تفسح الندوة الوطنية المهمة، التي ينظمها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، يومي 7 و8 ماي، بالرباط حول موضوع "الثقافة الحسانية٬ خزانا إبداعيا ورافعة للتنمية" المجال أمام بلورة مقاربة جديدة للبعد الثقافي في التنمية يصير معها مكونا مندمجا للنموذج التنموي بالأقاليم الجنوبية. وبالنظر إلى ارتباط التعبير الثقافي بالبعد المجالي والطبيعي في المنطقة٬ وبالبنيات الاجتماعية القبلية٬ مما له أبلغ الأثر في صياغة التصورات ومنظومة القيم والتعبيرات والرموز في المنطقة٬ فإنه دون الوعي بهذه الأبعاد وتأسيس النموذج التنموي عليها٬ فإن الانخراط من لدن السكان، لتحقيقه على أرض الواقع سوف يبقى دون المستوى المطلوب٬ حسب الورقة التقديمية لهذا اللقاء. وتؤطر هذه الورقة انعقاد الندوة في سياق "تعميق النظر في آليات ووسائل تفعيل وأجرأة كافة مقتضيات المحور الاجتماعي والثقافي٬ في اعتبار جاد للروابط العضوية بين الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية٬ وتلك الثقافية٬ وهو اعتبار لا يمكن من دونه تحقيق التملك المطلوب من لدن السكان٬ لأي مشروع تنموي". وذكرت الوثيقة بأن كثيرا من السياسات العمومية التي جرى إطلاقها في المناطق الجنوبية لم تستحضر بالشكل المطلوب هذا الاعتبار٬ سواء على صعيد التهيئة الترابية وتدبير المجال٬ أو على صعيد أنماط التواصل٬ أو على صعيد تهيئة وتكوين الأطر في مختلف مواقع المسؤولية. كما لاحظت الورقة أن مخاطر الضياع والتبدد بدأت تتهدد الأسس الثقافية للمنطقة٬ سواء تعلق الأمر بالموروث المعماري والأثري٬ أو التراث الشفوي المحكي أو الصناعة التقليدية والزخارف٬ أو بفنون القول والنظم وكذا فنون العيش والتدبير والتعبير٬ الأمر الذي يستدعي إطلاق جملة من المبادرات تشكل قطيعة مع المقاربات المتسمة بالاختزال الفولكلوري أو الانطباعية أو الإسقاطية. ويأتي تنظيم هذه الندوة التي يشارك فيها عدد من النخب والفعاليات الثقافية من الأقاليم الجنوبية وخارجها٬ "اعتبارا للأهمية القصوى التي يكتسيها الموروث الثقافي الحساني٬ بوصفه خزانا رمزيا وذاكرة ثقافية وواقعا حضاريا ورافعة للتنمية٬ من شأنه أن يطبع النموذج الجديد للتنمية الجهوية بالأقاليم الجنوبية". ويشتمل برنامج الندوة على محاضرة يلقيها الباحث جورج قرم حول "أوجه التفاعل والتكامل بين العوامل الثقافية والتنمية" وأخرى للباحث مصطفى النعيمي حول "الثقافة الحسانية ورهانات النموذج التنموي الجهوي". كما تتوزع أشغال الندوة بين ورشتين٬ تتناول الأولى "وسائل وآليات حفظ الثقافة الحسانية والنهوض بها" بمشاركة الباحثين رحال بوبريك وإبراهيم الحيسن ومحمد دحمان٬ بينما تناقش الورشة الثانية "الموروث الثقافي باعتباره رافعة لإنتاج الثروة، وإيجاد مناصب الشغل"، بمشاركة العربي الجعايدي والحبيب عيديد وإبراهيم الغزال.