شكلت وضعية سوق العقار بالمغرب موضوعا للندوة التي نظمتها رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين، أول أمس الأربعاء بالدار البيضاء، وحملت العديد من الأرقام والمؤشرات المقلقة للمتتبعين، والتي خلصت في مجملها إلى أن القطاع يعيش وضعية أو بالأصح وضعيات جد صعبة. أولى الأرقام أشارت لتراجع فرص العمل في القطاع بحوالي 70 ألف منصب ما بين 2011 و2014 وحدها. كما أشار العرض الذي قدمه رئيس الرابطة عبد اللطيف معزوز إلى تراجع إنتاج السكن ب51 في المائة منذ 2011، رافقه تراجع كبير في استهلاك مادة الإسمنت ب3 ملايين طن في الثمانية أعوام الأخيرة. معزوز أشار كذلك لمفارقة أنه في الوقت الذي وصل فيه العجز على مستوى المساكن إلى 400 ألف، بلغ عدد المساكن غير المأهولة (الفارغة) مليوني وحدة، حسب أرقام رسمية، مليونا منها عبارة عن مخزون من الشقق تراكم لدى المنعشين العقاريين وبات من الصعب بيعه. فارق متنام بين العرض والطلب يفسر حسب الخبراء والمهنيين بعدم وضوح الرؤية لدى وزارة الإسكان والتعمير وسياسة المدينة، ما يضع الفاعلين الاقتصاديين في حالة انتظارية متواصلة، إلى جانب العرض غير المستجيب لانتظارات الأسر، خصوصا الطبقة الوسطى والتي يغيب العرض الكافي والمستجيب لخصوصياتها، وحرص منعشين على تحقيق هوامش ارباح خيالية، ما ينعكس سلبا على الأسعار، وطبعا شروط التمويل والتي تعد عنصرا معيقا لفئات واسعة دون إغفال مشاكل الجودة، وعدم احترام آجال التسليم، وعدم مهنية الإنعاش العقاري، والإكراهات الجبائية المرعبة للمشترين المحتملين، إلى جانب ضعف الدعم الحكومي لبعض المشاريع الرائدة... ويقترح معدو الدراسة إتباع نهج جهوي، لتحديد الجهات التي لديها حاجة حقيقية للسكن الإجتماعي، والتي تشكل أقطاب جذب للمنعشين العقاريين، مع الحفاظ على النظام الضريبي الحالي في جهات محددة، لخلق فرص الشغل واللجوء إلى شركات البناء المحلية واستعمال مواد بناء محلية كذلك، كما تقترح مساكن بأثمنة معقولة لفائدة الطبقة المتوسطة، في إطار عقد شراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام، بشروط تفضيلية ومواصفات تراعي انتظارات تلك الطبقة... مشاكل بالجملة ومقترحات متعددة، ليبقى المواطن (المستهلك) يعيش رفقة بعبع سكن يكبر يوما عن يوم، بعيدا عن حلول حقيقية تفك أزماته وتحقق أمله في العيش بكرامة، وهذا ما يفسر التكاثر المهول للعشوائيات والصفيحيات والتي باتت ملاذا لكثيرين بينهم أطر أحيانا هربا من طرقة آخر شهر ترهب كثيرين...