أشتاتا تاتاتا أوليدات الحراثة ، أهزوجة مغربية ،توارثناها جيلا بعد جيل ، تعبّر عن واقعنا المغربي الذي لم يتغير، فمعظم أبناء شعبنا من " وليدات الحراثة"،، الكادحين في حقول واقع مُفلس ، أدمنوه وأدمنهم، أهزوجة تُذكّرنا بطفولتنا التي مرّت سريعا ، فعند أولى تباشير المطر كنا نهرول نحو سطوح بيوتنا المطلية "بالجير والنيرة" ونفتح أفواهنا الصغيرة لإلتقطات زخات باردة تدق على رؤوسنا الصغيرة ،فيغمرنا الحبور، والإنتشاء بعطاء السماء ،، مردّدين أهزوجة واقعنا أشتاتا تا تا أوليدات الحراثة. تناسل الحراثون وتكاثروا ، وورَّثوا الشقاء لأبنائهم ،،وظلت الأم المغربية تدغدغ صغيرها بهذه الأهزوجة!! دون أن تشعر بأنها تقرّبه من واقع أليم سيلمسه بعد حين... ارتبط المطر لدى الذاكرة المغربية "بالعام زين" وفي نزوله فرصة للدعاء ولشكر الله على نعمه ، التي لو تركها لنا "المتنفّدين لعشنا الرخاء "بعينه وبرجله". ما زال الانسان المغربي يضع يده عند كل شتاء لأن واقعه محكوم بما تجود به السماء،، من ماء ، يسقي الزرع والضرع والآدميين ، ننتظر الغيمة والسحابة قبل أوانهما، نتكدّر إذا تأخرت ونخرج "بتغنجا" للاستعطافها ‘ وعندما تتأخر ، يختار كبارنا صلاة الاستسقاء مستشفعين بصغارنا عل السماء تنظر لحالهم وتجود بالمطر!!! فأيقن المغربي البسيط، أن رخاءه مرتبط بالمطر ولا شيء غيره؟؟!!! نعيمه وشقاؤه مرتبطين بالزخات ولأنهم علمونا في مدارسهم"المهترئة" ان المغرب يعتمد في اقتصاده على الفلاحة بحكم موقعه ومناخه ، وبأن هذا القطاع يؤمن رزق كل الشعب المغربي !!!!!" " فلا بد أن نظل ننتظر السماء بما تمُنُّ ، ونصاب بالفزع إذ أمسكت،، ولو لأيام معدودة !! فغدى المطر خيارنا الأوحد ،، لكي نعيش في مأمن عن الجوع والحاجة،سياسة سالت على واقعنا وغطّته بمدادها الأسود إلى يومنا هذا!!! إنها سياسة التجويع ، والترهيب ، والانتظار!!! فعوض أن نفكّر في كيفية دفع العجلة الاقتصادية بعناصر أخرى ، وندخر من سنوات السمان لأخرى عجاف، ولنا في نبينا يوسف عليه السلام مع قحط بلاد مصر، أسوة حسنة ، لكن في مغربنا لا لسياسة التّدبير ، ولا للتخطيط،، ولا لسياسة إدارة الأزمات والحد من أخطارها،، نعم للعشوائية ، التي جعلت الشعب "كالمياوم" اللي جاب النهار" يديه الليل" نعم نحن نعيش في يلد متوسطي فلاحي ،و يقال أيضا ان قطاعنا الفلاحي قطاعا خصبا، ويشغل طاقة بشرية هائلة!!! لكن الحقيقة أننا لم نلمس اي شىء من هذا على أرض الواقع؟؟!!! فالأراضي الفلاحية المهمة تملكها الدولة ، تتصرف فيها كما تريد؟؟؟ ، وأخرى يتربّع عليها أصحاب الذوق الرفيع" منذ فجر التاريخ" من الاقطاعيين" الصّحاح اصحاب الفيرمات ومادراك ما الفيرمات"، وهذه الأخيرة لا تتأثر بالجفاف ولا تعنيها التسقاطات حيث تُسقى من عرق " الكادحين" وباقي الاراضي" الشايطة" للفلاح العادي متوسط الحال،، او المعدوم الذي ورثها عن جده، وحتى هذه الشريحة اندثرت مع قساوة المعيشة وشح الموارد ، وغياب الدّعم للفلاح الصغير وخاصة بالمناطق المنسية ، فغادرت هذه الفئة المستضعفة مناطقها بحثا عن مورد بعيد عن زخات المطر، وتنبؤات المراصد الجوّية والمضحك المبكي أن المواطن " الغلبان" لا بعيش الرخاء ولا يتنفس الصعداء لا مع " العام زبن" ولا مع العام مكفّس" فالمغربي مزيّر السّمطة أبد الدّهر ، فلماذا يُزج به في مزاجية الطّقس وتقلّباته، مادام "محّن" في جميع الفصول!!! فعوض أن ننوّع في مواردنا الاقتصادية تفاديا ، لكل طارئ ، كذبوا علينا بشح مواردنا الطبيعية اذا قورنت بدول أخرى؟؟؟ خاصة بلدان البيتردولار ، ونسوا أن "البتروبشر" هو الابقى والاصلح،، يتجدد ويتطّور ويصمد ، الطاقة البشرية حزام أمان راهنت عليه بعض الشعوب الأسيوية، التي كانت بالأمس القريب تعاني ما تعانيه من عجز على جميع المستوىات،لكن عندما آمنت بالطاقة البشرية، وصنعت من مدارسها أمكنة لاحتواء العقول قبل الاجساد، وغذّتها بالتعليم الايجابي ، الذي ينهض بالإنسان والوطن معا ، وليس كتعليمنا ومناهجنا التي لم تخرج عن واقع الحجايات !!داخل صفوف لا يتغيّر طلاؤها، إن وجد بها طلاء أصلا !!! أما عن رجال ونساء التعليم ، وحتى أكون منصفة ، فالكثير منهم ليس لهم من قدسية هذه المهنة إلا الإسم فقط ، مع تقديري واحترامي ودعائي لشرفاء من المخلصين في هذا الميدان " اتخذوا من هذه المهنة نضالا، رغم الظروف المحبطة التي تحيط بهم، لم يستسلموا لليأس لأنهم يحملون شعلة من النور،أخذوا العهد على أنفسهم أن يصلوا بها إلى برّ الأمان ،،مهما كلّفهم ذلك من التضحيات الجسام،، فهم بذلك كالأم الرؤوم التي لا يهمها إلا سلامة أولادها ولو على حساب صحتها ولقمتها وعيشها، ولن يستقيم حالنا مادام تعليمنا لا يخاطب مكامن الابداع في أولادنا، وهذا ملف آخر سوف أتطرق إليه قريبا ،، لانني اكتويت بناره ووطأت جمره. وختاما أهدي محبّتي وتقديري واحترامي لكل كادح وجد نفسه مع "أبطال أشتاتاتاتاتا أوليدات الحراثة ،ولنظل مخلصين لهذه الفئة التي سُرق منها الوطن والفرح ، نعم سُرق منها الوطن يوم تهاوت بيوتها ونامت في العراء، سُرق منها الوطن ، لأنها تحزن لقدوم العيد رغم أنها أكثر تديّنا مقارنة "بصحاب الوقت" تبكي في العيد لأنها لا تملك ثمن شراء "فرحة أبنائها"!!! سرق منها الوطن لأنها (.....................) أترك للقارئ العزيز المساحة البيضاء يسطّر بها ما يراه مناسبا لأنني سأكتفي اليوم بهذا القدر من الألم ،، على أمل أن نلتقي في ألم آخر .