إن المتتبع للحياة اليومية للمغاربة ، يلحظ العديد من الخصوصيات و المميزات التي تبين بشكل كبير عن واقع العلاقات الاجتماعية ، فمن هذه الخصوصيات مثلا ، '' التضامن " التآزر العائلي في المناسبات'' و غيرها، لكن سرعان ما يتبين واقع أخر فوقي خاصة عندما يتعلق الأمر بالمؤسسات كالإدارة، البحث عن الشغل، قضاء المصالح الإدارية و غيرها من السلوكيات التي ترسم لنا مغربا أخر اسمه '' مغرب واش كتعرف شي واحد ''، مند أيام ذهبت لزيارة إحدى الجامعة المغربية، و سنحت لي الفرصة أن ألتقي بالعديد من الطلبة الجدد الذين لا يعرفون عن خبايا الإدارة أي شيء جاؤوا من كل الجهات ملبين طلب المقولة الشهيرة '' أطلبوا العلم و لا في الصين " '' اطلبوا العلم و لو في إحدى الجامعات المغربية ''، لكن سرعان ما يفاجئ هؤلاء الطلبة بمقولة '' وش كتعرف شي واحد " خاصة إذا تعلق الأمر بإحدى التخصصات المطلوبة في الجامعة، نفس الشيء يتكرر إذا ما اتجهت إلى الحي الجامعي تسمع مرة أخرى '' وش كتعرف شي واحد " حتى أصبحت لدينا هذه الثقافة كحمولة نتعامل بها أينما حللنا و ارتحلنا، فبعد التخرج من الجامعة بشهادة جامعية معينة، أول ما يفكر فيها المغاربة، هي تلك المقولة السالفة الذكر التي رافقته طيلة حياته الجامعية، لأن الولوج إلى الوظيفة سواء كانت عمومية أو في القطاع الخاص لابد من الوساطة، هذا في الحقيقة واقع مؤسف الكل فيه مساهم من بعيد أو من قريب، فحتى معظم السياسات التي تتهجها الحكومة اليوم من قبيل محاربة الفساد في الإدارة و تعزيز الشفافية و تكافؤ الفرص، ما هي إلا إجراءات قانونية زجرية، قد لا تعطي أكلها، لأن علاقة المغاربة مند الاستقلال إلى اليوم مبنية على منطق الوساطة في كل شيء حتى في العدالة نفسها التي قد يلجأ إليها للحد من هذه السلوكيات، لذلك من الضروري نهج مقاربة شمولية تأخذ بعين الاعتبار الثقافة و المجتمع من خلالا الدراسات السوسيولوجية وعلم النفس التربوي، وبالتالي، الانفتاح على المحيط الأكاديمي في معالجة القضايا الاجتماعية و السياسية، بعيدا عن البرج العاجي للسياسي الذي يعالج المشاكل من فوق، ثم بعيدا عن الهاجس الأمني الذي يأخذ حصة الأسد في معظم السياسات المرتبطة بمعالجة المشاكل العالقة، في المجتمع.