في غمرة احتجاجه على فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، إبان جلسة الإثنين الماضي، قال رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران، إن من يجب أن يساءل اليوم عن الأرقام هو الذي كان يقول للمغاربة، إن نسبة العجز في الميزانية لن تتجاوز 3،2 ٪ في حين تركها في 6 ٪، ومن يجب أن يسأل عن الزيادة في أسعار المحروقات، هو الذي كان في كل قانون مالية يهيئه يبرمج هذه الزيادة دون أن يملك الشجاعة لفعل لذلك، ومن يجب أن يسأل عن عجز ميزان الأداءات، هو الذي كان ترك قانون مالية يقول إن أسعار البترول لن تتجاوز 75 دولارا للبرميل. وفي الواقع، ما كان ابن كيران يريد إيصاله للرأي العام، هو أن حكومته «ورثت معطيات مغلوطة» عن الحكومة السابقة. توجهت «الأحداث المغربية» بسؤال في الموضوع إلى إدريس الأزمي الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية. الأزمي الذي عقد لقاء مع مجموعة من الصحافيين تحت طلبهم بعد جلسة المساءلة العامة، قال إن قانون مالية السنة الماضية قدر العجز في الميزانية في حدود3،2 ٪، في حين أنه صوت على عجز يساوي 6،1 ٪. رقم آخر له دلالاته هو المتعلق بصندوق المقاصة الذي قدرت وزارة المالية السابقة حجم الاعتمادات التي يمكن أن تخصص له في قانون المالية المعدل لسنة 2012 في حدود ال17 مليارا، في حين أن الرقم الذي كان وضعته الحكومة الحالية كان هو 32 مليار درهم. سعر برميل النفط كان هو الآخر من الأرقام المغلوطة التي ورثتها الحكومة الحالية عن الحكومة السابقة، بحسب إدريس الأزمي فالحكومة السابقة قدرت سعر البترول في قانون ماليتها الذي تركته بين يدي الحكومة الحالية في 75 دولارا للبرميل، بمعنى آخر يقول الأزمي، إن حكومة عبد الإله ابن كيران ورثت في هذه النقطة لوحدها غلاف عجز يقدر ب12 مليار درهم كانت مضمرة، «لقد كان توقعا يصعب تصديقه» يضيف الأزمي. العجز في ميزان الأداءات هو الآخر كان من الأرقام المغلوطة التي ورثتها الحكومة الحالية عن سابقتها، وزير الميزانية قال في نفس حديثه «إن الحكومة السابقة قدرت نسبة العجز في ميزان الأداءات في 5٪ من الناتج الوطني الخام، وانتهت السنة ب8 ٪». في الخلاصة يقول الأزمي، إن الحكومة السابقة اعتمدت فرضيات هشة جعلت الحكومة الحالية مجبرة على تصحيح وضعيات قلبت فيها الأرقام تماما. الحكومة لا تملك بين أيديها غير الاستدانة والتقشف للخروج من الأزمة. هذا الرأي يخالف ماذهب إليه إدريس الأزمي، بين يدي الحكومة بحسب وزير الميزانية التوجه إلى نوادي الإقراض للاستدانة، في هذا الباب قال الأزمي إن المغرب سيتجه إلى منطقة الدولار عوض الأورو، تماشيا مع السمعة الجيدة للمغرب لدى المستثمرين في الخليج العربي، وفي الدول المتعاملة بالدولار، الحل الثاني المتوفر للحكومة هو بناء النموذج الاقتصادي المغربي، يحلل الأزمي هذا المعطى بالقول «إن من حظ الحكومة الحالية أن لا تستكين للارتخاء الذي كانت الحكومات السابقة تنعم به في ظل تحويلات مغاربة المهجر والموارد الضريبية وعائدات الخوصصة. تعول الحكومة الحالية على إنعاش قطاع الصناعة بعد التباشير الجيدة التي حققها قطاع صناعة أجزاء الطائرات وتصنيع السيارات، بالرغم من أن الأزمي لم يكشف عن أية تدابير في هذا الجانب». العودة إلى موضوع الخط الائتماني، الذي خول بموجبه صندوق النقد الدولي للمغرب ضمانا ب6،2 ملايير دولار، الأزمي استبعد كثيرا أن يكون الحصول على خط الائتمان بداية لسن تقويم هيكلي يخضع المغرب على غرار سنوات الثمانينيات للعديد من الإجراءات المصاحبة، الأزمي برر استبعاده لفرضية إخضاع المغرب لمجموعة من الشروط المصاحبة لحصوله على خط الضمان الائتماني بالقول، إن الاقتصاد الوطني الحالي لا علاقة له باقتصاد المغرب في الثمانينيات، فهناك قطاعات اقتصادية واعدة مثيل قطاع صناعة الطائرات التي نمت في المغرب ب26 ٪ في عز الأزمة، وقطاع السيارات التي تمكن فيها معمل «رونو» بطنجة من تصدير مليار درهم في السنة الحالية، بعدما صدر العام الماضي 20 مليون درهم فقط. جانب آخر عزز ثقة الأزمي في متانة الاقتصاد الوطني، هو المتعلق بقوة النظام الجبائي المغربي «نحن نتوفر على موارد قارة، يضيف الأزمي ونظامنا الجبائي ذو مردودية في انتظار توسيع الوعاء الضريبي».