استطاع وزير التعليم المغربي محمد الوفا أن يخطف الأضواء من سائر زملائه الوزراء، وحتى من رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران المعروف بشعبيته الجارفة عند المغاربة، وذلك بفضل خفة دمه وقفشاته التي انتشرت بقوة عبر التسجيلات المرئية في مواقع الانترنت. وفيما يعتبر البعض "خرجات" الوزير "الضاحك" تصرفات عفوية يتصف بها لإيصال خطابه بشكل واضح إلى الناس، ذهب آخرون إلى أن سلوكيات هذا الوزير تنم عن شعبوية زائدة يسعى من خلالها إلى كسب التأييد له ولقراراته التي تتعلق بوزارته، وحتى لحزبه السياسي. سمي ب"الوزير الضاحك" ومن قفشات وزير التربية الوطنية التي تابعها آلاف المغاربة ما بدر منه أخيرا عندما كان متواجدا في لقاء حكومي لإطلاق مشروع للتواصل بين مُدراء المؤسسات التعليمية عبر الشبكة العنكبوتية، وكان معه وزير الدولة عبد الله باها، ومسؤولون آخرون في وزارة التعليم. وكان أول ما قاله الوزير، متحدثا لمدير إحدى المدارس عبر محادثة الإنترنت، هو سؤاله له "هل مدرستك تتوفر على مرحاض أم لا"، لتعم الضحكات القاعة. وعندما رد المدير بالإيجاب أعاد الوزير سؤاله "هل المرحاض شغال؟"، قبل أن يبادره بسؤال آخر "هل أنت متيقن من ذلك؟". وكان الوزير الوفا قد أثار ضجة عارمة أخيرا عندما زار إحدى المدارس بمدينة العرائش، فصادف أستاذة لغة فرنسية في قسمها قد أخطأت في كتابة بعض الكلمات، فما كان منه إلا أن خاطب المعلمة أمام تلامذتها بأنها تستحق صفر على عشرين، الأمر الذي لم يرُق للكثيرين باعتبار أن ذلك ليس من اختصاص الوزير بل المفتش التربوي. وجرت قفشة أخرى أقدم عليها الوفا، قبل أسابيع قليلة، استياء جمعيات تنشط في مجال حقوق الطفل، وذلك عندما كان الوزير ذاته في زيارة لإحدى مدارس منطقة شيشاوة بالمغرب، ووجد أمامه تلميذة في الصف السادس ابتدائي، غير أن حجم جسدها يفوق سنها. وخاطب الوزير التلميذة مازحا بقوله "أنتي خاصك غير الرّاجل"، بمعنى "أنت لا ينقصك سوى زوج"، وهو ما اعتبرته جهات كثيرة إهانة للتلميذة التي عانت من تبعات جملة الوزير التي انتشرت بشكل واسع وسط المغاربة، خاصة عندما بات زملاؤها ينعتونها بوصف "خاصك غير الراجل". عفوية أم شعبوية وقالت ابتسام العوفير، الأخصائية الاجتماعية، تعليقا على تصرفات الوزير "الضاحك" كما يسميه المغاربة، في تصريحات ل"العربية نت" إن وزير التعليم معروف بميله إلى النكتة والفكاهة حتى قبل أن يتبوأ منصب الوزير، وذلك عندما كان سفيرا للمغرب في البرازيل والهند. وأضافت الباحثة بأن قفشات هذا الوزير وعباراته المضحكة أثارت الانتباه إليه لأن عدسات المصورين وآلات التسجيل أضحت مُصوبة إليه بشكل أكبر عندما شغل كرسي الوزارة، بينما المنصب الدبلوماسي يقتضي كثيرا من التؤدة ووزن الكلمات قبل النطق بها. وتابعت العوفير بأن مزاح الوزير وطريقة كلامه الفكاهية قسمت المغاربة إلى فريقين، الأول يجد في ذلك تصرفا طبيعيا لا تكلف فيه، وهذا غالبا ما يريده المغاربة في تصرفات رجال السياسة، أما الفريق الثاني فيَصم مثل هذه السلوكيات بكونها "شعبوية" زائفة يبغي صاحبها سرقة الأضواء، وربح فرص التأييد لفائدته ضد خصومه السياسيين. واستطردت المتحدثة بأن سلوك شخصية في حجم الوزير يميل إلى النكتة لا بد أن يثير عليه موجة من الانتقادات وعدم الرضا لدى البعض، لكون الكثيرين في المغرب اعتادوا من الوزراء والسياسيين أن تكون لغتهم خشبية جامدة لا تفيد سوى في التقارير الإخبارية، ولا تصلح للتواصل الذي ينشده المواطنون".