يوم بعد يوم، يفتضح أمر الجزائر وكابراناتها الذين طالما صدعوا رؤوس العالم بدعم فلسطين ونصرة أهلها، قبل أن يتضح مع أول اختبار حقيقي (طوفان الأقصى)، أن كل تلك الشعارات الرنانة التي ظلوا يرددونها لسنوات، لم تكن سوى "ظاهرة صوتية" الغرض منها صناعة بطولات وهمية مزيفة، بهدف امتصاص غضب الشارع الجزائري، وصرف انتباهه عن قضاياه الجوهرية. في ذات السياق، تابع الجميع باستغراب شديد، كيف تنكرت الجزائر لكل وعودها وخطاباتها السابقة المناصرة ل"فلسطين"، وكيف وضع الكابرانات رؤوسهم في الرمل كالنعام، بعد أن نكلت إسرائيل بالمدنيين في قطاع غزة، وقتلت أطفالهم ونسائهم وشيوخهم، دون أن يتجرأ أحدهم حتى على قول "اللهم إن هذا منكر". فضائح الكابرانات لم تقف عند هذا الحد، بل امتدت إلى شن حملات اعتقالات واسعة في حق كل من تجرأ على الخروج إلى الشارع من أجل التضامن مع المستضعفين في قطاع غزة، وكأن الجزائر بسلوكها هذا تقول للشعب "نحن مع إسرائيل ظالمة أو مظلومة"، وإلا لماذا تصر على منع المسيرات والوقفات المناصرة للقضية الفلسطينية؟ مسلسل الاعتقالات وإسكات الأصوات المستنكرة للعدوان الإسرائيلي على العزل في غزة لم يطل النشطاء الجزائريين فحسب، بل امتد ليشمل زعماء الأحزاب السياسية أيضا، حيث جرى أمس الثلاثاء اعتقال "عبد الرزاق مقري"، الزعيم السابق لحركة مجتمع السلم الجزائرية، مباشرة عقب دعوته للجزائريين للخروج إلى الشارع من أجل التعبير عن تضامنهم مع أهل غزة وإدانة جريمة مستشفى "المعمداني". المثير في هذا الحادث، أن "مقري" نفسه، كان يعامل من قبل الكابرانات معاملة الأبطال، حينما كان يهاجم المغرب ويدعو إلى مساندة جبهة البوليساريو الانفصالية، لكن مع ما حصل معه بالأمس، كان بمثابة رسالة واضحة وصريحة لكل الساسة الجزائريين.. ممنوع التظاهر ضد إسرائيل، ومن يفعل ذلك فإن مصيره سيكون الاعتقال.