برمز المقاومة الحقيقية وذلك في أعقاب الحرب الصيفية ذلك العام، التي كان سلاح حزب الله المشكوك في أمره نقطة الاختلاف والخلاف في مسيرة حرب الشهر، في وقت كان كل طرف يرى انه المنتصر، إسرائيل انتصرت بعرفها وقوانينها، وحزب الله انتصر بأوهامه الكبيرة التي زرعها وسار عليها الكثير مصدقين ورافعين علم الحزب كقوة لهم في تحقيق آمالهم بزوال إسرائيل.
لكن بعد معركة "القصير" السورية، وثبوت تورط حزب الله في الوقوف مع نظام بشار الأسد غير المرغوب فيه من غالبية دول العالم، تكشفت ملفات عديدة عن الحزب الشهير بالمقاوم، ووضوح أجندات عديدة له في بعض المحيط الخليجي، وهو ما جعل المطالبات الشعبية الخليجية في عمومها تطالب بقطع كل خيوطه وأمواله والتضييق عليه.
ذلك الأمر دعا الخليجيين للاجتماع على مستوى المجلس الوزاري، في تحديد أفق جديد للتعامل مع لبنان وحزب الله، خاصة وأن الأخير تجاوز مفهوم الدولة في الاعراف الدولية، بل يشكل قوة عسكرية في محيط أضعف يمثله الجيش اللبناني.
الخليجيون المتكررو الاجتماعات، لم يحملوا أي ردة فعل حقيقية تجاه الحزب المكروه لديهم، بل اكتفوا و"اكتشفوا" أن مشاركة حزب الله في سفك دماء الشعب السوري الشقيق كشفت طبيعة هذا الحزب وأهدافه الحقيقية، التي تتعدى حدود لبنان والوطن العربي كما تقول أمانة مجلس التعاون.
وأكدت دول مجلس التعاون أن تدخلات حزب الله غير مشروعة، وممارسات ميليشياته الشنيعة في سوريا ستضر بمصالحه في دول المجلس، وقرر المجلس اتخاذ إجراأت ضد المنتسبين إلى حزب الله في دول المجلس، سواء في إقاماتهم أو معاملاتهم المالية والتجارية .
ليس ذلك فقط، بل دعت دول مجلس التعاون الست الحكومة اللبنانية إلى تحمل مسؤولياتها تجاه سلوك حزب الله وممارساته غير القانونية واللاإنسانية في سوريا والمنطقة، بينما لم يتفقوا على وضع الحزب في لائحة المنظمات الإرهابية.
كل ذلك حمل توجهات عديدة لدى المحللين السياسيين الخليجيين، هناك من رأى التوافق مع توجه أمانة مجلس الخليج إلى أن المسؤولية تقع على حكومة لبنان، وآخرون يرون تفكيك كل روابط الحزب بالخليج، وغربلة حساباته وتجميد أمواله، بينما رأى آخرون أن تقوية الأحزاب اللبنانية هي مواجهة كبرى لتحقيق بعض ما يتمنونه.
النامي: على دول الخليج اتخاذ التدابير التي تحميه
الكاتب والباحث السياسي الكويتي، مشعل النامي، قال في حديث ل"إيلاف" إن إدراج ما يسمى بحزب الله في قائمة الإرهاب والتضييق عليه، ورصد كافة اتصالاته هو خطوة مطلوبة، كما تم التعامل سابقا مع تنظيم القاعدة ووضعه في قائمة المنظمات الإرهابية.
ورأى النامي أن هناك حلقة مفقودة عند المحللين السياسيين في عدم اتخاذ دول الخليج هذه الخطوة، معتبرا أن دول الخليج أطلقت خطابا مبهما حول ذلك ولم تحدد أي إجراء، متسائلا عن الأسباب التي تمنع دول الخليج عن إدراج حزب الله في تلك القائمة السوداء وهل ذلك له علاقة بخوف دول الخليج من المجتمع الدولي؟
مضيفا في تفكيك لتلك التساؤلات العديدة، أن السياسة تحترم من ينفرد بمواقفها، مستدلا بدخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين في شباط/ فبراير 2011 وتقبل دول كبرى ذلك التدخل رغم بعض التحفظ الأولي من قبل وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لذلك، لكن كان الخطاب الأخير هو تقبل التحرك.
لبنان يريد "جميلا" دوليا يوقف حزب الله
يقول مشعل النامي إجابة على تساؤل إن كان الخطاب الخليجي بتحمل لبنان مسؤولية مواقف حزب الله، أن لبنان يطالب بوقف حزب الله ونزع سلاحه، وأن الحزب غالبا ما يتسبب للدول اللبنانية بمشاكل كبرى تشل كافة الحياة السياسية في الجمهورية، رغم ظهور الحزب بموقف البطل خلال حرب تموز/يوليو 2006 التي اعتبرها النامي انها "مسرحية" أوهمت العرب بنجاح المقاومة.
يضيف النامي في سياق حديثه، أن دولة الإمارات كانت أجرأ الدول الخليجية في اتخاذ موقف شجاع وسابق في التعامل مع حزب الله، وذلك في العام 2009 حين استبعدت أكثر من 700 شخص لهم علاقة بحزب الله، منتقدا عدم وجود أي ردة فعل خليجية تجاه تلك الخطوة المسبقة، مفيدا أن الخليج بحاجة خطوة جريئة جديدة على غرار الخطوة الإماراتية.
البحرين فقط تدرج حزب الله في قائمة الإرهاب
وكان مجلس الوزراء البحريني أقر في أواخر شهر آيار/مايو الماضي، إدراج حزب الله اللبناني على قائمة المنظمات الارهابية وأحال القرار على وزارتي الداخلية والخارجية لوضع القرار موضع التنفيذ، دون أن تتحدد طبيعة النتائج المترتبة على تلك الخطوة، وهي بذلك الدول العربية الأولى التي أدرجت حزب الله في قائمة المنظمات الإرهابية مع وصف وزير خارجية البحرين لأمين عام الحزب حسن نصر الله ب"الإرهابي".