اللبنانية منعطفا جديدا، عقب التصريحات الأخيرة لأمين عام 'حزب الله' اللبناني حسن نصر الله، بشأن الأحداث الراهنة في مملكة البحرين، وهو ما ينذر بفصول "توتر محتدم" قد يعصف بعلاقات البلدين في المستقبل القريب. وما يؤشر على ذلك، تأكيد السلطات البحرينية ، مؤخرا ، بأن 'حزب الله' ما فتئ ، في كل مناسبة ، يطلق "رسائل مشفرة" إزاء الأوضاع التي تشهدها البحرين، وتنديد قادة هذه الأخيرة بالدعم الخفي الذي تلقاه بعض الجماعات الشيعية من قبل التنظيم اللبناني. لكن المنعطف الحاسم الذي سيقصم القشة هذه المرة، هو اتخاذ السلطات البحرينية ممثلة في وزارة الداخلية، قرار إبعاد المغتربين اللبنانيين في المملكة الذين ثبت ارتباطهم أو صلتهم في كل ما يجري أو سيجري من أحداث تتعلق بالمطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية في هذا البلد الخليجي. وينضاف إلى قرار الإبعاد الذي اتخذ - حسب تأكيدات رسمية بحرينية - بتشاور كلي مع باقي دول مجلس التعاون الخليجي، قرار هيئة الطيران البحرينية تعليق رحلاتها الجوية من و إلى لبنان، مما سيدخل البلدين العربيين في "توتر" ستحتدم فصوله في القادم من الأيام. كل هذا وذاك، يعطي الانطباع أن تحولا جديدا ستعرفه السياسة الأمنية الخليجية في المستقبل القريب، يرتبط بعزم كافة دول مجلس التعاون "تشديد الخناق" على كل المغتربين الكثر في المنطقة، الذين لهم ارتباط خفي بما يجري في البحرين من تطورات أو تعاطف ضمني أو انتماء مكشوف إلى الجماعات الشيعية التي ثبتت صلتها بالنظام الإيراني. وما يفسر هذا الانطباع، هو التنديد القوي للسلطات البحرينية بدعم 'حزب الله' اللبناني لبعض أطراف المعارضة البحرينية، ووصفها إياه ب"التدخل السافر" في شؤون الوضع الداخلي للمملكة، وتأكيدها بأن هذا الأمر ليس وليد اللحظة وإنما جاء عقب سلسلة من التحقيقات الأمنية التي أثبتت ، بما يدع مجالا للشك ، "التواطؤ المكشوف لزعيم 'حزب الله' في كل ما يجري من أحداث في المملكة". أكثر من ذلك، هو أن التوتر الجديد الذي دخلته العلاقات البحرينية-اللبنانية ، عقب هذه التصريحات أو تلك ، هو التصعيد الأخير في الموقف البحريني إزاء هذا المستجد، حينما وصف وزير الخارجية البحريني "الدور الخفي" ل'حزب الله' في كل ما يحدث في البحرين، ب"العمل الإرهابي لتنظيم إرهابي". موقف المسؤول البحريني ذاته، فسرته أوساط إعلامية خليجية بأنه انتقال من "لحظة الصمت واللعب الخفي، إلى لحظة المجابهة والمواجهة المباشرة". وتضيف هذه الأوساط في تسليطها الضوء على هذا الأمر، هو أن سلطات المنامة لم تفسر موقفها الأخير بشأن ضلوع 'حزب الله' في دعم المعارضة البحرينية، على أنه موقف ظرفي لسجال علاقاتي جديد، ولكن لأنه مرتبط بعمل قامت به منذ فترة وجاء نتاجا لمراقبة طويلة أثبتت وجود "اتصالات محمومة" مباشرة مع بعض أطراف المعارضة في المملكة. وكان زير الخارجية البحريني أكد في تصريحاته الأخيرة بشأن الموضوع، أن "هناك تدريبات واتصالات مستمرة لبت الفتنة في المملكة، كما أن هناك التزام أكيد من قبل حزب الله بدعم ما يجري في البحرين من قلاقل وأعمال تهدد المجتمع ووحدته". وما يزيد في تأكيد هذا الأمر، هو أن قرار اتخاذ إجراءات أمنية محتملة ضد اللبنانيين المشتبه في تورطهم بدعم المعارضة البحرينية، وليس كافة اللبنانيين الذين يعيشون في المملكة منذ سنوات طويلة ويحترمون ويدعمون أمن البحرين واستقرارها، تم اتخاذه باتفاق وتأييد بين كل دول مجلس التعاون، بمعنى أن هذا "المعطى الجديد" يندرج في إطار منظومة الأمن الاستراتيجي الخليجي. والأكيد حتما، أن لبنان له في دول مجلس التعاون مصالح كبيرة كما لدول الخليج مصالح كثيرة في لبنان، كما أن هذا المنعطف الحاسم في العلاقات البحرينية- اللبنانية، قد يلقى بضلاله أيضا على العلاقات الخليجية مع الجمهورية الإيرانية التي عبرت عن معارضتها الشديدة للدعم الأمني الخليجي للبحرين في مواجهة الأحداث الأخيرة.