بعد مناسك العمرة سيجد رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران، عند عودته من الديار المقدسة، ضيفا ثقيلا ينتظره بمكتبه، ملف آخر، لا محالة، أنه سيكلفه توضيحا جديدا، يشرح فيه تفاصيل آخر تصريحاته بمجلس النواب عندما شكك في الأرقام المالية للحكومة السابقة . لا يتعلق الأمر بالرد على ما ينتظر أن يكون وزير المالية السابق صلاح الدين مزوار قد هيأه للرد على اتهام ابن كيران له بتزوير ملاح الوضع المالي للمغرب إبان ولايته الوزارية ضمن صفوف حكومة عباس الفاسي، ولا بالرد على باقي أطياف المعارضة، التي ثارت حفيظتها وتعالت أصواتها، بعد الأرقام والتصريحات التي شهدتها أخر مساءلة لرئيس الحكومة من طرف نواب الأمة بالغرفة الأولى إلى حد المطالبة بعقد اجتماع عاجل للجنة المالية والتجيزات والتخطيط والتنمية الجهوية بمجلس المتشارين بهدف التأكد من صدق كلامه، أكبر من ذلك رئيس الحكومة سيكون ، هذه المرة ، أمام امتحان الرد على استفسارات من صندوق النقد الدولي. أيام قليلة على موافقة مكتبه التنفيذي على منح المغرب خط ائتمان احترازي بقيمة 6.2 مليار دولار يمكن للحكومة أن تستعمله « كتأمين تحسبا لتدهور الأوضاع بشكل مفاجئ» ، يبدو أن تصريحات بنكيران قد وصل صداها إلى كوابيس صندوق النقد الدولي بواشنطن وتكلمت لغة الهواتف و البرقيات تستفسر حقيقة التشكيك في أرقام الحكومة السابقة خاصة و أنها أساس تعاملات الصندوق الحالية مع المغرب . كيف لا يسأل أصحاب القرار بالصندوق عما يتم تداوله داخل مجلس النواب ؟ بعدما عللت مديرته كريستين لاغارد الموافقة على خط الائتمان بكون « السياسات الاقتصادية للمغرب ساهمت في الوصول إلى نمو قوي وتضخم منخفض وقطاع مصرفي متين». ادريس الأزمي الوزير المكلف لذى وزير الاقتصاد و المالية بالميزاينة نفى أن تكون الحكومة توصلت رسميا بأي استفسار من صندوق النقد الدولي بخصوص تصريحات ابن كيران بمجلس النواب، متعبرا أن ما قاله رئيس الحكومة لا ينبغى اعتباره تشكيكا في الأرقام المالية لحكومة عباس الفاسي « رئيس الحكومة رد على تدخل وصف فرضيات القانون المالي بالهشة بأن الهشاشة هي التي ميزت فرضيات القانون المالي السابق » يوضح الأزمي . على العكس من ذلك، محمد دعيدعة، رئيس الفريق الفيدرالي بمجلس النواب يؤكد خبر استفسار صندوق النقد الدولي عن تكذيب الحكومة الحالية لأرقام الحكومة السابقة، كاشفا أن « مخاطبي الصندوق الدولي داخل وزار الاقتصاد و المالية قد توصلوا فعلا باستفسار بهذا الخصوص»، مشددا على خطورة ما قاله ابن كيران « ذلك يعني أن الحكومة السابقة كانت تتقدم أمام البرلمان بمعطيات مزورة بخصوص المؤشرات الإقتصادية للبلد ، خاصة و أن مستوى التنقيط الممنوح للمغرب من قبل المؤسسات الدولية المختصة تتم بناء علي تلك الأرقام»، يوضح محمد دعيدعة . بنفس النبرة تكلم صلاح الدين مزوار هو يعتبر أن اتهامات بنكيران خطيرة ومن شأنها الإضرار بصورة المغرب الخارجية ومصداقيته أمام المؤسسات المالية الدولية، التي تتابع الأرقام والمؤشرات الاقتصادية والمالية وتراقبها، وسبق لها أن أكدت صحتها.